الحالة العامة التي تَمر بها البلاد تدعو للقلق والخوف..القلق من حالة التسيب والانفلات في الشارع المصري الذي تعرض ومازال لكل الضغوط التي من شأنها تغيير السلوك والعادات التي كانت سائدة منذ عدة عقود.. والتي كانت تميز المجتمع المصري.. وبالرغم من أن مصر دائماً وابداً معرضة للغزو والاحتلال الذي يستنفد ثروات البلد ولكنه لم يستطع أن يستولي علي كنوز القيم والأخلاق والترابط التي يتحلي بها أهلها والتي جعلتهم يحتملون ما تعرضوا له ويقاوموه وينتصرون عليه.. لم يستطع الاستعمار أن يكسرإرادة هذا الشعب أوأن يضعف من إيمانه أويشعل الفتنة بين عنصري الأمة.. وحينما ذهب الاستعماروترك البلد.. وحينما تولي أمرها أبناؤها نجحوا ليس عن عمد في عشرات السنين في الحاق الضرر بها.. فيما فشل فيه الاستعمار لقرون.. فحينما نسترجع أحوالنا وما وصلنا اليه بأيدينا نجدالانهيارعلي كافة المستويات ولايمكن أن نلصق تبعات فشلنا علي الاستعمار الذي رحل وكانت ثروات البلد تكفي للنهوض والتقدم لو صلحت السياسات.. ولكن قادتنا علي مرالعقود الماضية تبنوا أهدافا متسرعة غير مدروسة سواء خارجية أوداخلية ونحن كشعب شجعناهم وأيدناهم.. قد يكون لجهل نتمتع به.. أو لكذب صدقناه.. أما الخارجية فلم نكن مستعدين لها معتبرين أن جلاء الإنجليز في توقيت مناسب لهم أننا قد طردناهم لقوتنا .رحم الله قادة عرفوا قدرأنفسهم وقدرات بلادهم وشعوبهم. فقبل أن نستثمر ثرواتنا في بناء بلادنا بناء قوياً يسمح لنا بمكانة حقيقية وسط المحيط العربي والإقليمي والدولي تخيلنا أننا نستطيع أن نحدث المعجزات في العالم.. فقمنا ونحن نحبوا بدعم كل من يقاوم الاستعمار بكل أشكال الدعم علي حساب استقرارونمووتقدم بلدنا.. ولم نتعلم من دروس التاريخ لا القديم ولا الحديث مما أثرأكبر الأثر علي اقتصادنا.. فكانت زعامة هشة مبنية علي شعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع ولذا حينما تعرضت لأول هزة عنيفة كانت كارثة سميت نكسة.. وبدأنا سياسات اقتصادية مجبرين عليها للخروج من المهانة التي تعرضنا لها فبدأنا بالقروض من الشرق والغرب وطبعاً بالفوائد حتي تضخمت بشكل مرعب.. حتي بعد النصرالذي منَّ الله علينا به.. كان من الصعب علي اقتصادنا أن يقوم بتسديد الديون وعمل خطط تنمية تسمح بالعودة الي نقطة البداية بعدالجلاء.. هذا علاوة علي وجود البعض ممن أرادوا استثمار النصر فتكونت فئة حاولت السطو علي ما تبقي لهذا الشعب ونجحت الي حد كبير في العمل لمصلحتهم في غياب الدولة التي يبدو أنها اكتفت بالنصروالسلام كأكبر إنجاز ألهاها عن البناء والبناء القوي الذي يمنع التعرض لأي أزمات أخري.. وحينما وجد المسئولون صعوبة في وضع السياسات السليمة الناجحة لعدم قدرتهم واستحالة الاعتراف بعدم القدرة أو التخلي عن السلطة كثقافة متوارثة لحب السلطة.. لجأوا إلي سياسات الترقيع التي أصبحت سمة لجميع الحكومات المتعاقبة وبالطبع لم يتوقف التأثير السلبي علي الاقتصاد فقط فقد تعدي ذلك الي الحياة السياسية والاجتماعية.. ومن فترة الي أخري ومن حكومة الي حكومة.. ومن قصور الي فشل.. مما جعل الكثيرين يتسابقون في الحصول علي المكاسب بكل الطرق وأصبحت الطرق غير الشرعية هي السائدة.. فانتشر الفساد حتي أصبح الأقوي.. حتي استسلم المسئولون والكثيرون أصبحوا من مروجيه.. مما انعكس علي جميع مناحي الحياة.. فاستشري الضعف والتردي وزادت المشكلات من تعليم الي صحة.. إسكان.. بطالة.. ارتفاع أسعارغير مبرر وغير مسيطر عليه.. وتفشي الفقر بصورة لا يمكن احتمالها مما أفرز ظواهرخطيرة مدمرة لا يمكن التغاضي عنها.. فعندما تتواجد الأسلحة البيضاء مع تلاميذ المرحلة الابتدائية وعندما تحدث حالات اغتصاب أطفال داخل المدارس.. وحينما يكون التحرش ظاهرة وعندما ينتحر الشباب العاطل.. وحينما تحدث جريمة قتل لخلاف علي عشرة جنيهات وعندما تكون البلطجة مصدراً للرزق.. وآخرها البلطجة التي تحدث في منافسات الانتخابات.. وحينما يتغير مفهوم الرشوة والتزوير وتصبح أسلوب حياة ويلجأ لها حتي المسئولين.. يجب أن نصاب جميعاً بالقلق.. لأن الانفلات أصبح ظاهرة.. وأخشي من العنف الموجه استغلالاً للاحتقان الشعبي الناتج من الصعوبة الحياتية التي تركها المسئولون إما عن عدم اهتمام بمعاناة الشعب.. أو طمعاً في احتمال هذا الشعب.. الذي جعلته الظروف يتخلي عن قيمه ومبادئه وهذا سر تخوفي.. أرجو أن ينتبه المسئولون قبل فوات الأوان.. فهل يحدث.؟ نتمني ذلك ولن نفقد الامل.