البرنامج الانتقالي الذي طرحه المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق لإنقاذ مصر.. برنامج أفلاطوني.. لا يمكن تحقيقه ولا في الأحلام، فالمعروف أن أي برنامج يخلو من آليات التنفيذ يصبح حبراً علي ورق شأنه شأن البرامج الحكومية الطموحة التي سمعنا عنها علي مدي ثلاثة عقود ولم نلمسها علي أرض الواقع. عودة إلي بنود البرنامج فقد دعا المستشار الخضيري إلي تشكيل حكومة انتقالية لمدة عام أو عامين تقوم بتحديد الرؤية السياسية وتمر بالبلاد من تلك الفترة العصيبة التي تعيشها علي أن يتم خلالها تعديل الدستور وتغيير النظام الانتخابي وتبعية جهاز الشرطة للجهات القانونية بعيداً عن السلطة التنفيذية حتي لا يكون لها يد في البطش بالمواطنين. وعلي عكس ما نعايشه من ضعف يصل إلي حد الموت لقوي المعارضة والتي لم تتجاوز حتي الآن مرحلة إصدار بيانات الشجب والإدانة والمقاطعة السلبية، زعم المستشار الخضيري أن جميع القوي الوطنية توحدت في موقفها الرافض لهذه السلطة واستمرارها وأن مصر تمر الآن بمرحلة مخاض التغيير الذي ساعد علي ظهوره تصرفات السلطة الحاكمة المستبدة. ولا أدري أين القوي الوطنية التي يقصدها المستشار الخضيري التي ستقود جموع الشعب الغاضبة إذا لم تستجب السلطة لرغبة التغيير السلمي. وأيضاً لم يوضح لنا الخضيري في برنامجه آلية وقف العمل بقانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين. ومن سيحدد سلطات رئيس الدولة وإخضاعه للمساءلة العامة.. وما هي آليات القضاء علي الفساد الحادث وحماية ثروات مصر من السلب والنهب واسترداد ما تم نهبه أو التفريط فيه.. وكذا إحكام الرقابة الشعبية وترسيخ مبدأ الشفافية وإعادة الهيبة لأحكام القضاء ترسيخاً لدولة سيادة القانون واستقلالية القضاء. كما تضمنت نقاط البرنامج الأفلاطوني الدعوة لتهيئة المناخ لعودة الديمقراطية والممارسة السياسية الصحيحة وتداول السلطة، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب والجمعيات الأهلية واخضاعها للقانون والرقابة الشعبية وليس السلطة التنفيذية وإعطاء الحرية الكاملة للشعب في جميع اختياراته. وشدد المستشار الخضيري علي أهمية فتح باب المشاركة الشعبية للخروج بالتصورات العلمية لمعالجة أزمات مصر وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لضمان الكفاءة والرقابة والاستقلالية وتنقية القوانين التي ظهرت في عصر الفساد والاستبداد وتغيير النظام الانتخابي في الترشيح والترشح والحيلولة دون استغلال المنصب في التربح. إلي هنا ينتهي البرنامج الأفلاطوني الذي وضعه المستشار الخضيري ووعد بطرحه علي جميع القوي السياسية لإبداء الرأي والتصويت عليه دون أن يحدد لنا من المقصود بالقوي السياسية؟ هل المقصود بها حزب الوفد الذي انسحب من الانتخابات البرلمانية بحجة أن الحزب الوطني مارس البلطجة والتزوير في الانتخابات وبطلان برلمان 2010، ثم فوجئنا بأن رئيسه الدكتور السيد البدوي يهرول لحضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان الباطل؟! وإذا لم يكن .الوفد. هو المقصود بالقوي السياسية.. فهل يقصد المستشار الخضيري حزبي التجمع والناصري اللذين يعانيان من الانشقاقات الداخلية والصراعات علي الكراسي القيادية بعد مشاركة كل منهما في المهزلة الانتخابية؟! أم تري المقصود بها الأحزاب الصغيرة التي تتسول الدعم السنوي، وهذا هو غاية المراد عندها من رب العباد؟ أم مجلس الشعب الذي استولي الحزب الوطني علي 79% من مقاعده؟ وربما لا يقصد هذا ولاذاك.. إذن لم يعد أمامه إلا الشعب للضغط نحو التغيير السلمي. هذا الشعب لم يعد قادراً علي التحرك بعد أن تم تعقيمه تماماً بالتجويع تارة.. والعصا الغليظة تارة أخري. تبقي كلمة أخيرة: البرامج كثيرة لكن المهم من يهتم ومن ينفذ؟!