يقول أحد الباحثين إن الذين يقومون بإخفاء مشاعرهم الحقيقية خلف ابتسامة مصطنعة عليهم أن يتوخوا الحذر لأن هذه الحياة المزدوجة قد تقتلهم، حيث إن اشتعال الحماسة والاهتمام في الوقت الذي يتم فيه اخفاء مشاعر الغضب والاحباط والملل يمكن أن يكون خطيراً للغاية. من منطلق أننا أصدقاء أو زملاء حاولت أن أنظر إلي وجهه لأعرف ما به أو ما يدور داخله، ليس بدافع الفضول أو التطفل، ولكن بدافع الصداقة والزمالة، ولكني فشلت في تحليل ما بداخله أو الوصول إلي أعماقه! لقد وجدت بعد زمن من المعرفة أن الضوء المنبعث من ملامحه يصل اليك باهتاً حتي أنه قد يحجب الرؤية لتجد نفسك وكأنك تحدق في غابة بلا أشجار. والأمر لا يختلف كثيراً داخل الأسرة الواحدة، إخوان وأخوات تختلف طبائع كل منهم عن الآخر حيث نجد أن أحدهم متصالح مع نفسه وقريب منها ومن الناس، وآخر يعيش في حاله، وآخر نجده عصبياً متوتراً وعاجزاً عن فهم نفسه وبالتالي لا يمكنه فهم الآخرين أو توصيل ما يريده لهم، لأنه لا يعرف ماذا يريد ولا يمكنه التعامل حتي مع نفسه. أما الآخر وهو الذي لا تلوح اشاراته مهما اقترب منك، أو اقتربت انت منه، فهو من لا تعرف بماذا يفكر، أو إذا ما كان يعيش نفس الاحساس الذي يرسمه علي ملامحه.. هل هو سعيد ما دام يضحك بهذه الطريقة الهستيرية؟! هل هو مريض مادام مكتئباً منذ أيام؟ هل يمثل دوراً في الحياة لا يمكن أن ينتقل منه إلي دور آخر بحكم أن الحياة مسرحية متعددة الأدوار؟! هذا النوع قد يستكثر الفرح علي نفسه فيخفيه، ليس خوفاً من الحسد أو أعين الآخرين، ولكن لأنه اعتاد أن يخفي مشاعره التي يعتقد أنها تعنيه وحده فقط ولا علاقة للآخرين بها، وبالتالي مهما اتسعت لديه الفرحة لا يمكنه أن يعيشها ويستمتع بها وتظهر أنوارها علي وجهه حتي عندما تتمكن منه مأساته تجده يدور في دائرة إحساس الاستهتار بالألم من خلال التعايش مع عبثية الموقف بالضحك والسخرية من نفسه للهروب مما يشعر به ومع ذلك عندما يسأل عما به؟ يقول: لا شيء.. نفس الهم الحياتي اليومي، ونفس الدوامة التي نعيش فيها! الأهم من ذلك أنك لا تعرف مشاعره نحوك رغم أنه قد يضمر لك الخير وقد يحبك ويتصرف بطريقة بها كثير من الود، لكن مفرداته لا تعكس ذلك، ولا تنم عن مشاعره الحقيقية التي ينبغي التعامل معها بسهولة وباحساس صادق تجاه الحياة بشكل عام، وتجاه الآخرين وبالذات في مشاعر الحب وعدم تقبل الآخر أو الاقبال عليه، حيث ينبغي أن يكون الإنسان صادقاً مع نفسه، فليس بالضرورة أن تقول لمن لا تحبه ذلك في وجهه، علي الأقل من منطلق اللياقة وتجنب التجريح، ولكن عليك أن تتعامل معه بطبيعتك وأن لا تمثل دوراً لا تقبله فلربما كانت المشاعر متبادلة وعليك أن تتواصل معه من خلال المشاعر الإنسانية الصادقة حتي تستمتع بها أولاً وتشعر انك إنسان طبيعي. إن إخفاء المشاعر الحقيقية تجاه شخص أو وضع ما يمكن أن يرفع ضغط الدم إلي درجة الانفجار، وقد يؤدي إلي الإصابة بأمراض القلب، وأكثر الناس عرضة للإصابة بأمراض القلب والضغط هم من تتطلب وظائفهم أن يكونوا بوجهين كجزء من عملهم. ومن أجل أن يتوازن مثل هؤلاء ولا يتعرضون لمزيد من الضغط جراء ارتداء وجهين عليهم أن يأخذوا إجازة من عملهم وأن يتفادوا الأوضاع المثيرة للضغط والإجهاد.