كشف موقع ويكيليكس النقاب عما سمي بالحرب السرية بين الولاياتالمتحدة والصين.. القوتين الاقتصاديتين العظميين من أجل السيطرة علي الموارد الطبيعية والمواد الخام التي تزخر بها القارة الأفريقية وعن دخول اوروبا في هذا الصراع الخفي باعتبار القارة الافريقية كانت مستعمرات اوروبية. وفضحت برقيات السفراء الامريكيين في دول مثل نيجيريا وكينيا و انجولا أن تنامي النفوذ الصيني في القارة السوداء يشكل تهديدا سافرا للمصالح الأمريكية هناك لكنها لاتصل إلي حد اندلاع مواجهة عسكرية بين بكين وواشنطن. وكشفت هذه البرقيات عن قيام الولاياتالمتحدة بشن هجمات سياسية متسارعة ومركزة منذ سنوات في محاولة منها لوقف ما تشعر بأنه غزو صيني للقارة يهدد مصالحها الاستراتيجية فكانت جولات المسئولين الامريكيين في دول القارة، وبدأت بزيارة الجنرال وليام كاب وارد أول مسئول أمريكي يدشن الجولات الدبلوماسية الأمريكية في أفريقيا.. وأخيرا زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش منتصف فبراير 2008 . وتنظر الولاياتالمتحدة إلي المنطقة التي تضم خاصة موريتانيا ومالي باعتبارهما معقل الجماعات المتطرفة حيث إن الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية هو الحرب العالمية علي الإرهاب وسعت الولاياتالمتحدة لإنشاء قيادة عسكرية لأفريقيا لمواجهة متطلبات الصراع مع القوي الكبري في الساحل الأفريقي حول من يهيمن علي ثروات المنطقة وفي مقدمتها النفط والغاز. وفي هذا السياق تعتبر المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي غربا إلي دارفور بالسودان شرقا في نظر خبراء البنتاجون وأرباب شركات النفط الأمريكية مستقبل الطاقة للولايات المتحدةالأمريكية واستنادا إلي التقارير الأمريكية، فإن الولاياتالمتحدة وخلال السنوات العشر المقبلة ستتزود ب 25% من احتياجاتها النفطية من هذه المنطقة وليس من الخليج كما هو الحال اليوم. وفي هذا الصدد تهدف الاستراتيجية الأمريكية تحت غطاء الحرب علي القاعدة ومن خلال إشراك دول المنطقة في هذا المخطط إلي الهيمنة والسيطرة علي بترول منطقة الساحل الأفريقي خاصة في نيجيريا وتشاد وموريتانيا. هذه المعطيات وغيرها تكشف مدي الأهمية الإستراتيجية للساحل الأفريقي في نظر الإدارة الأمريكية، حيث تبدو أفريقيا كساحة معركة استراتيجية جعلت منها القوي الطامعة مرتعا خصبا لتحقيق طموحاتها في السطو والهيمنة وتأكيد نفوذها وهو ما نلحظه من استعار المنافسة بين تلك القوي علي القارة الأفريقية، حيث قامت تلك القوي بمضاعفة نشاطاتها التجارية والعسكرية، بل تعدي الأمر إلي مساهمة تلك القوي في تشكيل وبناء النخب الأفريقية في جامعاتها كأسلوب متقدم في طريقة بسط النفوذ مستقبلاً. ومن خلال هذه التطورات يمكن النظر الي سير الامور فيما يتعلق بأزمة دارفور، فالنداءات الفرنسية الملحة والمتشددة من أجل تدخل إنساني عاجل في المنطقة إنما تهدف في حقيقة الأمر إلي التصدي للنفوذ الصيني المتنامي في تلك المنطقة بعد أن استطاعت بكين تجاوز أوروبا عن طريق أفريقيا ما جعل اوروبا غير قادرة علي مواجهة المارد الصيني في مستعمراتها القديمة وهو ما اضطر فرنسا مكرهة تحت تأثير هذه المنافسة إلي إبرام شراكة وتعاون عسكري مع الولاياتالمتحدة منذ أن أصبحت ذات توجه أطلنطي. ومن الملاحظ انه وبعد أن وضعت الحرب الباردة أوزارها وظهرت العولمة الجديدة في ثياب أمريكية، تكالبت القوي الكبري مرة أخري علي مناطق الثروة والنفوذ في القارة الأفريقية وظهر ذلك جليا عندما وقعت أحدث 11 سبتمبر في الولاياتالمتحدة باتت أفريقيا تُشكّل أهمية محورية في التفكير الاستراتيجي الأمريكي الجديد وهو ما ظهر في التنافس الأمريكي الأوروبي علي الوصول الي منابع الثروة في افريقيا من خلال العمل علي حماية خطوط التجارة البحرية والوصول إلي مناطق التعدين والمواد الخام وفتح الأسواق أمام حركة التجارة والاستثمارات . وسعت الولاياتالمتحدة علي اختلاف توجهات رؤسائها الي دعم ونشر قيم الليبرالية، ولا سيما تلك الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال التركيزعلي مناطق إقليمية معينة واختيار دولة أو أكثر تمارس دور القيادة مثل جنوب أفريقيا في الجنوب ونيجيريا والسنغال في الغرب وإثيوبيا في الشرق ومن خلال طرح قضايا معينة ووضعها علي قائمة السياسة الأفريقية للولايات المتحدة مثل الإرهاب والتطرف وتدفق المخدرات والجريمة الدولية وحماية البيئة وحقوق المرأة الأفريقية الخ الخ.