خيبة ثقافية، في سوهاج.. محافظة "الملك السمكة".. المرشحون لانتخابات البرلمان لايعرفون أهم وأعظم شخصيتين أنجبتهما سوهاج.. صاحب التاج المزدوج الأبيض والأحمر، والشيخ الذي لخص باريز " أي باريس. من سوهاج بزغت أول محاولة لتوحيد مصر، بعد كان المصريون منقسمين بين لونين التاج الأبيض الذي يمثل الوجه القبلي، والتاج الأحمر الذي كان يمثل الوجه البحري، وما كان يحدث في مصر القديمة شبيه بمباريات الكرة بين الخصمين اللدودين الاهلي والزمالك، انتصارات وهزائم، بين نظامين سياسين متحاربين، الي ان جاء رجل يعرفه المصريون بمينا أو " نعرمر " ويعني " إزميل سمك السلور "، امتلك ارادة عظيمة، استطاع ان يعيد الي مصر انسجامها السياسي الطبيعي، ويقضي علي فكرة الانقسام الي دولتين، إزميل سمكة السلور " بلدياتي من سوهاج، وله معبد شهير يعتبره الأثريون أهم معابد مصر، حيث يعد المعبد الذي لم تنل منه الطبيعة، وظل مكتملا حتي الآن، ويعد قبلة سياحية مميزة وبعد آلاف السنين، أنجبت سوهاج، رجلا أحدث تأثيرا هائلا خلال القرنين الماضين، تأثير يصب في اتجاه تماسك مصر السياسي، ووحدتها، حيث أسس مشروعا ثقافيا، اتفق معظم المصريين علي انه يناسب طموحاتهم، فيما يتعلق بالتحديث المطلوب في مصر، بعد أن كان عفريت التخلف قد ركب المصريين " قعقع " ودلدل رجليه ( القعقع تعبير فولكلوري صعيدي، وهو أن يركب الطفل أو الرجل او المرأة، كتفي انسان، ويدلدل رجليه علي صدره، ,احيانا من باب الدلع، يلكز الراكب المركوب بكعبي قدميه، ليستحثه علي السير، كما يفعل لا مؤاخذة مع حماره). هذا الرجل الذي وصفه المثقفون بالتنويري، هو رفاعة الطهطاوي، ومن ثم نحن السوهاجية أصحاب أهم مشروعين حدثا في تاريخ مصر السياسي والثقافي، منذ عهد المصريين القدماء، مرورا بالفتح العربي، الي العصر الحديث. لكن لو سألت كثيرا من مرشحي انتخابات مجلس الشعب في سوهاج، أو من سيختارونهم من المواطنين عن هذين الرجلين " مينا والطهطاوي " لأجابك عن مينا، بأنه موحد القطرين، ويقولها بتلقائية، كأنه يتحدث عن توحيد قطارين من قطارات الصعيد، ولقال لك عن الطهطاوي أنه من مركز طهطا وكان رجلا طيبا، وربما يقول لك بعضهم انه صاحب مكتبة الطهطاوي القابعة والمنزوية في ركن من مقر مجلس المدينةبسوهاج. لكن أن يكون هناك وعي حقيقي بأهمية التأثير العظيم، الذي أحدثه الرجلان في تاريخ مصر السياسي والثقافي، فهو أمر غير وارد بالنسبة لمواطن الشارع السوهاجي، ويظل هذا الوعي مقصورا علي النخبة المثقفة. هنا تكمن أزمة الثقافة في سوهاج، انها برغم ما تبذله الزمرة المثقفة في سوهاج من جهد، وما تبذله المؤسسة الثقافية الرسمية المتمثلة في قصر الثقافة والبيوت الثقافية التي تتبعه، الا ان المنجز الثقافي ظل بعيدا كثيرا عن طموحات المثقف السوهاجي، وان الهوة متسعة بين النخبة المثقفة، وبين الناس في سوهاج. الدور الثقافي لا ينشأ مصادفة، بل هو محصلة إرادة ثقافية عظيمة، تعي أهمية الدور، وعوامل تشكيله، واذا كان السوهاجية يطمحون في دور ثقافي يليق بمنجزهم السياسي والثقافي، فلابد ان يتكاتفوا، لا ان يتناحروا بسبب عملية سياسية انتخابية، لا تفرز في الاغلب أفضل العناصر، التي يمكن ان تمثل سوهاج في البرلمان. أقول ذلك بمناسبة الانتخابات القادمة، وأتساءل ماذا قدم المرشحون لعضوية مجلس الشعب في سوهاج الي الثقافة ؟ المحصلة لا شيء، ومن ثم نحن أمام نواب سيحملون حقائبهم للبرلمان، وهي خالية من أي مشروع ثقافي لسوهاج، هذا يعبر عن ضعف تأثير النخبة المثقفة في سوهاج في العملية الانتخابية، وضآلة قدرتها الي إحداث تأثير في الشارع السياسي، لان هذا يحتاج الي تنظيم داخل هذه النخبة، وأن تتكتل، مكونة قوي ضغط سياسي، حتي تحصل علي ركن في حقيبة النائب السوهاجي في البرلمان. يعد المرشحون الناخب السوهاجي، بتغير في اوضاعهم السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، يعدونهم بوظائف، منهم من يرشوهم بالمال، وكلها وعود علي ورق، او وعود في الهواء، وقليل من هؤلاء النواب من يفي ببعض تعهداته، لكنك ستلاحظ معي ان هذه الوعود تخلو من أي مشروع ثقافي لابناء سوهاج، فالثقافة في سوهاج، لضآلة حضورها بين الناس الذين غشيتهم الاحتياجات المادية، لم تدخل حتي في حيز الوعود الكاذبة، او الاوهام التي يعد بها النواب الناخبين، لا تفرق في ذلك بين نائب عن الحزب الحاكم أو المعارض او المستقل، خيبة ثقافية، في محافظة " الملك السمكة " صاحب التاج المزدوج الأبيض والأحمر، والشيخ الذي لخص باريز " أي باريس " خيبة ثقافية، في سوهاج..محافظة " الملك السمكة "..المرشحون لانتخابات البرلمان لايعرفون أهم وأعظم شخصيتين أنجبتهما سوهاج.. صاحب التاج المزدوج الأبيض والأحمر، والشيخ الذي لخص باريز " أي باريس.