سئلت الأم تيريزا ذات يوم عن متي ينتهي الجوع من العالم والأم تيريزا هي الأشهر والأهم في عمل الخير علي المستوي العالمي.. فلقد كرست حياتها كلها من أجل الآخر وحين ماتت تركت مكانها فارغاً لأنه لم يكن أحد مثلها.. قالت الأم تيريزا إجابة عن هذا السؤال: عندما كنت طفلة صغيرة، جاء أحدهم إلي بيتنا وأخبرنا عن عائلة هندوسية فقيرة عندها ثمانية أولاد لم يأكلوا شيئاً منذ أيام فأخذت صحناً من الطعام وذهبت إلي تلك العائلة فرأيت الجوع في عيون الأطفال إلا أن الأم أخذت الصحن شاكرة فوضعت نصف ما فيه من طعام في صحن آخر وخرجت لتعود بعد قليل والصحن فارغ.. فسألتها ما فعلت بالطعام؟ قالت وهي تشير إلي باب جيرانهم وهم أيضاً لم يأكلوا مثلنا منذ أيام.. فرجعت إلي بيتي وقد تعلمت الكثير وتضيف الأم تريزا: .تسألوني متي ينتهي الجوع في العالم وأنا أجيبكم: عندما نبدأ، أنت وأنا وهو وهي بتقاسم ما هو موجود.. وهذا مربط الفرس فما يحدث في مصر الآن من تفاوت طبقي وناس تأخذ كل شيء وناس لا تأخذ ولا شيء وناس تأكل حتي التخمة حتي الطبقة الوسطي لم تعد قادرة علي سد حاجاتها الأساسية من مآكل.. هناك جوع.. حقاً والجوع أخطبوط مارد يلغي العقل ويدمر كل من حوله.. الأنسان حين تريد منه أن يكون إنساناً له فضائل الإنسانية لابد أن يعامل كإنسان وأبسط حقوقه أن يأكل ليقوي علي متابعة الحياة فوالله لقد رأيت سيدة تلبس النقاب حتي لا يعرفها أحد وهي تقلب في الزبالة والتي تغمر شوارع القاهرة وتضع في كيس تحمله معها كسرات الخبز وبعض المأكولات العفنة وحين اقتربت منها برفق حتي أساعدها ابتعدت عني حتي لا أعرفها ورحلت مسرعة وبكيت بحرقة علي هذا المنظر غير الحضاري والذي يتكرر في كل مكان في شوارع مصر ولا حياة لمن تنادي.. والسرقة والنصف تفشيا وبشكل مقزز بين الناس فما من مرة راجعت فاتورة في كافتيريا أو مطعم أو سوبر ماركت أو مكتبة أو مع بواب العمارة أو حتي صديق لي اشتري لي بعض الأشياء أو طلبت منه خدمة إلا ووجدت المزايدة والنصف حتي أنني أصبحت أراهن نفسي علي فاتورة تأتيني لمراجعتها ودائماً ما أخسر الرهان مع نفسي علي أنه لم يعد هناك ضمير وأن السرقة والنصب أصبحاً حقاً مكتسباً.. دخلت مكتبه لأغلف بعض الهدايا وقابلتني فتاة جميلة وأنيقة واختارت هي الورق وتحمست معها زميلتها في العمل ليعطياني أفضل خدمة بلباقة مدروسة وسعدت بهما ولكن سرعان مازالت سعادتي حين علمت السعر 60 جنيها وصممت أن أصل لمدير هذه المكتبة وعلمت أن السعر المطلوب 20 جنيها فقط وأنا كنت أنوي أن أضع في يد الفتاة التي قامت بالعمل عشرة جنيهات بقشيشاً يعني ما أدفعه كله 30 جنيها كيف وصل إلي ستين ومع كل زبون سيحدث ما حدث معي فأصابتني الحسرة علي ما يحدث في مجتمعنا المصري فوالله إني أسافر كل سنة حوالي خمس أو ست سفرات إلي بلدان شتي ولم أجد أو ألمس أو أري ما أراه في مصر الآن حتي أنني أصبحت أخجل من كوني مصرية.. فمن أجل مصر وتراب مصر وسماء مصر دعونا نقف وقفة مع الذات ونسأل أنفسنا لماذا؟ ونلغي الأنا ونفكر في الآخر الذي هو منا هو أخ وأب وزميل وجار هو مصري. مقولة أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاه ينطقني.. ولا ألقي سوي حزن علي حزن علي حزن وأشباح بشكل بشر تدميني وتقلقني