سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مازال حبيس المخازن .. هل.. عودة تمثال ديليسبس إهانة للنضال الوطنى؟ نوار: لا يمكن تجاهل مهندس القناة الأولى ..هويدى: لابد من استبداله برمز لكفاح الشعب المصرى منجى: وجوده مجرد توثيق تاريخى لقصة القناة
لاتزال أزمة تمثال »ديليسبس« مهندس القناة الأول مستمرة فهو حبيس فى مخازن الترسانة البحرية بهيئة قناة السويس منذ قرار أبناء بورسعيد المدينة الباسلة إزاحته من قاعدته الشهيرة بوصفه تجسيدًا لحقبة من الظلم والاستبداد عاشها الشعب المصرى تحت قهر الاحتلال والاستعمار الأجنبى. وفى كل مرة تتجدد المطالبة بعودة التمثال لقاعدته يقابل هذا بحملة ترفض هذه الفكرة تماماً، ولا تزال أزمة عودة تمثال ديليسبس.. إذ يرى البعض ضرورة إعادته لموقعه القديم من أجل تنشيط السياحة وخاصة التى تأتى من معقل ديليسبس أى من الدولة الفرنسية كما سيحقق ذلك رواجا اقتصادىا، بينما نجد عاصفة من الرافضين للفكرة مؤكدين أن عودته ستكون نقطة سوداء فى تاريخ المدينة الباسلة. تمثال فلاحة مصرية ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن »ديلسبس« كان كلمة السر التى اختارها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لتنفيذ خطة تأميم القناة فهو المهندس الفرنسى الذى أشرف على تنفيذ مشروع قناة السويس أهم ممر ملاحى استراتيجى بالعالم. ويرى الكثير أن عودة التمثال هو إنصاف للتاريخ.. ولا يفوتني هنا أن أذكر واقعة شهيرة أنه كان من المقترح أن يوضع قبل تمثال ديليسبس وقت نحته تمثال لفلاحة مصرية حيث بدأت قصة تمثال الفلاحة حين جاء النحات الفرنسي بارتولدي في عام 1869 إلى مصر حاملا معه نموذجًا مصغرا عن التمثال بطلب من الخديوي نفسه، فاقترحه عليه بديلا عن مشروع تمثال ديليسبس ليأتي كرمز لحرية الملاحة والصداقة بين الشعوب مع عبارة «مصر منارة آسيا» في قاعدته حين نصبه عليها عند مدخل قناة السويس، لكن الخديوي فوجئ بالتكاليف وخزينة البلاد خاوية، ولم يبق مال لدفع ما يزيد على 600 ألف دولار كتكاليف للتمثال وقاعدته وملحقاتها، بسبب ما تم دفعه لحفر القناة وحفل افتتاحها، فصرف النظر تمامًا عن التمثال، وولى الفرنسي بارتولدي وجهه شطر الولاياتالمتحدة متساهلا مع الأمريكيين أكثر بكثير مما تساهل مع المصريين. .وعرض النحات الفرنسي أن يكون تمثاله هدية تقدمها فرنسا للولايات المتحدة لمناسبة المئوية الأولى لاستقلالها، مشترطا أن يكون بناء القاعدة على عاتق الأمريكيين، فوافقوا سريعا، ومضى تاركا للمصريين مشروع تمثال أرخص وأصغر صنعوه في فرنسا بعد 30 سنة لديليسبس، ولم يكلف وقتها 50 ألف دولار مع قاعدته البالغ ارتفاعها 9 أمتار. ومن الطريف أن معظم من يزور تمثال الحرية الشهير بنيويورك لا يعرف أنه لفلاحة مصرية من مدينة الأقصر رآها الفنان بارتولدي وكان تمثالها سيرتفع قبل أكثر من 125 سنة عند أهم معبر مائي في العالم، لولا الظروف المادية التى كانت تمر بها مصر آنذاك. ماذا يقول الفنانون ؟ وفى استطلاع لبعض آراء النقاد والفنانين حول هذا الموضوع.. فى البداية كان لقاءى مع الفنان الكبير الدكتور أحمد نوار الذى علق قائلاً: لا أحد يستطيع تغيير حقائق التاريخ..حتى بعض مزورى التاريخ يفضحهم التاريخ نفسه لاحقا...وفى هذا المقام لابد أن نوضح الفرق بين صناع الكوارث التى تدمر حياة البشر وبين صناع الخير للبشر..والمتاحف التاريخية تجمع كل هذه الأصناف...الصهاينة الذين احتلوا سيناء ذكراهم فى مزبلة التاريخ...أما مهندس القناة الأولى الأصلية ديليسبس لايمكن تجاهله...ولا متحف تاريخ القناة الذى اقترحته لابد أن يوضح بجلاء صاحب الفكرة المهندس المسئول عن المشروع وآلاف العمال المصريين...هم صناع المشروع..إذن أوافق على عودة تمثال ديليسبس.. وأقترح تنفيذ تمثال للإنسان المصرى الذى حفر قناة السويس بيده وبعرقه..التمثال من إبداع الفنان المثال الكبير آدم حنين على إحدى الجزر بمدخل قناة السويسببور سعيد..أو بمدخل قناة السويس بالجنوب بمدينة السويس...فالابداع الإنسانى منذ الخليقة حقق الكثير من القيم والمشروعات والنظريات العلمية التى تجاوزت حدود المحلية وخدمت العائلة البشرية فى العالم...وقناة السويس الأولى تمتد خدماتها إلى العالم...وأصبحت موردا أساسيا للاقتصاد المصرى. هويدي غاضب لكن ثمة معارضة عودة التمثال بقوة من سيد هويدى الناقد التشكيلى وعضو المجلس الأعلى للثقافة الذى تحدث ل«الأخبار المسائى» معرباً عن غضبه من فكرة عودة من يمثلون الاحتلال الأجنبى لمدخل قناتنا (قناة السويس) وقال أنا لست ضد أن يوضع عمل فني لنحات غير مصرى بمدخل القناة ولكنني ضد الرمز غير المصرى الذي سيوضع، فأين هويتنا المصرية وأين ماضينا المليء بالكفاح والقصص التي يتحاكي بها كل من حولنا، توجد ميادين كثيرة فى مصر بها تماثيل لأجانب مثل ميدان جاردن سيتي والذى يطلق عليه ميدان (سيمون بوليفار) وهو القائد والزعيم مؤسس دولة كولومبيا الكبرى الذى يعود أصله إلى أمريكا الجنوبية وفى المقابل يوجد تمثال لأحمد شوقى بقلب روما.. ولكنني أطالب بأن يكون بمدخل القناة العظيمة (قناة السويس) أى رمز يدل على كفاح الشعب المصرى العظيم. الظروف تغيرت أما الناقد والفنان التشكيلى الدكتور ياسر منجى فهو مؤيد بقوة إعادته لموقعه على قاعدته المشهورة، حيث أن الظرف السياسي الذي استدعى إزالته قد أصبح في ذمة التاريخ، ووجوده حالياً لن يكون إلا مجرد توثيق تاريخي لقصة القناة، بعيداً عن أي سياق استعماري، كما أن العديد من دول العالم تحتفظ على أراضيها بتماثيل ونصب تذكارية، لشخصيات معروفة من غير مواطنيها، فضلاً عن كون النحاتين والمعماريين الذين أسهموا في إقامتها ليسوا من مواطني تلك البلاد، كما هو الحال في تمثال الحرية، الذي نحته الفرنسي بارتولودي، ومع ذلك لم يمنع ذلك أن يصبح أشهر رمز للولايات المتحدةالأمريكية. ضد تزييف التاريخ ومن المؤيدين أيضًا لعودة ديليسبس لقاعدته الفنان جمعة فرحات فنان الكاريكاتير الكبير الذي يؤكد على أنه ضد تزييف التاريخ فيرى أنه مهما حاولنا أن نغيرالتاريخ فهو لايتغير أبداً فمن منا يستطيع أن يذكر مشروع قناة السويس بدون أن يذكر ديليسبس صاحب فكرة المشروع.. كما أشار جمعة أننا شعب يقدر ويحترم التاريخ بالإضافة إلى أن التمثال رائع من الناحية الفنية وكل مايقلقني أنه فى حالة ماتم استبداله بآخر.. هل سنجد عملا راقىا يحل محل تمثال ديليسبس فى ظل المستوى المتدنى الذي نسمع عنه كل يوم في ميادين محافظات مصر المختلفة ؟.. فنحن نفتقد لأعمال تماثيل نحاتنا الكبير الفنان مختار.