لم يعد هناك مجالا للشك فى أن مصر عادت الى وضعها الطبيعى جغرافيا وتاريخيا بعدما بدأ التناغم الواضح فى البعد السياسى المصرى مع متطلبات علاقات التعاون فى مختلف المجالات مع الدول العربية الشقيقة وبدأت المسافت فى الاقتراب بين الدول العربية وشقيقتهم الكبرى مصر وأدرك المواطن المصرى بالدليل أن لديه قيادة سياسية واعية تدرك مكانتها الكبيرة وتعرف دورها الهام الذى تضطلع به فى المنطقة وتسعى لتعزيز هذا الدور عربيا واقليميا ومن بين هذه الدلائل أنه قبل انعقاد القمة الخليجية التى تنطلق اليوم الثلاثاء فى الدوحة كانت زيارة الرئيس السيسى للمملكة العربية السعودية ولقائه بشقيقه العاهل السعودى الملك سلمان والذى تم خلالها بحث العديد من الملفات وفى مقدمتها التنسيق الشامل بين البلدين فى مختلف المجالات علاوة على بحث مستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية والتطورات الجارية في اليمن وسبل الحفاظ على وحدة هذا البلد الشقيق فضلا عن أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لعدم السماح بالمساس بأمن البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية كما أجرى سامح شكرى وزير الخارجية مباحثات فى اثنتين من العواصم الخليجية الهامة خلال زيارته إلى البحرين الملك حمد بن عيسى ووزيرخاجيته الشيخ خالد بن أحمد وتم بحث مختلف الملفات التى تهم المصالح المشتركة للبلدين كما أكد شكرى لنظيره البحرينى على ارتباط أمن مصر بأمن الخليج وفى سلطنة عمان التقى شكرى وزير الخارجية يوسف بن علوى وأجرى معه مباحثات حول العلاقات الثنائية وسبل تعميقها فى مختلف المجالات والتشاور حول عدد من القضايا الإقليمية الهامة فى منطقة الخليج والمنطقة العربية. وفى اطار التأكيد على التزام مصر بدورها العربى وهى التي تمتلك واحدا من أكبر الجيوش في المنطقة وتشارك في التحالف الذي تقوده الرياض ويستهدف بضربات جوية في اليمن المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران أعلنت الحكومة أنها مدت لثلاثة أشهر فترة نشر "بعض عناصر القوات المسلحة" خارج الحدود المصرية وهو دليل واضح على التزام مصر بأمن دول الخليج. ويأتى كل ذلك قبل اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجى الست العربية الثلاثاء فى قمة الدوحة الذى يعقد فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها العديد من الدول العربية وبصفة خاصة منطقة الخليج والتى يحضرها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وهو اول رئيس غربي يحضر قمة خليجية منذ قيام مجلس التعاون في 1981 ويسعى القادة فيما بينهم للتنسيق والرد على تهديد التطرف الاسلامي وانعكاسات الحرب في اليمن التي تثير توترا مع ايران حيث تخشى دول مجلس التعاون الخليجي من التمدد الايرانى وأطماعها فى المنطقة كما تخشى حيازة طهران السلاح النووي رغم الاتفاق المبرم قبل شهر بين ايران والقوى الكبرى وبينها الولاياتالمتحدة وفرنسا والذي ينص على الحد من قدرات ايران النووية في مقابل رفع العقوبات الدولية عليها. وتبرز أهمية القمة الخليجية فى أنها تاتي قبل اسبوع من اجتماع قادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يرغب في تهدئة مخاوف حلفائه العرب من تقارب بين واشنطنوطهران كما سيبحث معهم النزاعات الاقليمية وعلاقات التعاون المشترك فى مختلف المجالات ومنها السياسة والعسكرية حيث تشارك معظم دول المجلس في غارات التحالف الذي شكلته الولاياتالمتحدة للتصدي لتنظيم الدولة الاسلامية المتطرف خصوصا في العراق وسوريا. وفى الحقيقة لم يكن غريبا على الرئيس السيسى حين قال منذ يومين عقب اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة "إن مصر لن تتخلى أبداً عن أشقائها فى الخليج ولا عن الأمة كلها حيث سنقوم بالدفاع عنهم وحمايتهم إذا تطلب الأمر"و هو كلام فى الواقع يجسد الموقف الحقيقى لمصر الثابتة على مواقفها الداعمة للعروبة ويعكس رؤيته لمقتضيات الأمن القومى العربى خلال المرحلة الصعبة التى تمر بها الدول العربية وعلينا كمصريين أن نفخر بقيادتنا السياسية .