"المركزي للمحاسبات" طالب بكشف الجاني !! من المسئول عن اختفاء 1578 قطعة آثار من المخزن المتحفي بتل بسطا ؟! العدوان علي "أقصر الدلتا" يستهدف كشف تاريخ العبرانيين وبنى إسرائيل !! المسئولون استبدلوا القطع المفقودة بأخرى "لقيطة" للتغطية علي الكارثة !! مافيا التهريب الصهيونية تنهب آثارنا لتحقيق الحلم الإسرائيلي بإنشاء متحف ؟! تقرير محمد طاهر تل بسطة أهم المواقع الأثرية بالوجه البحري حتى أطلق عليها العلماء " أقصر الدلتا " نظراً لما تضمه من آثار ذات أهمية كبيرة خاصة أنها كانت المفتاح الحضاري لحضارة شرق الدلتا والتي تمدنا بالمعلومات التاريخية عن علاقات مصر الخارجية ببلدان الشرق الأدنى القديم في المراحل التاريخية المتعاقبة، وتمتد آثارها منذ عصر ما قبل الأسرات حتى نهاية العصر البيزنطي أي أن تاريخها يربو على 3500 عام، حتى أن المؤرخ الشهير هيرودوت - أبو التاريخ - حين زارها وصفها بأنها مرتفعة دون سائر البلاد المصرية نتيجة تراكم الطبقات الأثرية بعضها فوق البعض، وذكر عن معبدها أنه أجمل معبد شاهده في مصر، وذكرها "ديودور الصقلي" و"سترابو" وذكرا أنها كانت من أبرز المدن المحصنة، تل بسطة تضم معبداً لإله الدولة الرسمي آمون ومقابر من الدولة القديمة ومعابد استخدمت في عصور متعاقبة، أي أن المصريين القدماء قد صنعوا حضارة أشاد بها العالم قديماً، كما زخرت مؤلفات علماء الآثار في العصر الحديث بزخم كبير من الكتب التي اختصت بها تل بسطة وأشهرهم "ادوارد نافيل" و"فلندرز بترى" وغيرهما من العلماء البارزين الذين أخرجوا مئات المجلدات عن تل بسطة الذي ما زال يخفى في باطنه أضعاف ما تم كشفه أو نشره حتى اليوم، لكن ماذا فعل المصريون المحدثون بتل بسطة ؟! .. "المسائية الأسبوعي" في إطار حملتها ضد الفساد في الآثار ألقت الضوء علي ما يحدث بمنطقة آثار تل بسطا في هذا التقرير .. تتعرض منطقة أثار تل بسطا إلى عدوان صارخ وخطير على مدار السنوات الماضية، وكانت مصادر داخل هيئة الآثار قد كشفت سابقا عن استمرار سرقة كميات كبيرة من آثار منطقة تل بسطا بالزقازيق وعدة مناطق أثرية في الشرقية وسيناء، وتهريبها إلى إسرائيل بحجة أنها آثار يهودية. وأشارت المصادر إلى استمرار إسرائيل في سرقة آثار تزعم أنها آثار يهودية، في الوقت الذي رفضت فيه إعادة عدد كبير من القطع الأثرية التي كانت قد نهبتها ونقلتها إلى متحفها أثناء احتلالها لسيناء. وكانت هناك محاولات مكثفة لعدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي بتحريض من المنظمات اليهودية في أمريكا لممارسة الضغوط على الحكومة المصرية قبل الثورة لإقامة متحف يهودي في مصر، وكان الحاخام اليهودي الأمريكي أندرو بيكر مسئول العلاقات الدولية في اللجنة اليهودية الأمريكية قد تقدم بطلب إلى وزير الخارجية أحمد أبو الغيط آنذاك لإقامة متحف يهودي في القاهرة يضم كل آثار ومقتنيات اليهود وأجدادهم من بني إسرائيل أثناء وجودهم في مصر، وبدأت بالفعل إجراءات البحث والحصر لأية مقتنيات وآثار يهودية في مصر لمعرفة عددها وأنواعها، وبيان ما إذا كانت تحتاج لإقامة متحف مستقل أو يمكن عرضها في المتاحف القائمة وتسجليها باعتبارها جزءا من التراث المصري. إلا أن د. زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق أرسل ردا لوزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط، أكد فيه أن مصر ليست على استعداد لإنشاء متحف يهودي بالقاهرة لأنه لا يوجد لدي قطاع الآثار ما يكفي من الآثار اليهودية لإنشاء هذا المتحف. كما أن مؤمن زعرور نائب الإخوان بمجلس الشعب كان قد تقدم بطلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الخارجية حول مطالب حاخامات اليهود بإقامة متحف للآثار اليهودية في القاهرة، وشمل طلب الإحاطة أيضا قضية قيام عدد من البعثات اليهودية بالتنقيب عن الآثار في تل بسطا بالزقازيق وهو ما حال دون تحقيق الحلم الإسرائيلي في إنشاء متحف يهودي بمصر. وصحيح أن الرعيل الأول من الأثريين كانوا قد استطاعوا منع التعديات وعمليات الاستيلاء المنظمة التي بدأت في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حيث يظهر لنا محضر تعدى حرره الأثري "عبد الحليم رزق" مدير عام الوجه البحري الأسبق – رحمه الله - مع آخرين بتاريخ 23/2/1985م، وامتد خط الدفاع عن تل بسطا في عهد "د. محمد إبراهيم بكر" رئيس هيئة الآثار الأسبق الذي اصدر قرار الإزالة رقم 1377 بتاريخ 13/7/1992م، .. إلى هنا والأمور تسير بصفة قانونية حتى تولى د. محمد عبد المقصود منصب مدير عام آثار شرق الدلتا وسيناء والقنال وبدأت أعمال السطو المنظم على الأراضي الأثرية بتل بسطا والمسجلة بالسجل العيني بمحافظة الشرقية وقدرها 117 فدان أراض أثرية لم يتبق منهم الآن إلا عدة أفدنة بالكاد بينما تم التصرف في المساحة الأخرى بطرق يعجز الشيطان عن تنفيذها، منها عملية تسليم 8 أفدنة لصالح ورثة "عبد المجيد سرحان" والذين قاموا بدورهم ببيع تلك المساحة لعضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني "أحمد فؤاد بغدادي" وشهرته "أحمد أباظة" وتناولت اللجنة الدائمة للآثار المصرية الموضوع في عدة جلسات وأثبتت إحدى اللجان وجود آثار هامة في المساحة التي تم جسها على نفقة المواطن إلا أن اللجنة أوصت بتسليم الأرض والتنازل عنها !!!! على الرغم من أنها تبعد 10 متر فقط عن معبد آمون في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الآثار!! وهو ما أدي آنذاك إلي تقديم عدد من الشرفاء لاستقالتهم من بينهم "د. عبد الرحمن العايدي" رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطي والأثري "نور عبد الصمد" مدير عام التوثيق الأثري بقطاع المتاحف ومدير عام إدارة المواقع الأثرية آنذاك. هذه الأرض التي تبعد عن معبد آمون بحوالي 10 مترات والموجودة بمنطقة آثار شرق الدلتا بالزقازيق في تل بسطا بمحافظة الشرقية مليئة بالزخم المعلوماتي لاعتبارها سجل شرق الدلتا الذي يحوي تاريخ العبرانيين وبنو إسرائيل في مصر، ولذلك لم يرحم اللصوص هذه المنطقة من السرقات المنظمة التي شهدتها تل بسطا خاصة في هذه المنطقة بالتحديد. الجدير بالذكر أن محاضر اللجنة الدائمة للآثار بلجانها الفنية المختلفة التي قامت بمعاينة الموقع بتل بسطا أكدت أن هناك آثار مهمة في الموقع .. لكن تعليمات د. زاهي حواس لأعضاء اللجنة كانت بالموافقة علي التنازل للأرض الأثرية لعضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني !! والغريب في الأمر أن د. زاهي حواس بعد توليه منصب أمانة المجلس الأعلى للآثار بحوالي عام ونصف قام بزيارة وحيدة لتل بسطا وعندما شاهد الحفر والمجسات التي تجري في معبد آمون طالب بضم هذه الأراضي للمناطق الأثرية فورا إن لم تكن ملكا للآثار ... وفي الحقيقة ومن واقع السجل العيني بالزقازيق فهذه الأراضي كانت بالفعل ضمن أملاك الآثار، إلا أن الآثار- للأسف – تخلت عنها ببيعها لصالح عضو الحزب الوطني !! هذه الكارثة ليست هي الأولي من نوعها فهناك قصة تعود إلي عام 2003 يحكيها الأثري د. نور عبد الصمد عندما أصدر د. زاهي حواس القرار رقم"3504" والصادر بتاريخ 7-12-2003م والموقع منه بعد توليه منصب الأمين العام بعام ونصف والذي يؤكد فقدان عدد "1578" قطعة آثار من المخزن المتحفي بتل بسطا وذلك وفق محضر لجنة الجرد الصادر بناء علي قضية منظورة أمام النيابة الإدارية آنذاك. وهو ما دفع أحد شرفاء الجهاز المركزي للمحاسبات إلي الاهتمام بهذا الأمر حيث اعتاد علي توجيه خطابات بشكل متكرر لحواس من بينها الخطاب رقم " 2150" والصادر بتاريخ 19-4-2004م وذلك للاستفسار عن المسئول عن فقدان القطع الأثرية البالغ عددها "1578" قطعة من المخزن المتحفي بتل بسطا والكشف عن غموض اختفائها وعن المتسبب في ذلك لتحميل وتثمين هذه الآثار وخصمها من المتسبب في فقدانها بأي طريقة كانت. إلا أن د. زاهي حواس بسبب الضغوط التي يواجهها بالخطابات العديدة للجهاز المركزي للمحاسبات والتي تطلب منه كشف غموض اختفاء القطع إل "1578" وعن المتسبب في فقدان هذه الآثار قام بتشكيل لجنة عام 2009م برئاسة عبد الوهاب عواد والذي كان يعمل مدير في المساحة والأملاك في الآثار وليس له خبرة بالآثار .. حيث قامت هذه اللجنة بمطابقة بعض الآثار "اللقيطة" مجهولة المصدر والموجودة بالمخزن المتحفي بتل بسطا بالآثار المفقودة واستبدال عدد منها بها في محاولة منه للتغطية علي السرقة التي حدثت وإيهام "المركزي للمحاسبات" بأنه وجدها !! ومن الطرائف في الآثار أن "عبد الوهاب عواد" رئيس اللجنة التي شكلها "حواس" أمضي أياما في أحد الفنادق خلال 4 سنوات قام فيها بهذه المهمة علي حساب المجلس الأعلى للآثار أي علي نفقة الشعب. ومن ضمن ما أنفقه "عواد" بمال الشعب طبق "شوربة" تناوله "عواد" مقابل 80 جنيها !! المهم أنه أدي مهمته التي كلف بها من أجل التغطية علي القضية واستبدال القطع المفقودة بالقطع "اللقيطة" مجهولة الهوية. والسؤال هنا هو هل يعيد د. محمد إبراهيم وزير الآثار الحالي التحقيق في وقائع الفساد العديدة بالوزارة ويفتح ملفات الفساد بالآثار حتي يحدث التطهير الذي ينادي به الجميع، أم أنه يسير كما يتردد بالآثار علي مبدأ "عفا الله عما سلف"؟!!