بقلم:جمال حسين تطبيقا لقول الله تعالى "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا "جاء الاستقبال الأسطورى للرئيس الروسى فلاديمير بوتين رسمياً وشعبياً رداً على الاستقبال الرائع الذى استقبل به الرئيس السيسى خلال زيارته الأولى لموسكو، فى أغسطس من العام الماضى. هذا الاستقبال الحار جدا من القاهرة لبوتين خلال زيارته الأولى لمصر منذ عشر سنوات كان بمثابة رسالة شديدة اللهجة لأمريكا وللغرب كافة أصابت صناع القرار هناك بالارتباك.. الاستقبال الرائع لبوتين وجه رسالة للجميع بأن مصر تحتفظ بنوع من الإستقلال ولديها خيارات بعد اضطراب العلاقات بين القاهرة وواشنطن نتيجة الدعم الذى قدمته أمريكا للإخوان قبل وبعد الإطاحة بحكمهم. زيارة بوتين لمصر جاءت فى وقت تكاد فيه المؤامرات الامريكيةالغربية تحاك ضد كل من روسياوالقاهرة لإحكام الحصار عليهما اقتصاديا وسياسيا حتى تركعان لأوامر الغرب. الزيارة أصابت إسرائيل بالفزع حيث اعتبرها محللون إسرائيليون أنها محاولة لتوسيع النفوذ الروسى فى العالم العربى. الزيارة أعادت الدفء للعلاقات المصرية الروسية التى كانت فى أوج ازدهارها خلال فترة الستينيات حتى أواخر السبعينيات فى عصر السوفيت، أثناء عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهى الفترة التى كانت فيها مصر بعيدة عن الولاياتالمتحدة، وحينها قام الاتحاد السوفيتى بتسليح الجيش المصرى بأنظمة أسلحة متطورة، وإرسال مستشارين سوفيت ساعدوا فى تطوير الجيش المصرى وبناء السد العالي..لكن شهر العسل بين مصر والاتحاد السوفيتى انتهى عام 1979، بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل برعاية أمريكية، وعادت مصر إلى حضن الأمريكان والغرب. الزيارة حققت نجاحا كبيرا لمصر حيث اتفق الزعيمان السيسى وبوتين على إقامة منطقة صناعية روسية فى عتاقة، وتوسيع التعاون فى مجال الطاقة النووية السلمية وفقا لخطط مصر لبناء مفاعل نووى فى منطقة الضبعة وإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء وتعزيز التعاون والتنسيق فى جهود مكافحة الإرهاب. ولم يغفل الجانبان التعاون العسكرى حيث ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية أن روسيا ترتبط بعقود أسلحة مع مصر تبلغ 3.5 مليار دولار، بما فى ذلك طائرات مقاتلة وهليكوبتر وصواريخ دفاع جوى وغيرها من الأسلحة. الزيارة لم تغفل أيضاً الجوانب الاقتصادية والسياحية حيث كشف الرئيس بوتين عن استعداد بلاده للتعامل مع مصر بالروبل الروسى والجنيه المصري، بعيدا عن الدولار فى التجارة الثنائية بين البلدين.