أعادت صحيفة الجارديان البريطانية صباح اليوم الاثنين نشر تقرير لها استدعته من الأرشيف، كانت قد نشرته في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1970 في اليوم التالي لوفاة الزعيم جمال عبد الناصر، وتنبأت فيه الصحيفة بخلافة الرئيس أنور السادات للرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ومن المعروف أن أمس الأحد كان الذكرى الرابعة والأربعين لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر الذي ولد في حي الإسكندرية عام 1918 وتعود أصوله لقرية بني مر في أسيوط، فيما تولى رئاسة البلاد منذ عام 1956 وحتى وفاته، وجاء التقرير كالتالي.. توفى الرئيس المصري جمال عبد الناصر ليلة أمس نتيجة إصابته بأزمة قلبية، حيث أذاع راديو القاهرة ما مفاده أنه عانى أول أعراض هذه الأزمة خلال عودته من المراسم الختامية لمحادثات القمة العربية توفي بعدها بثلاث ساعات عن عمر يناهز الثانية والخمسين. وبلا شك فقد كان للتوتر الذي شهدته المنطقة خلال الأيام الماضية الأثر الواضح على صحة الرئيس الراحل الذي كان يعاني عبر سنوات من مشاكل في القلب، فضلا عن أن العالم العربي قد اختبر لتوه واحدة من أسوأ الكوارث التي حلت به منذ حرب يونيو 1967 ألا وهي ما يطلق عليه البعض بالحرب الأهلية الأردنية التي كان فيها العرب يقتلون بعضهم البعض. وبالنسبة للرئيس ناصر كانت أيام الحرب وما تلاها أيام مرة بمعنى الكلمة. حيث أنه -وعلى عكس رغبة أغلب القادة العرب- خاطر بقبول مبادرة السلام الأمريكية وعبر عن استعداده للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل من خلال مفاوضات تتوسطها الأممالمتحدة. ومن بين قادة العرب جميعا كان الملك حسين ملك الأردن الوحيد الذي منح الرئيس ناصر تأييده الكامل في تلك الخطوة قبل أن ينخرط -ملك الأردن- في صراعات مع الفلسطينيين المقيمين على أراضيه بسبب دعمه لمفاوضات السلام تلك وانشغل الملك حسين بالحرب الأهلية تلك وانشغل عن ناصر الذي بات مهددا بالعزلة عن كل العرب. لقد عمل ناصر بجد خلال الأيام الستة الماضية كي يتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتصالح بين الفصائل المتحاربة في الأردن وعلى الرغم من كل التوقعات بفشل هذه الوساطة إلا أن ناصر نجح فيها ليلة الأحد وأقنع ياسر عرفات بتوقيع اتفاقية صلح مع الملك حسين، ولكن ومع رحيل عبد الناصر -مهندس هذه الاتفاقية- يصبح صمود هذا الاتفاق محل تساؤل وشك. لقد نجح جمال عبد الناصر في أن يصبح زعيما للبلاد عام 1954 ولم يكن قد تجاوز وقتها السادسة والثلاثين من عمره حيث استولى على السلطة من محمد نجيب رئيس البلاد منذ الإطاحة بالملك فاروق قبلها بعامين. جدير بالذكر أن ناصر ومجموعة من زملائه الضباط كانو ضمن آخرين ممن عملوا في الكواليس للقيام بثورة 1952 والتي كان محمد نجيب مجرد قائدا صوريا لها فيما ظهر جمال عبد الناصر كقائد حقيقي لها عقب تنحيته لمحمد نجيب وتوليه مهام قيادة مجلس الثورة. ومنذ هذا التاريخ وقد وضع ناصر نصب عينيه 3 أهداف رئيسية: الأولى هي تخليص مصر من الهيمنة الأجنبية وخاصة البريطانية والثاني هو توحيد العرب والثالث هو إخراج الشعب من التخلف الإقطاعي إلى حياة القرن العشرية. لقد نجح ناصر في تحقيق الهدف الأول خلال عامين من قيام الثورة بفضل الغزو الأنجلو فرنسي الفاشل في أكتوبر 1956 في السويس والهدف الثاني لم يحققه على الإطلاق بينما فيما يتعلق بالهدف الثالث فبفضل إصلاح نظامي ري الأراضي والتعليم فيمكن القول بأنه كان على الطريق الصحيح لتحقيق هذا الهدف. ويجب الذكر هنا أن سد أسوان -السد العالي- الذي تم بنائه بمساعدة السوفيت كان له أثرا كبيرا في تحسين أوضاع البلاد في مصر. ويبقى السؤال الآن.. من سيخلف عبد الناصر؟ فكل من أنور السادات وعلي صبري والمشير فوزي ومحمد هيكل جميعهم مرشحون محتملون، ولكن مع غموض النظام السياسي الداخلي في مصر وقوة التأثير السوفيتي الملموسة يمكن أن تذهب الأمور في صالح أنور السادات. وبحسب ما أعلنته السفارة السوفيتية في القاهرة فمن المنتظر أن يحضر السيد كوسيجينيف رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي جنازة الرئيس ناصر المقرر لها في القاهرة يوم الخميس.