جاء الإعلان عن برنامج لاكتشاف الراقصات، ليمثل صدمة للأسرة المصرية التي عاشت علي القيم والمبادئ والعفة، فهل وصل الأمر لهذه الدرجة من التبجح والانحطاط باسم الفن؟ فكيف يمكن لأب أن يشاهد مثل هذه البرامج وبجواره زوجته وابنته؟.. نموذج صارخ لظاهرة تهدد كيان الأسرة المسلمة، ففي الوقت الذي يسعي فيه الأزهر الشريف والأوقاف والمؤسسات الدينية لعودة منظومة القيم والأخلاق، ومواجهة التشدد والتطرف والتكفير، وجدنا من يعمل علي نشر الرذيلة والفاحشة. علماء الدين من جانبهم استنكروا هذه الظاهرة الجديدة علي مصر بلد الأزهر الشريف، وطالبوا بضرورة التصدي لمثل هذه البرامج، لأنها تدمر القيم والعادات والتقاليد، وتتنافي مع تعاليم الإسلام، وشدد العلماء علي ضرورة منع هذه البرامج، لأن الشعب المصري متدين بطبعه، ولا يمكن أن يقبل مثل هذه الأعمال التي تهدد مستقبل الأجيال القادمة، لأن حماية العرض من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا البرامج تضعف مفهوم العرض لدي الشباب. وقال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، إن مصر لا يليق أن تكون فيها مثل هذه البرامج، لأنها بلد الأزهر وبلد العلم والعلماء، والتي علمت الدنيا الإسلام، ولا يصح أن يظهر فيها مثل هذه البرامج، التي تدعو إلي الرذيلة وتخدش الفضيلة. وأشار إلي أن واجب المسئولين التنفيذيين أولا أن يمنعوا مثل هذه الظواهر، حتى لا تتفاقم ظواهر التحلل والانحراف، فواجب المسئولين منع هذه الأباطيل لأنها تتنامى بعد ذلك وتصبح ظاهرة وينتشر الفحش بين الناس، وأما واجب أصحاب هذه القنوات فهو أن يخافوا الله عز وجل، وأن يعلموا أنهم محاسبون علي ما ينشرون وما يبثون من وسائل الرذيلة، وكما أن الداعي للخير كفاعلة، فالداعي للشر كفاعلة أيضا، ومن دعي إلي رذيلة كان عليه من الوزر مثل من فعلها. ووجه نداء لأصحاب هذه القنوات، أن يكون هناك سقف متفق عليه، ولا تبث من خلال أي قناة ما يتنافي مع الإسلام ومع فضائله بحال من الأحوال، كما وجه نداء للمشاهدين، وطالبهم بعدم مشاهدة مثل هذه البرامج ومنع استقبال هذا الهراء، لأنهم بذلك يبطلون علي أهل الشر ما يريدون أن يفعلون، لأن هؤلاء يريدون جذب أكبر عدد من المشاهدين، ولابد من المواجهة وعدم مشاهدة هذه البرامج ومنع استقبال هذه القنوات من خلال التحكم في أجهزة الاستقبال. وقال الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، أنه بعد أن أغلقت القنوات الدينية لما كان لها من أخطاء وتجاوزات، لاحظ الجميع أن بعض المتطرفين من الجانب الأخر بدوا يظهرون بأعمال لافته للنظر ومثيرة لنوع من التساؤلات، كما نلاحظ ما يحدث في بعض الشواطئ وما يحدث في بعض المسابقات مثل عروض الأزياء ومسابقات للجمال، وأخيرا مسابقات اكتشاف الراقصات. وأكد أن هذه الأمور تمثل تطرفا للجانب الأخر، ذلك أن الإسلام لا يبيح عرض الأجساد ولا العري والسفور، وهذا في رأي يمثل نوعا من التطرف لا يقل في خطورته ومشاكله، وما يترتب عليه من أخطار ما يترتب علي التطرف للجانب الأخر، والمؤكد أن المؤسسات والهيئات التي تصدت للتطرف والتشدد والعنف والتكفير، لابد أن تتصدي لهذا النوع من التطرف في الجانب الأخر. وفي سياق متصل قال الدكتور نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة، أن من مسئولية الأمة الحفاظ علي الضوابط الأخلاقية ومبادئ الحياة العامة، التي تربي الصغار تربية صحية وتحفظ للشباب مفهوم قيمة العرض، وأنه في إطار الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد النامية، ينبغي ألا نسير في الطرق التي تنشر الفاحشة في للمجتمع. ولعلنا لم نفق بعد من انتشار ظواهر تتعلق بهذا الظاهرة، كالتحرش الجنسي وانتشار جرائم الاغتصاب، فالإسلام وضع من الأسس ما يحول دون ذلك، وهناك باب في الفقه يسمي سد الذرائع، وهو إغلاق الباب الذي يؤدي بمن يسلكه للرزيلة والفاحشة، وإذا كانت فضيلة الستر من الفضائل العالية في التشريع الإسلامي والديانات السماوية، فليس من الطبيعي أن نعمل علي هدم هذه الفضيلة بإظهار العورات، وبدلا من أن نعلم الشاب طرق البحث عن الاستقرار، حتى يصلوا لبناء الأسر، نجد من يعمل علي إثارة الغرائز لنشر الفاحشة. ويشير إلي أن هذه البرامج تضعف قيمة العرض في نظر الناس، بالرغم من حمايته، كمقصد عام تقوم عليه أركان هذا الدين، وهو مقصد حفظ العرض، فكانت العقوبات المقررة شرعا بعقاب من يعتدي عليه، لأنه المكان المقدس الذي حرمه الله عز وجل، ولم يسمح بالاقتراب منه إلا بالضوابط والطرق الشرعية، ولا حجة لمن يقول بأن هذه حرية شخصية. وأضاف: إذا كانت هناك مجتمعات تسمح بذلك، فهذا ليس مبررا لنشر هذه الرذائل في بلادنا، وخاصة أننا أمة حريصة علي هويتها، وقد يترتب علي وجود مثل هذه البرامج، أن تكون هناك فئة متعصبة من الشباب يتصدون لمثل هذه الظاهر، وهذا يؤدي لمشكلات كثيرة في المجتمع، فإذا كنا نواجه التشدد والتعصب والتكفير والغلو الديني، فلابد أن نواجه مثل هذه الأعمال التي تهدد المجتمع.