بقلم محمود الخولى جرجرتنى جملة من الأخبار والتصريحات الصحفية مؤخراً لفتح ملفات الفساد الأخلاقى خلال السنوات العشر الأخيرة، وعلى كل المستويات، لنضع الحال أمام حقيقته دون تزييف لإصلاحه إن أردنا إصلاحاً جاداً وحقيقياً. قبل تراجعه، كان الدكتور صابر عرب وزير الثقافة، قد هاجم المعلمين فى المدارس واتهمهم أنهم وراء تخريب جيل يحمل المولوتوف والحجارة، والرجل علي صدق ما قال كان يقصد أن انعدام أخلاق المدرس خريج كليات التربية – لاحظ اسم الكلية – وراء عجزه عن نقل ما يفترض أنه تربى أو تعلم تلقينه فى كليته لأبنائه التلاميذ من قيم ومبادئ فكانت المحصلة أنه لاعلم ولا أخلاق، وإنما كذب وخداع وغش وحقد وتطرف وإرهاب ! مانحن فيه هو لاشك ثمرة ما فكرنا فيه، بحسب روندا بايرن فى كتابها "السر"، وحين تعرف مثلا أن اللواء أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الأسبق حين سأل تلميذة إبان افتتاحه فى أبريل 2009 ملحق المدرسة الثانوية بقرية تندة بملوى، عن أمنياتها فقالت : "أن تصبح الكتب الموجودة فى مكتبة المدرسة وأجهزة الكمبيوتر التى أمامك الآن ملكاً لهذه المدرسة لأن المسئولين جلبوها من المدارس المجاورة» ، وحين تعرف أنه وعندما حاول ناظر المدرسة إسكاتها، نهره المحافظ بقوله: "خليها تتكلم عشان تفضحكم كمان وكمان"، هنا سوف تدرك دون عناء كيف تم تكريس الغش والفساد والمراوغة فى المدراس من قبل من توسم فيهم أمير الشعراء أحمد شوقى أن يكونوا رسلا فكانت الثمرة عفنة على نحو ما تعانى منه مصر الآن ! فى يوليو من عام 2003 قرر الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم آنذاك إضافة مادة جديدة إلى مناهج الثانوى باسم "الأخلاق"، بعد استشعار الخطر التربوى على مستقبل التلاميذ، فماذا كانت النتيجة من قبل المسئولين بالحكومة؟ تابع معى ماكتبت فى هذا المكان فى حينه تحت عنوان" تدريس الأخلاق لمن": أراد المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية الأسبق،تكريم ابن صديق لى حصل على المركز الأول فى الثانوية العامة على مستوى المحافظة، وحين دعت إحدى القنوات التليفزيونية الطالب لتسجيل لقاء معه بصحبة والديه فى مكتب المحافظ، فوجئ بمن يطلب منه عدم الإشارة إلى أنه كان يتعاطى دروساً خصوصية، وأنه كان يذاكر من كتاب المدرسة، وأنه كان يواظب على الحضور حتى آخر أيام الدراسة، وأنه وأنه...، فابتلع التلميذ التعليمات، ثم تقيأها حرفياً أثناء التسجيل، وأذيع البرنامج بقيئه الحكومى !! بالطبع لايغيب عن ذاكرتك انعدام أخلاق الحكومة فى واقعة الراقصة دينا، حين دعيت عام 2008 لإحياء حفل نهاية العام الدراسى بإحدى المدارس الثانوية الخاصة فلبت الدعوة، وقتها وحين قامت الدنيا ولم تقعد فى مجلس الشعب، نفى الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية الأمر برمته، بينما لم تنكر الراقصة سوابقها بالمشاركة فى حفلات المدارس على اختلاف مراحلها بناء على دعوات القائمين عليها، حتى أنها أخرجت لسانها للحكومة حين قالت فيما تناوله كاتب السطور فى هذا المكان آنذاك تحت عنوان "الراقصة أصدق ": "ده أنا دينا ولا أحضر إلا بدعوة، ومعتادة «المشاركة» فى مثل هذه الحفلات لو سمحت الظروف أو طلب الحاضرون "، وهنا سقط فى أيدى الحكومة، ولم يجد الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب فى حينه، بداً من استنكار الأمر، فقال قولته التاريخية :لا يجوز لدولة التربية والتعليم أن تلجأ للراقصات بإحياء الحفلات فيما نوجههم نحو القيم والتربية الحسنة ! فساد الأخلاق فى مصر أصبح على المشاع ولا غرابة، وقد صدق وزير الثقافة حين اتهم المعلمين – إلا من رحم- بأنهم وراء تخريج جيل المولوتوف والحجارة والبلطجة, ومعهم جيل من الحاقدين والإرهابيين يستوى معهم جيل من المنحلين، وقبلهم جيل من الفاسدين من مسئولى الزمن البائد، ولم يعد من الغريب أن تقرأ خبراً عن مدرسة بالعمرانية تمارس مع الطلبة الجنس فى شقتها مقابل المال، ولا عن إنتاج فيلم سينمائى ينتهك حرمة المجتمع حين يوظف الأطفال درامياً فى أعمال فنية منافية للآداب العامة تدعو للانحلال والتحرش بالمدرسات دون غضاضة، ولا عن ترحيب الصبية القصر بتخريب البلاد وإحراق الممتلكات لمن يدفع !! فى المدارس والجامعات وفى كل المجالات افتقدت أجيال كثيرة القدوة فذهبت الأخلاق للطريق المعاكس،وفى دواوين الحكومة وهيئاتها، وفى مؤسسات الرئاسة عشش فساد الذمم فى غرف مسئوليها لأزمنة طويلة، فانهارت الأخلاق وفقدت سمعتها وسيرتها الحسنة التى ألفناها صغاراً في مجتماعتنا ومازلنا نبحث عن عودتها لمصر الجديدة، فهل يدلنا أحد على العنوان ؟! This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.