في قاهرة المعز.. مواكب الفرح تستعد لاستقبال شهر "رمضان" محيط عادل عبد الرحيم
كرنفال الفوانيس بدأ مبكرا رمضان السنة دي شكل تاني، لعل في هذه العبارة ما يلخص بإيجاز الظروف التي تهل وسطها النسائم العطرة للشهر الكريم، وبالذات في أرض الكنانة مصر حيث تطفو على السطح عدة متغيرات جديدة من بينها قدوم رمضان هذا العام في أيام الصيف وقبل انتهاء العطلة الصيفية للمدارس والجامعات مما أثار جدلا كبيرا حول إمكانية تأجيل الدراسة إلى أن تم حسم الأمر بانتظام الطلبة في مواعيدهم دون تأجيل. كما يأتي الشهر الفضيل بعد حوالي شهر من تطبيق قانون المرور الجديد الذي تضمن تغليظ العقوبات على المخالفين إلى حد الحبس ، ومضاعفة الغرامات المالية المفروضة إلى نحو ثلاثة أمثال وفي بعض المواد عشرة ، مما يترك بصماته الملموسة على أحوال الشوارع والمرور التي تشهد اختناقات عديدة خلال شهر الصوم. وبين هذا وذاك لم تتأثر الأحوال كثيرا ، حيث يستعد الملايين لاستقبال الشهر المبارك الذي يضفي على أيام الدهر روعة وبهجة تلازم الذاكرة طوال العام فتظل النفس تهوي إليه وتنتظر قدومه كل عام ، حيث اكتست أغلب المحال بأهم حلي الشهر الكريم والتي يمثلها فانوس رمضان الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير هذا العام حيث تبدأ أسعار الفانوس المعدني من 25 وتصل إلى حوالي 500 جنيها. وحين استفسر مراسل "محيط" عن سبب هذا الارتفاع الجنوني ، أجاب محمود المنصوري أحد أصحاب محال الفوانيس بحي الأزهر أن هذا يرجع بالاساس لارتفاع الأسعار وأجور العمال المهرة ، وأشار في الوقت نفسه إلى المميزات الموجودة بالفانوس المعدني قائلا أنه يحمل طعم ورائحة شهر رمضان بعكس الفانوس الصيني البلاستيك الذي لا تظهر فيه أي براعة أو فن.
شارع الأزهر يستعد لاستقبال الضيف الكريم أما عن باقي مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل والتي يأتي على رأسها ياميش رمضان فالأسعار فعلا فلكية حيث تصل بعض الأصناف إلى 80 جنيها مثل الآراسيا والفستق وعين الجمل ، فيما تبدأ أسعار البلح الذي يطلقون عليه ياميش الغلابة من 8 جنيهات وحتى 20 جنيها. وبشكل عام تمتاز أيام الشهر الفضيل في أغلب البلدان العربية والإسلامية بسمات خاصة ربما لا تتوافر في غيره من سائر الشهور ، من بينها زيادة الجانب الإيماني والإقبال على أعمال الخير والبر والتقوى والحرص على أداء المناسك بالمساجد فتجد بيوت الله ممتلئة بالعمار وتتزين الشوارع والطرقات حتى تبدو وكأنها عروس تستعد للقاء عريسها . لكن ما لا يمكن لأحد أن ينكره أن لأيام وليالي رمضان في مصر "شكل تاني" تماما ، حيث التمسك بفضائل الشهر المبارك على أكمل وجه ، بدءا من "موائد الرحمن" وانتهاء بتزيين كل شبر على أرض المحروسة بعلامات البهجة ، فيكاد لا يخلو شارع أو حارة من بيارق الفرح التي غالبا ما تحمل آية كريمة أو ابتهال ديني أو حتى لمبة وفانوس رمز البشاشة التي تعتري الناس لحضرة رمضان . وإذا كانت مظاهر السعادة هذه تنتشر في كل حي لكنها بلا شك تتركز بشكل كبير مبهج في الأحياء الأثرية العتيقة مثل منطقة الحسين والقلعة والجمالية رموز القاهرة العتيقة فتبدو فيها مواكب التهليل والاحتفال على نحو يرسم لوحة جمالية تترك أثرها في نفس كل من يشاهدها . وفي شارع الأزهر رمز القاهرة الفاطمية تحرص الطرق الصوفية على التعبير عن بهجتها بوفود الزائر الكريم كما يطلق على شهر رمضان المعظم وقد صورت عدسة شبكة الإعلام العربية "محيط" أحد هذه المراسم التي تجتذب السائحين حتى من غير المسلمين قبل المصريين أنفسهم . الأمن ينظم ويشارك في الاحتفالات وتتم هذه الاحتفالات في إطار حراسة أمنية تشريفية تسعى لتنظيم سير تلك المواكب بحيث لا تعرقل حركة المرور ولمنع تسلل الفوضى والمندسين إليها بحيث تتم في مظهر حضاري جدير بالتسجيل ، فهناك الكل يفرح والكل يحتفل على طريقته الخاصة . ويحرص السائحون العرب والأجانب على الانضمام لهذه المسيرات تعبيرا عن الفرحة والانسجام التي تأخذ عدة أشكال من بينها ترديد الأنشودة الرمضانية الخالدة "حالو يا حالو رمضان كريم يا حالو" ، كما يقبل البعض على شراء "الياميش" الذي يبدأ من "البلح وقمر الدين" للغلابة وينتهي ب "عين الجمل والبندق" وباقي أصناف المكسرات التي ترفع شعار للأثرياء فقط ، وكل عام وأنتم جميعا بخير.