محيط – رامي المنشاوي غلاف الكتاب يعتبر أدب الرحلات فرعا من فروع الأدب المقارن الذي يمتد من التأثير والتأثر مثلما تجد في "الكوميديا الإلهية" لدانتي اليجيري و"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري ، الي أدب الرحلات الذي يعتمد علي الموضوعات البيئية والاجتماعية والطرائف الشيقة التي يعرضها الرحالة في رحلته ،منتقلا من بلد إلى آخر ومن صحراء إلي مرج ومن محيط إلي نهر ، وتعتبر كتب الرحالة ابن بطوط أشهر فنون الأدب المقارن كجنس أدبي في الأدب العربي القديم ، بينما يعتبر كتاب"حول العالم في ثمانين يوما" للكاتب الصحفي أنيس منصور أشهر كتب أدب الرحلات في العصر الحديث . "صحفي فوق امواج العالم " يعتبر من أجناس الأدب المقارن حيث يعرض فيه المؤلف "عاطف صقر" حكايات من مدن وعواصم شتي طاف بها بحكم واجبه المهني كما جاء في مقدمة كتابه "حيث الجنوب من الصومال" قاصدا اثيوبيا التي يزين طمي النيل جبهتها، وإريتريا بطرقها الصوفية وكينيا واوغندا ثم الي اليسار حيث ليبياو"مقهى المصريين بطرابلس" وتونس بأعياد جني البرتقال والجزائر والمغرب وموريتينيا" ثم الشرق حيث سوريا وبغداد وايران وباكستان؛ ليصل إلي أقصي الشرق فتستقر سفينة الرحاله في اليابان هناك ستجد الطبلية اليابانية وفتاة الجاشا ، بضعة أيام ويقرر عبور الاطلنطي بسفينة كرتنا الارضية ؛فتنتهي الرحله في "الولاياتالمتحدهالأمريكية". عاطف صقر ينفرد بتقديم لقائه مع أسامة بن لادن وأبي حفص المصري وكيفية تكوين تنظيم القاعدة ، الكتاب يقع في مائتين وثمانين صفحةمن الحجم الكبير وصادر عن الهيئه المصرية العامة للكتاب عام 2007م. (أرض البخور ) الحياة تعتمد على النساء في الصومال يصحبنا الكاتب في صفحاته الأولي للكتاب الي الصومال والتي أسماها أرض البخور؛ ليذكر القاريء بالملكة الفرعونية "حتشبسوت" المتيمة بالبخور ورائحة الصندل فتطوف بسفنها الي الجنوب قاصده "صوما ليلاند " ، ومع احمد عبد الرازق زميله المصور الصحفي ، يشير الي رسم "جمل وقطعة لحم جملي علي طبق "وهي تعني محلا لبيع لحم الجمل ولبنها ، فالجمل في اللغه الصومالية تسمي (جيل) . يتحدث سكان الصومال اللغه الصومالية الي جانب اللغتين العربية والانجليزية ، وتنتشر بالبلاد المدارس التي تقوم بتعليم اللغه العربية ، لأنهم يعتبرونها وسيلة لفهم علوم الدين الاسلامي ، ويشير صقر الي نمو العلاقات الاقتصاديه بين دبي والصومال نظرا لوجود جذور تاريخية تربط بين كلا البلدين تتمثل في وجود عائلات إماراتية أسست مدنا في الصومال قديما ، بجانب أن تجربة الوحدة بين الإمارات السبع في الامارات تعد نموذجا لوحدة الصومال . وأنت في الصومال إذا شاهدت رسما لعين فهي إشارة إلى مكان وجود طبيب عيون, بينما رسم أقراص أدوية يعني أن هنا توجد صيدلية ، وهي طريقة منتشرة نظرا لوجود عدد كبير من الأميين البدو الذين يرتادون المدينة . وينتقل بنا عاطف صقر إلي المعمار الصومالي والعشش الصومالية التي تتميز علي حد وصفه "بشكلها المقبب المصنوع من خزف وأشياء أخري هناك منازل من طابق واحد زينها أصحابها برسومات مثل رسم أسد وتحتها ورد وأغصان ترمز للغابة ". ويشير المؤلف إلي انعدام مرض الإيدز في الصومال عكس ما هو منتشر في بلاد الجوار، ويعلل ذلك بالعادات الاسلامية وامتناع اللهو المحرم دينيا . ،، لجأ آل البيت لبلاد بونت هربا من الأمويين ،، وروي صقر أن عددا من آل بيت رسول الله (ص) كانوا قد جاءوا الي بلاد بونت ؛هربا من الاضطهاد في العهد الاموي .لذلك فا لمسابح تنتشر بشكل كبير في أيدي الصومالين ويصف لنا المؤلف البخور الصومالي فيقول بعد ان استنشق رائحته "وعند التجربه بدت فوائد آخري فقد توسعت الشعب الهوائية والنفس وزال الصداع فأدركنا انه ليس فقط للترفيه وإنما للعلاج" . ويشير المؤلف الي إحدي الكوارث التي خلفتها الحرب والألغام الأرضيه فأودت بحياة الكثير من رجالات الصومال وأبقت الكثير من ذوي العاهات مما جعل المرأة تتكفل بدور راعي الأسرة ؛ فقد قتلت الألغام الأرضية وحدها 3500 شخصا وتعرض 1500 آخرين لبتر الأطراف مما جعلهم غير قادرين على إعالة أسرهم ، فى حين قتل الآلاف فى مقابر جماعية أثناء قصف حكومة سياد برى . كينيا موطن الخطر ينتقل المؤلف من الصومال إلي نيروبي عاصمة كينيا ؛وذلك للقاء الزعيم الصومالي "محمد فرح عيد يد"ويصف الراوي مطار كينيا فيراه منهارا مع انهيار كل أجهزة الدولة وعودة أفراد الجيش والشرطة إلي قبائلهم للدفاع عنها والتي كانت متمركزة في قبيلة "الدارود" كبرى القبائل الصومالية ؛ والتي تمتد إلى كينيا. وبمجرد هبوط المؤلف من الطائرة التقي بجماعات من المسلحين الذين صافحهم "ووجدت نفسي احتضنهم وانا في حالة تجعلني اتصرف بلباقة وحكمة وأعالج هذا الموقف بهدوء " فلم تكن هناك تأشيرة للدخول ولا تفتيش للحقائب ، وفي كينيا يتعرض الكاتب لمشهد الجائعين "سيده بدت في الخمسين تمد يدها للسيارات وتردد أنا جوعانة ...جوعانة ..وفي الطريق تبدو مشاهد الأرصفة المحفوره والمبقورة نزع منها أسلاك الكهرباء والتليفون وبيع نحاسها وكذا مشاهد المدفعية المضادة للطائرات مثبتة في الشوارع ، حيث يزداد الثلج كلما اقترب من مبني اليونيسيف ، الناس جائعون ينهبون مايستطيعونه ..؛لان " الجوع كافر" كما يقولون . وعبر طريقه بنيروبي يصف المؤلف موسم زراعة الأرز وأكوام الطمي بارتباطهما بتوافر الباعوض الناقل للملاريا وهو مايتوجب التحصن بالامصال .وينهي الكاتب رحلته الكينيه علي الورقه باحدى الطرائف إذ يقول"كانت مفاجأتي مع ديفيد الذي ناداني ؛لأقرأ له صحيفة عربية اتضح أنها مجلة المصور المصرية والتي كتبت عن مباراة بين الفريقين المصري والكيني في السبعينيات وكان ديفيد يلعب مع الخطيب وحسن شحاتة وفاروق جعفر" إريتريا.. رئيس في الشارع ينتقل بنا الكاتب إلى إريتريا؛ موضحا أن سبب الزيارة كان لمتابعة الاستفتاء على استقلالها عن إثيوبيا 1993 ، وتعد التجريتية والعربية اللغتان الرسميتان بالإضافة إلى الإنجليزية ، وفي الطريق إلى أسمرا _عاصمة إريتريا- يمر الكاتب عبر أديس بابا عاصمة أثيوبيا وعلى ضفاف النيل تكون وجبة السمك مع السلطة بالجرجير والبصل من أشهر الأطعمة في إريتريا . وعن المعمار والمباني يقول المؤلف"المباني من الأسمنت المسلح وقليلة الارتفاع وعلى شوارع منتظمة ويشير المنظر العام إلى أنها مباني قديمة لكنها متماسكة ، وحين سأل عن سبب عدم هدم المباني فقيل له :إن ثوار إريتريا حرصوا أن تكون معاركهم مع الإثيوبيين خارج أسمرا وبالتالي جنبوا المدينة أي أثار للتدمير . الرئيس الإريتري يتلقي الثوار بالشارع ويواصل المؤلف مع قصة رؤيته لرئيس البلاد في الشارع ودون حرس فيقول"في أول ليلة وصلت فيها للفندق اندهشت لدخول شاب يشبه الرئيس الإريتري –أسياسي أفورقي—ومعه نفر قليل إلى الفندق ؛متجهين إلى المقهى ،فسألت موظفة الاستقبال عن ذلك الشاب فأكدت لي أنه أنه أفورقي وأنه أعتاد المجىء إلى الفندق ؛ليجلس مع بعض رفاقه من الثوار". وعن الهوية السكانية يشير المؤلف على لسان إحدى السيدات " أن 70في المائة من الأثيوبيين من العرب أو المستعربة وأن أكبر قومية لديهم تسمى "الاورومو"من العرب . وتعد " الزجني " كلمة السر التي تفك طلاسم تواجد المعمرين في إريتريا وهي تعني أكلة من قطع اللحم والطماطم . أما حضور المرأة فيبدو لافتا بصورة مؤكدة كنظيرتها الصومالية ؛وذلك بسبب الحرب ووفاة آلاف المجندين . ومن ميناء أسمرا إلى ميناء مصوع ، أحد أقدم الموانى على البحر الأحمر ، وهو أول مكان هاجر إليه المسلمون الأوائل في عهد النبي "ص" ، ومن البحر إلى النيل حيث يواصل المؤلف انبهاره بمشهد الطمي الذي أظهر شريطا خلفته أمطار اليوم السابق. واستعرض المؤلف انتشار الطريقة "الختمية" أو "الميرغينية" في إريتريا وهى إحدي الطرق الصوفية ويعني اسمها أنها خاتمة الطرق الصوفية أو مكملة لها جاء أصلها من "أن محمد عثمان الميرغيني جاء من مكةالمكرمة مبعوثا من الشيخ أحمد ابن إدريس الفاسي الذي كان معلما دينيا في مكةالمكرمة عام 1817م إلى السودان مارا بمصر ثم انتشرت في إريتريا مع الطرق الصوفية الأخرى مثل القادرية". ومن إريتريا إلى جيبوتي ، ويتعجب الكاتب من انتشار الايدز في دولة يحرم دينها البغاء ، ولكنه يرجع الأمر إلى كثرة عدد اللاجئات الأفارقة الوافدات على جيبوتي. ومنها إلى أوغندا ونلتقط منها إحدى العادات الإفريقية الغريبة حيث وشم القبيلة للنساء والصغار ، ويروي مشهد الخطوبة عند قبيلة تسمى"البهيمة" فيشترط رئيس القبيلة أن يأتي العريس بكميات كبيرة من المواد الغذائية بهدف سمنة العروس التي كلما ازداد وزنها وقلت حركتها زادت إعجابا في نظر شباب القبيلة!! ينقلنا الكاتب بعد ذلك وعبر صفحات كتابه إلى لشمال العربي الإفريقي حيث ليبيا "ومقهى طرابلس الذي يجتمع فيه المصريون من كافة المحافظات "أغلبهم يشتكي إساءة معاملة الليبين لهم وكذا البطالة وعن سر عدم العودة يجيب أحد الشباب أن السبب يكمن في الخوف من فضيحة الأهل بعد الغربة. ومنها إلي تونس بأعيادها الجميلة واحتفالات جمع البرتقال والطبيعة الخلابة ثم إلى المغرب العربي ؛ ليتمعن في حكايات أهل الصحراء وحركة البوليساريو المطالبة بالاستقلال .وانتشار زواج المطلقات على الأبكار من الفتيات وذلك؛ لمهارة المطلقة في التزين وإعجاب الرجل وتلبية احتياجاته .
،، الياباني ذكي والأمريكي أحمق ،، يصطحبنا المؤلف في البداية للتعرف على بعض ملامح الشخصية اليابانية فهي بوصف الدبلوماسي المصري"شخصية ذكية عكس الأمريكي الأهبل " والياباني مفتون بتقديس الانتماء وتحمل المسئولية نستشف ذلك من قصة مؤلف الكتاب مع احد الدبلوماسيين الذى أعطاه ثمن تذكرة الطائرة ونبه عليه المؤلف بضرورة دفع بضع جنيهات وعندما سأله عن الامتناع عن دفع هذه الجنيهات القليلة أجاب أنه نوع من غرس قيمة العمل وتحمل المسئولية فدفع القليل سيجعلك تهتم بالكثير. يخوض الكاتب تجربة قراءة الكف بعدم اتفاق مع العرافة على القراءة مقابل عشرين دولار فوافقت بعد ان وعده المترجم بالترجمة ويعرض المؤلف انتقال هذه العادة الغير أصيلة إلى اليابان عن طريق الشعب الصيني والتأثير المتبادل بين الثقافتين فهي بحق بلد االخرافة والتكنولوجيا . فتاة الجيشا إعجاب الكاتب بطقوس اليابانيين ويعرض صقر زيارته لأحد المنازل اليابانية وافتتانه ببساطة العيش رغم ثراء المعيشة فهو بيت مبني من الخشب بسبب مخاطر الزلازل وعند تناول المؤلف للطعام يصف المؤلف مسهد المائدة الياباني فهو لم يجد سفرة أنيقة بينما هي طبلية مختلفة عن نظيرتها في الريف المصري ففي الريف المصري نجد الطبلية المستديرة أما في اليايان تكون الطبلية مستطيلة.. كذا يعرض المؤلف لمشاهد التآلف مع الجار والتعاون بين جيران الوطن الواحد ويستعرض المؤلف لإحدى منمنمات الثقافة اليابانية "فتاة الجيشا" الكلمة السحرية التي"تتحدث عن صفات وملامح المرأة في اليابان بعد أن أصبحت هناك مدارس بنات الجيشا بحيث تكون واسعة الثقافة وقادرة على معاملة المستويات الراقية وتسليتها وأداء واجبتها المنزلية ،مما يجعلها جذابة لرجال الاعمال الذين يجدون في أماكن عمل الفتيات الجيشا فرصة للاسترخاء وعقد الصفقات وحبك التكتيكات بعيدا عن أعين الصحافة"!!. يعدها يتنقل الكاتب إلى باكستان ليعرض زيارته لإسلام أباد التي تعني بالعربية مدينة السلام وهناك يشاهد كتاتيب القرآن ويعرض في اختصار للحرب الأفغانية والجهاد الإسلامي ضد السوفييت ويعرض صقر لمقابلته مع "حكمتيار" أبرز الزعماء المجاهدين الافغان ضد المد السوفيتي ويفجر صقر المفاجأة حين يخبر القارىء بلقائه بأسامة بن لادن وأبو حفص المصري فيقول المؤلف"وذات يوم ذهبت إلى منزل أسامة بن لادن ،ووجدت في مجلسه البنشيري وأبا حفص ...وكان مجلس بن لادن أيام الجهاد يغص بشباب المدينةالمنورة ،واختلف الحال بعد انتهاء الجهاد ؛لأن المصريين هم الذين اصبحوا هم الذين يتصدرون مجلسه .....ووجه البنشيري كلامه لي قائلا:لا يخفك ما قدمه وبذله الأخ أسامة بن لادن ،حيث تكلف الأمر الكثير من المال ؛لشراء السلاح للشباب في الجهاد وكذلك تدريبهم وصرف التذاكر لهم ولا يجوز أن نترك هؤلاء الشباب بعد انتهاء الجهاد دوت استثمار ...كأن نؤسس جيشا إسلاميا.