محيط - شيماء عيسى جانب من الفعالية الدولية ضمن المشاركة الدولية في معرض القاهرة الدولي للكتاب أقيمت ندوة بعنوان " روائع الأدب ومعرفة الآخر " كان ضيفها رئيس الصندوق الأمريكي لدعم الفنون والآداب دانا جويا وأدارها الكاتب والناقد المصري الكبير سامي خشبة ، حيث أعلنت المبادرة الأمريكية بعنوان " القراءة الكبرى " والتي تهدف لتعارف الشعوب ونقل صورة حية من عاداتها وتقاليدها وثقافتها عبر ترجمة أعمال أدبية منتقاة وتوزيعها حول العالم ، وقد وقع الاختيار مبدئيا على أربع دول لتنضم شعوبها لمجال عمل المبادرة الأمريكية وهي المكسيك والصين وروسيا ومصر . وقالت السفارة الأمريكية بمصر في بيان لها أن مصر هي أولى بلدان الشرق الأوسط التي تشترك في المبادرة حيث ستقوم الهيئة المصرية العامة للكتاب بالتركيز على قراءة ومناقشة رائعة الكاتب الأمريكي جون شتاينبك " عناقيد الغضب " ، وستقوم الجهات الأمريكية المشاركة في المبادرة بقراءة ومناقشة رائعة نجيب محفوظ " اللص والكلاب " . بدأت الندوة بكلمة سامي خشبة ، عرف خلالها دانا جويا الشاعر الأمريكي صاحب فكرة برنامج تطوير الشعر والذي أصدر ثلاثة دواوين شعرية وقام بترجمة عمل مسرحية شعرية بعنوان " سيديكال" ، كما تحدث عن عن مشروع القراءة الكبير وهو مشابه لمشروع القراءة للجميع في مصر ، ولكن على نطاق أكبر وهدفه إعادة الكتاب لمكانته المفقودة وتشجيع الجميع على عملية القراءة ونقلها من القراءة للدراسة والتي تجري بالمدارس وفق مناهج دراسية معينة ، لنوع آخر من القراءة باعتبارها وسيلة للمتعة وجلب الثقافة وفهم الذات والآخر أيضاً ومعايشة أجواء جديدة واكتساب خبرات حياتية وترقية العقل والوجدان . في كلمة دانا جويا أشار لواحدة من الروايات التي تم انتقائها من أمريكا وهي " فهرنهايت 451" بقلم الأمريكي راوي برادبرج وتصنف ضمن الخيال العلمي ، وقال - في استعراض سريع لمببرات المبادرة الأمريكية - أن الأمم دائما يجري بينها النقاش في عالم اليوم حول أمور سياسية أو اقتصادية ، ولكن الأمور الإنسانية نادرة جدا الحوارات بشأنها ، وفي عالم الأدب ليس هناك شكل أفضل من الرواية كوسيلة لفهم حياة مجتمع وأناس آخرون ، حيث يستطيع الغني بواسطتها أن يعي كيف يعيش الفقراء ، كما تستطيع النساء فهم الرجال والعكس ، ونتمكن في شبابنا من إدراك ما يجول بذهن كبار السن ، وبالنهاية عبرها تفهم خصوصيات كل أمة حول العالم . القراءة تتراجع في أمريكا رواية فهرنهايت أكد جويا إن الأمريكيين مفتونون بمصر ويعترفون أن هناك حضارة عظيمة لديها ، وهي أمة نشأت في مفترق الطرق بين القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا ، وتاريخها يرجع للفراعنة والرومانيين والحقبة القبطية، ومن جهة أخرى يأتي تدنى معدلات القراءة في الولاياتالمتحدةالأمريكية كدافع قوي للمبادرة ، فلأول مرة في التاريخ تتوافر لجيل إمكانيات القراءة ويختار ألا يقرأ ، وهذا ما حدث مع الأمريكيين ، فالتلاميذ تقرأ وتجري الأبحاث وفقا لنظام مدرسي فقط مجبرون عليه ، ولكنهم لا يفعلون ذلك في حياتهم الشخصية في العادة ، ولذا فالبرنامج يسعى للقراءة الأعمق والأوسع ، وعموما الأشخاص بين بين 11 و59 سنة هم الفئة النشيطة في القراءة ، أما عن معايير اختيار الكتب فإننا نختار أكثر الكتب انتشارا وشعبية لدينا . وتعليقا على كلمة الشاعر الأمريكي قال خشبة : في حديث جويا يقول أنه إذا فهمنا مصر كأمريكيين سنفهم العالم مع أننا في مصر نقول لو فهمنا أمريكا سنفهم العالم ، والمضحك أنني كمصري لم أفهم مصر بعد ، كما أثار نقطة هامة وهي أن الثقافة حوار بين العقول وهي دعوة لكل من يقرأ أن يتحاور بشأن ما يقرأه . كما أعجبني أنه وهو شاعر يقول أن الرواية أفضل أنواع الأدب والأدب أفضل أنواع الإبداع ، ونحن بالفعل في عصر الرواية ، والروايات تساعدنا على الإحاطة بواقع التيارات الفكرية بين الأجيال والتراث والتطلع الحذر للمستقبل ، كما أحييه على اختيار رواية تولستوي الروسي black village لأنها رواية قصيرة وسهلة القراءة . إحدى الحاضرات من ساقية الصاوي تساءلت عن كيفية اختيار الروايات ، وأجاب جويا أن المبادرة تعتمد على اختيار الكتب وتوزيعها في مدن أمريكية كبيرة مثل نيويورك وألاباما ، والهدف هو جزء من التبادل الثقافي بين مصر وأمريكا فنحن بحاجة لمعرفة الأحاسيس السائدة لديكم والعكس صحيح ،ليس عن طريق رسمي ولكن عبر الأدب ، أما النشر فيتم عن طريق القطاع الخاص . تساؤلات مصرية حول المبادرة مداخلة لاستاذ مساعد في الأدب تساءل عن الملامح التي تجعل الشاعر يؤكد أن الرواية التي يمسك بها من روائع الأدب .. ما المعايير ؟ ، ورد الشاعر الأمريكي بأنه ليس هناك كتاب حينما ينشأ يصبح كلاسيكيا ؛ فالكلاسيكي هو الشيء الذي يبقى لسنوات طويلة ، ولابد أن نتأكد أنه كتاب ممتاز واجتذب الكثير من الناس لسنوات طويلة وهذا شيء متفرد ، لديك مثلا رواية سنضعها ضمن المبادرة وهي أمريكية عنوانها " قتل طائر محاكي " وتعد من أهم الأعمال الخيالية الأمريكية ويقرأها معظم الناس ، والميزة الأخيرة للكتاب أنه لابد أن يكون سهل التلقي وليس به فلسفة معقدة ، فأعمال الروسي تولستوي لن يقرأها إلا فئة محددة ولذا اخترنا له عملا ربما ليس الأشهر له مثل " ملحمة الحرب والسلام " ، ولكنه الأبسط . أ. محمود حجاج شاعر يكتب روايات تداخل وأكد على أهمسة نقل الروائع من العربية للإنجليزية أيضا بدلا من اعتماد الترجمة في طريق أحادي من الإنجليزية . أما سامي خشبة فقال أنه بالنسبة للأسئلة التي عبرت عن سبب عدم ترجمة الشعر ضمن المبادرة ، فإن الشعر لا يمكن أن يترجم في المرحلة الأولى عادة ، كلمة الكلاب على سبيل المثال تمثل في العربية معنى مختلف تماما عن الإنجليزية ، وردا على تساؤلات أخرى قال الشاعر جويا أن الروايات المختارة سوف تقرأ كاملة في الإذاعة بما يزيد من أعداد القراء ، ولكن قبل أن تقرأ صوتيا بالإذاعة وتجسد كأفلام ستنشر الترجمات للأعمال الأدبية مقروءة حتى يطلع عليها الناس ويتعرفون عليها . وردا على تساؤل شبكة الأخبار العربية " محيط " عما إذا كان اختيار الأربع دول نابع من وجهة نظر سياسية لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية ، نفي تماما الشاعر جويا حدوث ذلك ، وبرر اختيار الدول الأربع بأنها تعد لدى أمريكا أمم عظيمة ، ولأمريكا علاقات جيدة معها ، اما مصر فممثلة لعدد كبير من الدول الأفريقية والعربية . بلهجة غاضبة تساءل أحد الحضور عما إذا كان الصندوق الأمريكي سيترجم وينشر الأعمال الأدبية التي تنقد الممارسات الوحشية للإدارة الأمريكية بالعالم في العراق وأفغانستان ومساعداتها الدائمة لإسرائيل لإنهاء مقاومة الفلسطينيين .. ؟ ، ورد جويا بأن الكتب لا مانع من أن تكون ناقدة بل إن ذلك موجود بالفعل حيث رواية " فهرنهايت .." و " قتل طائر محاكي " فالثانية مثلا تتحدث عن المهاجرين الذين سلبت منهم ممتلكاتهم ، وعموما الكتب الأمريكية مليئة بالإنتقاد لسلوك البلاد السياسي الخارجي والداخلي ولا يوجد كتاب يقول أن أمريكا دولة " تامة مكتملة " ، وهناك كتب في مصر تنتقد الأوضاع داخل مصر أيضا ، وتابع سامي ردا على السؤال ذاته أن العمل الأدبي الإبداعي لا يتناول مباشرة الأحداث ، وأعتقد أن النقد الموجود برواية الطائر المحاكي به تطور كبير لما يجري بالجنوب الامريكي. اللص والكلاب بمداخلة حسين البنهاوي أحد مسئولي الهيئة العامة للكتاب ، قال أنه في الستينات كان هناك مشروع ناجح مشابه للمبادرة تحت اسم " مؤسسة فرانكلين للترجمة " وكان تجربة ناجحة جدا ، وكان عادلا لأنه لم يركز على دار نشر واحدة بل توزع بصورة عادلة على دور النشر المختلفة فاستطاعت كل واحدة أن تنشر ما عندها ، ونصح بأن تتوسع عملية الترجمة لخارج الأدب بحيث تشمل العلوم لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية متقدمة في العلوم أكثر بكثير من الآداب ، وعقب جويا على مداخلته بأن شركائهم سوف ينتشرون في مجالات عدة مستقبلا بالفعل . في تساؤل قدمته إحدى الحاضرات قالت لكي تقضي على الشر عليك أن تنهي الشر من منابعه تماما ، وقالت أننا بحاجة لنعرف ماإذا كانت الروايات المترجمة والتي بالتأكيد ستتحول لأفلام روائية منتشرة في مصر ، هل ستحوي عنف جسدي أو لفظي أو عنصري أو ما نعتبره لدينا في ثقافتنا الإسلامية إباحية وخروج للمحرمات ، وخاصة أن عدد كبير من النشء سيطلع على هذه المواد ؟ ورد الشاعر والكاتب الأمريكي أن الرواية تحي الوجدان ، وقال : نحن قد لا نختار كتبا بها شخصيات نبيلة ولن أحدثك أنك ستجدين بالروايات عدالة اجتماعية ولكننا أيضا لن نسعى لعرض روايات لا ينبغي أن يقرأها الصغار أو بها إثارة جنسية أو عنصرية. ومرة ثانية يتساءل الشاعر حجاج : ما هي إجراءات الإنضمام للترجمة العالمية ،وبعض الأفكار قد تكون ضد الدين الإسلامي ؟ ورد الشاعر جويا أن هذا الأمر أن المؤسسة الأمريكية للآداب والفنون تختار الكتب ذات الخاصية الأدبية الراقية العالية ، وهناك حاجة للكاتب للتقدم بطلب ، وداعبه بالقول " وليس ممكن أن أحصل على تمويل شخصي " ، علما بأن الترجمة تأتي لأعمال كلاسيكية أي قديمة وليست جديد النشر.