رحل الأربعاء الماضي الثالث من يناير واحدا من أعظم نقاد الفن التشكيلي وهو مختار العطار, الذي كان أول من قدم برامج الفن التشكيلي في التليفزيون المصري. محيط رهام محمود مختار محمد توفيق العطار ولد بطهطا "في صعيد مصر" في الثالث من سبتمبر سنة 1922, كان والده يعمل قاضيا يتنقل بين المحافظات المصرية, لكن عائلته كانت تقيم بالزقازيق "الشرقية". بعد حصوله على شهادة التوجيهية قسم العلمي "الثانوية العامة حاليا", ألتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة في سنة 1939 وقضي بها عاما, لكن موهبته الفنية جعلته لم يستطيع أن يكمل هذه الدراسة وسرعان ما ترك الكلية وألتحق بكلية الفنون الجميلة بالزمالك قسم التصوير في 1942وتخرج منها عام 1947, ولكنة أراد معرفة الكثير من العلم في مجال الفنون, فالتحق بقسم الرسم في معهد التربية للمعلمين "دراسات تخصصية" وقضي عامين, ثم ألتحق بجامعة عن شمس لدراسة التربية وعلم النفس "دراسات عليا" وحصل على دبلوم الدراسات العليا. بدأ حياته فنانا وسرعان ما تفرغ للنقد التشكيلي وكان رائدا في هذا المجال, وقد تميزت اعماله بالعمق في تحليل الفن, والعرض التاريخي "لتاريخ لفن". بدأ مشوار العمل الصحفي بدار النداء سنة 1949, وعمل رساما ومخرجا فنيا, وكاتب قصة وسكرتيرا لمجلة القصة, وصفحة الجمعة في جريدة صوت الأمة اليومة, حيث نشر نحو ثلاثين قصة قصيرة في كلا من المجلة والجريدة. نشرت له خمسين قصة في مختلف الصحف والمجلات منها قصص للجميع, روزاليوسف, صباح الخير, الهدف, المساء, وطني, كما ترجمت له إحدى هذه القصص في أوروبا وهي قصة "لقاء عابر", ونشرت باللغة الأجنبية تحت عنوان "حقل الذرة" سنة 1964, وقد قدمها له الفنان الفرنسي جاك بيرك "من الفنانين المستشرقين الذين أتوا من الغرب لرسم القصورالمصرية والإقامة بمصر". وفي عام 1961 وحتى 1970 عمل بالتليفزون المصري في تحرير واعداد البرامج الفنية, وإلقاء الاحاديث, فقد أزيع له نحو 500 برنامج, ثلثمائة منهم أصدروا بعنوان "الفن والحياة", أما في 1963 وحتى 1966 أعد وأخرج وكتب سيناريو 27 فيلما سنيمائيا تسجيليا لحساب التليفزيون المصري في سللة بعنوان "مع الفنانين العرب الكبار ومشاهير رسامي وفناني مصر" ومن بين هؤلاء الفنانين: راغب عياد سيف وانلي, كمال السجيني, سعيد الصدر, وقد قدم 120 برنامجا بعنوان "فنون تشكيلية". وفي سنة 1971 تفرغ للنقد الفني ومتابعة الاحداث الثقافية, وتقديم تاريخ الفن في مصر والعالم بدراسات أو مقالات أو تعليقات منشورة في صحف ومجلات "الإزاعة, المساء, روزاليوسف, الجمهورية, الطليعة". من عام 1976 إلى 1980 اعير للكويت للإشراف على الإخراج الفني للكتب المدرسية, كما تابع نشر كتاباته النقدية في صحف الكويت ومجلاتها ومن بينهم القبس, بالإضافة إلى الاحادث المزاعة في ازاعة الكويت. أصدرت للعطار "سلسلة الكتاب الذهبي" بمؤسسة روزاليوسف في يناير عام 1971 كتابا بعنوان "ساحر الأواني الفنان سعيد الصدر", وكان عن حياة واعمال رائد الآنية في الشرق الأوسط, كما كان العطار الناقد الفني لمجلة المصور بمؤسسة دار الهلال, حيث نشر له 500 دراسة في تاريخ الفن, وفلسفة وسير الفنانين. وفي سنة 1987 قدم دراسة عن جناح الفنانين بمعهد العالم العربي بباريس, وبعد عام اسهم في مجلة العربي الصغير الكويتية بسلسلة من الحكايات العلمية والفنية بعنوان "أصل الحكاية" بالتعاون مع الراسام الراحل حسن حاكم, وقدمت له أيضا سلسلة من الدراسات في تاريخ الفن بمجلة الحرس الوطني السعودية, كما شارك في تقديم الفنانين الكلاسيكين الرواد في كتالوج متحف الفن المصري الحديث. صدر له الكتاب الأول في سلسلة كتب جمعية النقاد عام 1993 "دراسات في نقد الفنون الجميلة" التي أصدرتها الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكلي بالتعاون مع هيئة الكتاب بعنوان "الفن والحداثة بين الأمس واليوم". من مقتنياته بمتحف الفن المصري الحديث لوحة "موديل" التي يصل حجمها إلى 80 سم ×متر, بالألوان الزيتية على توال, ولوحة "وجه العجوز" التى رسمها بالقلم الرصاص, ولوحة "الفاكهة المحرمة" 80سم ×متر التي أقتناها المهندس سعيد فارس أمين مدينة جدة. حصل العطار على شهادة تكريم من المؤتمر العام لنقابة التشكيليين سنة 1989, كما فاز بجائزة معرض الكتاب الدولي بمناسبة اليوبان الفضي للمعرض عام 1993 عن كتابه الأول في سلسلة كتب جمعية النقاد, وقد استلم الجائزة من الرئيس المصري مبارك, وحصل على جائزة في مناسبة افتتاح مكتبة الإسكندرية في أكتوبر2001, حيث كرم معه الفنان الكبير صلاح طاهر, والمثال الراحل محمد حسين هجرس, وصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ.