قبل يومين من انسحاب الأمريكيين استفار أمني بالعراق وسط استمرار دوامة العنف الدموي قوات امريكية داخل احدى المدن العراقية بغداد: قبل يومين فقط من انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من داخل المدن العراقية والمحدد له الثلاثون من يونيو/ حزيران الحالي، أعلنت السلطات العراقية اكتمال استعدادها لاستلام الملف الأمني من الجيش الأمريكي وذلك رغم تزايد موجة العنف الدموي التي تجتاح العديد من المدن العراقية حاصدة ارواح المئات من المدنيين. وبموجب تلك الاتفاقية، فإن على الولاياتالمتحدة أن تسحب كافة جنودها وعناصرها من المدن والبلدات العراقية، وتسليم المسؤوليات الأمنية فيها إلى قوى الأمن والجيش العراقية، على أن يتولى من تبقى من القوات الأمريكية مسؤوليات التدريب والمشورة فقط. ومن المقرر ان يتولى نحو 750 الف عنصر من قوات الامن العراقية مسؤولية امن بلادهم بعد مغادرة قوات الاحتلال الامريكي للمدن العراقية في الثلاثين من الشهر الجاري، تمهيدا لانسحاب كامل نهاية عام 2011. واعتبارا من الاول من تموز/يوليو سيكون على القوات العراقية، التي تتألف من 500 الف شرطي وما بين 200 الى 250 الف جندي، ملء الفراغ الذي ستتركه القوات الامريكية خصوصا في المدن الكبيرة مثل الموصل وبغداد، التي لا تزال تشهد اعمال عنف شبه يومية. وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أكد السبت استعداد حكومته لاحكام قبضتها الأمنية على كافة المدن، محذرا في الوقت نفسه من وصفهم بالإرهابيين من العبث بأمن العراق، على حد قوله. وقال المالكي إن انسحاب القوات الأمريكية من المدن يوضح أن العراق يمكنه التعامل مع الأوضاع الأمنية بالرغم من موجة التفجيرات التي وقعت الأسبوع الماضي، مضيفا "نحن على أبواب مرحلة جديدة لا اقول لاستعادة السيادة بل لتثبيت هذه السيادة، وهي رسالة للعالم اننا اصبحنا على قدر كاف من القدرة لحماية امننا وادارة شؤوننا الداخلية". من جهته، أكد الرئيس العراقي جلال طالباني السبت الاستعداد لانجاز خطوة تاريخية باستعادة السيادة العراقية بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية نهاية الشهر الجاري. ودعا طالباني خلال كلمة القاها في ذكرى مقتل الرئيس السابق للمجلس الاسلامي العراقي الاعلى محمد باقر الحكيم"، كل القوى والاطياف لرفع اصواتهم لتكفير قتلة الشعب العراقي والدعوة لملاحقتهم ". كما طالب الدولة واجهزتها باتخاذ اجراءات حاسمة لاعتقالهم ومحاكمتهم. في هذا الاطار عقد البرلمان العراقي جلسة سرية السبت استمع خلالها الى تقويم قيادة عمليات بغداد للوضع الأمني، خصوصاً الخروقات الامنية الاخيرة والخطط التي اعدتها بعد الانسحاب الاميركي بنهاية الشهر الحالي، وأبدى نواب خشيتهم من تأزم الوضع الامني في البلاد. يأتي هذا في الوقت الذي أوضحت فيه مصادر عراقية أن الأجهزة الأمنية العراقية نفذت عمليات استباقية لمنع تعكير الأجواء قبيل وخلال عملية الانسحاب الأمريكي، وكشف مدير مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف، عن وجود خطط مدروسة لفرض السيطرة على كامل الملف الأمني اثناء انسحاب القوات الامريكية من المدن المقرر الثلاثاء المقبل.
وقال انه بموجب هذه الخطط تم منح صلاحيات واسعة للوحدات العسكرية و"آمري القواطع" نور المالكي رئيس الوزراء العراقي بشكل يتيح لهم معالجة الأهداف في وقت قياسي دون الرجوع إلى القيادات المركزية.
وأكد على أن "الأجهزة الأمنية تمكنت في عمليات استباقية من إفشال محاولات إرهابية تهدف إلى التأثير في عملية الانسحاب، منها العثور على ثلاثة مخابئ للأسلحة والمتفجرات في أحياء مختلفة من مدينة بغداد، باستعمال أجهزة متطورة لكشف المتفجرات والأسلحة الخفيفة، إضافة إلى وكرين في مدينة الناصرية تبين أن وراءهما مجاميع إرهابية كانت تحاول تنفيذ أعمال مسلحة خلال يوم الانسحاب".
كما كشفت مصادر عراقية أخرى عن تسلم 95 في المئة من المواقع العسكرية مع انتهاء الاستعدادات لتسلم زمام المهام الأمنية، ووضع خطط بديلة لمواجهة أي تصعيد أمني محتمل. في غضون ذلك، قال ناطق باسم القوات متعددة الجنسيات في العراق إن حماية الحدود العراقية ضد أي "اعتداء" خارجي أو إقليمي ستتصدى له القوات المتعددة حتى عقب الانسحاب الأميركي من العراق. وقال ستيف لاتزه لصحيفة "المدى" العراقية نشرت اليوم الأحد إن "حماية الحدود العراقية ستكون ضمن مهام القوات الأميركية ضد أي عدوان خارجي أو إقليمي لحين اكتمال القابليات (القدرات) العسكرية العراقية على حماية كامل حدودها". وأضاف "أن القوات الأميركية سلمت للحكومة العراقية أكثر من 151 قاعدة عسكرية خلال الفترة الماضية المتبقي من القواعد العسكرية سيتم تسليمه خلال الفترة المحددة للانسحاب". وذكر أن "القوات الأميركية المتبقية في العراق سيقتصر عملها على تقديم الدعم اللوجستي والعسكري بناء على طلب الحكومة العراقية وأن القوات الأميركية تمتلك الحق بردع أي اعتداء على مقارها خارج المدن من دون الرجوع إلى الحكومة العراقية". فرصة امام العراق من ناحية أخرى، توقعت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية تصاعد العنف الطائفي في العراق بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي، مشيرة إلى قوات الامن والجيش العراقي سوف يصمدان، وان ايران التي تم استنزاف قوتها في العراق ستحاول العودة الى الساحة العراقية عبر فيلق بدر وجيش المهدي، مضيفة، ان فرصة عوتها الى الساحة العراقية تبقى ضئيلة بعد الضربات العسكرية التي تلقاها المجلس الاسلامي الاعلى بزعامة عبد العزير الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وتراجع نفوذهما السياسي مؤخرا. وقال تيم كولين، احد ضباط الجيش البريطاني السابقين والذي خدم في العراق بعد الغزو للصحيفة ، ان على الحكومة العراقية انهاء ملف كركوك والتوصل الى اتفاق مع الجانب الكردي حول مصير هذه المدينة التي جعلها صدام قنبلة قابلة للانفجار حال العبث بها. واضاف ان الاتفاق حول هذه المسألة يتطلب الصبر والشجاعة والسخاء من كلا الطرفين كون هذه المشكلة هي اكبر الاخطار التي تتهدد العراق، وعلى المالكي ان يستقطب العرب السنة الذين يتمسكون بفكرة الوطنية العراقية والحفاظ على كرامة العرب السنة واذا تمكن المالكي قيادة العراق بذكاء يمكن للعراق ذي الغالبية الشيعية ان يكون مثالا يحتذى في العالم العربي حيث امام العراق فرصة نيل تقدير العالم العربي ذو الغالبية السنية وتوحيد العرب الشيعة بعيدا عن النفوذ الايراني. دوامة العنف استمرار اعمال العنف من ناحية أخرى، استمرت أعمال العنف رغم بدء العد التنازلي لانسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية، حيث أعلنت الداخلية العراقية اليوم الأحد إصابة ستة مدنيين عراقيين بانفجار قنبلة استهدفت رتلاً عسكرياً أمريكياً شرقي بغداد. وقال جيش الاحتلال الأمريكي إنه يحقق بشأن هذا الهجوم، الذي وقع قبيل يومين من بدء انسحابه رسمياً من المدن العراقية. وأوضح مسؤول عراقي أن القنبلة، زُرعت داخل سيارة متوقفة، وانفجرت في منطقة "الطالبية" ذات الأغلبية الشيعية. وشهد العراق موجة عنف دموي خلفت أكثر من 200 قتيل وعشرات الجرحى الأسبوع الماضي. وحث نائب الرئيس السني، طارق الهاشمي، العراقيين على تفادي الأماكن العامة المزدحمة، ودعا قوات الأمن لليقظة. وأثار العنف المخاوف مجدداً من قدرة القوات العراقية في التصدي لمليشيات مسلحة عنيدة، مع إختفاء مظاهر الوجود المسلح الأمريكي. وأشار عسكريون أمريكيون أن الولاياتالمتحدة تتوقع زيادة العنف في العراق مع انسحاب القوات الأمريكية، بنهاية الشهر الجاري، بحسب بنود الاتفاقية الأمنية بين الحكومتين العراقية والأمريكية. ورغم حوادث العنف التي يشهدها العراق، إلا أن الهجمات العنيفة تظل في "أدنى مستوى" لها بحسب المتحدث باسم البنتاجون، جيف موريل، غير أن الهجمات، التي يتسم بعضها بالعنف، تشهد تزايداً في الفترة الأخيرة. وقال موريل، في تصريح للصحفيين الأربعاء، إن مثل حوادث العنف هذه متوقعة، وقد تشهد زيادة أكبر "بناء على نمط السلوك الذي شهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية." وفي رسالة موجهة إلى القوات الأمريكية في الحادي والعشرين من يونيو/حزيران الجاري، أصرّ القائد الأمريكي في العراق على أن الانسحاب من المدن العراقية مناسب. وقال: "إنه الوقت المناسب لنقل المسؤوليات الأمنية في المدن إلى قوات الأمن العراقية التي باتت جاهزة للقيام بهذه المهمة."