آلاف العراقيات يدفعن حياتهن ثمنا لحروب الطوائف محيط - وكالات المرأة تدفع حياتها ثمنا للحرب الطائفية بغداد: حصدت الحرب بين الطوائف العراقية من جهة، وبين العراقيين وقوات الاحتلال، حياة نحو ثلاثة آلاف إمرأة عراقية. وذكرت العديد من المنظمات العربية والدولية، إن حقوق المرأة في عراق ما بعد صدام تراجعت بشكل كارثي ومؤلم، ففي الوقت الذي كانت تحقق فيه المرأة العراقية نجاحات مهنية وعلمية، أصبحت الآن لا تمتلك أدنى وأبسط حقوق الحياة الانسانية. وتشير التقارير إلى إجبار النساء على الابتعاد عن الحياة اليومية العامة: فلاتستطيع ممارسة عملها بحرية، أو ضمان عودتها الى البيت بسلام دون ان تكون عُرضة للتعليقات البذيئة، وتجبر الكثيرات منهن على الزواج من رجال متزوجين، ولم تسلم من تهديدات المليشيات التي تعرض عليها زواج المتعة. ولم يتوقف مسلسل العنف الدامي الذي يجتاح العراق منذ احتلاله قبل حوالي خمس سنوات، حيث أصاب كل شرائح المجتمع باستثناء الطبقة السياسية الحاكمة، وأدى إلى مقتل وإصابة وتشريد الملايين من ابناء هذا الشعب. وتؤكد التقارير الرسمية إن المجزرة الحقيقية التي لم تنل اهتمام الإعلام والصحافة هي مجزرة قتل النساء، هذه المذابح حصدت حتى الآن أرواح آلاف العراقيات ووصفتها مصادر موثقة رسمية بأنها الأكثر رعباً في تاريخ العراق. وذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير سابق لها: " المفترض أن تصبح الحياة أفضل بالنسبة للنساء في العراق بعد الإطاحة بصدام، غير أن الواقع لم يكن إلا تصاعدا هائلا في عمليات الاغتصاب والقتل والعنف المنزلي والقمع". وأضافت: "وكأن السيارات المفخخة والقنابل البشرية ليست مروعة بما يكفي، فإليك المزيد من العصابات الإجرامية، والميليشيات الدينية وعمليات الخطف على أيدي فرق الموت، والاغتصاب و القتل دون مراجعة، مع التركيز بشكل خاص على النساء العاملات والطالبات والحقوقيات". في كردستان، ولم يترك العنف ضد المرأة العراقية مكانا في البلاد إلا وخيم عليه, حيث تقول إحصائية خاصة لمنظمة "آسوده" لمناهضة العنف ضد المرأة في اقليم كردستان العراق: " إن عمليات قتل النساء في الإقليم تزداد سنويا وبأرقام مخيفة حيث بلغت 329 حالة في عام 2003 ثم انخفضت الى 291 حالة في 2004 لتعود وترتفع بشكل كبير الى 778 حالة في 2005 ثم الى 812 في 2006، اي ان 2220 امرأة قتلن او اقدمن على الانتحار حرقا خلال ثلاث سنوات فقط وبمعدل خمس حالات يومية.. ونقلت جريدة "اخبار الخليج" البحرينية عن وزير صحة إقليم كردستان زريان عثمان اعترافه بوقوع 600 حالة انتحار عام 2007 بين النساء ممن تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 35 عاما، ويشير إلى إحصائية لوزارته يذكر فيها إن 67،44 % من حالات الانتحار حرقا تعود إلى نساء تزيد أعمارهن عن 18 عاما في الإقليم ، وهو ما اكده الدكتور برزان محمد علي مدير معهد الطب العدلي في السليمانية بقوله ان 98% من حالات موت النساء حرقا ناتجة عن إقدامهن على الانتحار". كما يؤكد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية ان 140 إمرأة عراقية فوق سن 13 متن حرقا في السليمانية عام 2006 ، فيما ماتت 66 امرأة في آربيل مقابل 42 في محافظة دهوك. ويضيف التقرير إن أغلب اللاتي يحرقن أنفسهن أو يتناولن الأدوية بإفراط والسموم طلبا للموت إنما يفعلن ذلك خوفاً من جرائم غسل العار التي انتشرت بنحو مخيف نتيجة تصاعد حدة المشاكل الاجتماعية والتيارات الدينية المتطرفة. من جانبها، قالت نرمين عثمان وزيرة شؤون المرأة بالوكالة لجريدة "القدس العربي" اللندنية: "إن ظاهرة انتحار الفتيات حرقا في اقليم كردستان، سببها إن القانون والتغييرات الفكرية لم تكن متوازية، وتغيير القوانين في الإقليم لم يصحبه تغيير اجتماعي". وأضافت عثمان، إن جرائم القتل التي توصف بجرائم الشرف موجودة وتؤكدها الأرقام التي تنشرها حكومة الاقليم، مؤكدة أن تغيير القوانين في إقليم كردستان بتغليظ العقوبة علي مرتكبيها واعتبارها جريمة جنائية مثلها مثل باقي جرائم القتل، لم يكن كافيا لإنهاء هذه الظاهرة. ولا تختلف المنطقة العربية في العراق عن المنطقة الكردية فيما يوصف ب "الإرهاب ضد المرأة" إلا بالدرجة فقط، فجرائم الشرف وغسل العار وجرائم "التأديب" للتيارات الدينية المتشددة المخالفة للشريعة الإسلامية تحدث بنحو يومي وهو ما أكدته مجموعة من البرلمانيات العراقيات اللاتي استصرخن رجال الدين والسلطات العراقية لوقف مجازر النساء. وفي البصرة، بلغت عمليات قتل النساء لاسيما الطالبات الجامعيات في جنوب العراق حدّاً تحولت فيه الي ظاهرة من ظواهر الرعب والاضطهاد عند شريحة اساسية في المجتمع فقد شرعت المليشيات التابعة للاحزاب الدينية في محافظات وسط وجنوب العراق في تنفيذ عمليات قتل منظمة وانتهاكات متواصلة ضد النساء وسط صمت حكومي وتساهل السلطات المحلية. في حين تشمل الانتهاكات التي تنفذ بحجة الخروج عن التعاليم الاسلامية، اضافة الي عمليات القتل، حرمان طالبات الجامعة السافرات من دخول قاعات الامتحانات وتفضيل المحجبات علي غيرهن في وظائف الدولة. ونقلت جريدة "الزمان" اللندنية عن قائد شرطة البصرة اللواء عبد الجليل خلف قوله: "ان نساء المدينة يعشن في خوف بعد مقتل اكثر من 40 امرأة وإلقاء جثثهن في الشوارع في الاشهر الخمسة الماضية بسبب سلوكيات يعدها بعضهم غير اسلامية". في حين قال شهود من البصرة ان المليشيات التابعة للاحزاب الدينية تنفذ قتل النساء وترسل التهديدات الي الطالبات الجامعيات بالتعرض للقتل بسبب ما تعده مخالفاً للقيم الاسلامية. من جانبه، اعلن الناطق باسم محافظة النجف احمد دعيبل ان قوات الامن احبطت محاولة لخطف 4 نساء في العشرين من العمر بعد اخضاعهن لتأثير مخدر من قبل عصابة اجرامية في المدينة. واكدت المصادر ان الشرطة تقف موقفاً سلبياً من هذه الممارسات ولم يسبق لها التحقيق او كشف منفذي هذه الجرائم بحق النساء وتقديمهم للقضاء.