نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالا للكاتب روجر كوهين سرد فيه ما وصفه بأنه حقائق أساسية عن منطقة الشرق الأوسط. واستهل كوهين البريطاني المنشأ مقاله - الذي أوردته الصحيفة على موقعها الإلكتروني الخميس بالإشارة إلى أن أحداث الشرق الأوسط الجديد الواقع غرب آسيا تبدو مربكة تماما كما كان الشرق الأوسط القديم. وحاول كوهين سرد بعض الحقائق والمعطيات الأساسية عن الشرق الأوسط انطلاقا من أن الوضوح طريق الفهم والذي يقود بدوره إلى تبني سياسة جيدة ؛ بادئا تلك الحقائق بالحديث عن الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 بدعوى البحث عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يمتلك العراق أيا منها يوما ما ، ليتمخض الاجتياح عن جلب الأغلبية الشيعية إلى السلطة على نحو خدم مصالح إيران الشيعية ،التي تمثل عدوا لأمريكا ، على حساب أبناء المذهب السني ، بما أخل بالتوازن الطائفي بين السنة والشيعة في بالمنطقة . ومن المعطيات التي رصدها الباحث البريطاني أن رياح الربيع العربي غادرت الدول العربية الثلاث الكبرى مصر وسورياوالعراق في حالة اضطراب ، بحيث لم يعد في المنطقة أنظمة عربية فاعلة أو شبه فاعلة على غرار إسرائيل وتركياوإيران . وزعم روجر كوهين أن إسرائيل لم تعد تسعى لشن حروب ضد العرب على شاكلة الحروب التي عهدتها منذ 1948 في الصراع على الأرض، ولكنها اليوم غيرت وجهتها العدائية صوب إيران التي ليست عربية ولا سنية وبعيدة عن حدود إسرائيل. ولفت كوهين إلى تصاعد التوترات الطائفية بين السنة والشيعة عبر الحرب السورية بحيث باتت إقليمية، وقال إن النظام الذي أرسته اتفاقية "سايكوس بيكو" بشأن حدود الشرق الأوسط الجديد صار مهترئا. واتجه كوهين شمالا صوب تركيا، ورصد دعمها للمقاتلين السنة في حربهم ضد قوات الأسد في سوريا ، منوها عن متاخمة تركيا حدوديا مع إيران التي تدعم الأسد ضد المقاتلين السنة ، كما رصد الكاتب انتقاد الحكومة التركية لعزل مرشح جماعة الإخوان من منصبه في رئاسة مصر . وتعرض الكاتب لموقف الولاياتالمتحدة من كل تلك الأحداث المتداخلة التي يزخر بها الشرق الأوسط، راصدا خططا أمريكية لبيع مروحيات أباتشي لحكومة العراق الشيعية التي ستستعين بها في قمع تحركات سنية ثأرية، وأشار إلى تزامن هذا مع تقديم واشنطن نوعا من الدعم للمقاتلين السنة ضد قوات النظام الشيعي في سوريا. ويمضى الكاتب البريطاني قائلا "على غرار الشرق الأوسط القديم، ثمة ملهاة في الشرق الأوسط الجديد اسمها "عملية السلام"؛ تضم الإسرائيليين والفلسطينيين ووسطاء متنوعين على رأسهم الولاياتالمتحدة " .. وأشار إلى أن الفلسطينيين عادة ما تمثلهم السلطة الفلسطينية التي لا سلطة لها على فلسطينيي قطاع غزة. ولفت كوهين إلى امتلاك إسرائيل سلاح ردع نووي لكنها تتظاهر بعدم امتلاكها لأنها لو فعلت لكان من المفترض أن تردع به إيران التي لا تمتلك حتى الآن هذا السلاح ، ونوه الكاتب إلى اتفاق الولاياتالمتحدة وإسرائيل على عدم الحديث مطلقا عن سلاح إسرائيل النووي . وتابع الكاتب عرض حقائق ومعطيات الشرق الأوسط قائلا "عصفت رياح الربيع العربي بالشرق الأوسط قبل ثلاثة أعوام ، وأطاحت بالعديد من الطغاة المستبدين ، وأظهرت أنه ليس ثم من يسيطر على الشرق الأوسط الجديد ، ليس بوسع أية دولة أن تنتج مثل هذا الكم من التغيير.. الثورات تركت فراغا.. الطائفية تحب الفراغ.. الطائفية تعني البحث عن المصلحة الذاتية وافتراس الآخرين". واتجه كوهين إلى الشرق حيث إيران واصفا نظام حكمها بالديني، ومنوها عن الملف النووي الإيراني وإلى توصل أمريكا وغيرها من القوى لاتفاق مؤقت مع إيران تعارضه إسرائيل والسعودية وأكبر لوبي أمريكي مناصر لإسرائيل وعدد من أعضاء الكونجرس ممن صاغوا مشروع قانون ينص على دعم أمريكا لإسرائيل دبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا إذا ما أقبلت هذه على شن حرب ضد إيران على النحو الذي تهدد به منذ فترة، وهو ما تعهد الرئيس باراك أوباما باستخدام حق الرفض "الفيتو" ضده. واختتم الكاتب تقريره بالقول "ان استيعاب ما تقدم من معطيات أمر جيد ، كما أن عدم استيعابه أمر لا يدعو إلى القلق.. فالسياسة الخارجية مصطلح أنيق مرادف لإدارة التناقضات ".