أقامت دار نهضة مصر للنشر مساء أمس الاثنين حفل توقيع لأول إصداراتها لعام 2014، كتاب "الحارة المزنوقة" للكاتب الساخر محمد فتحي. الكتاب يعرض بأسلوب ساخر، أحداث عديدة مرت بها مصر فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، حيث يرصد الكاتب محمد فتحى ما حدث فى عام من حكم الإخوان مستغلا تعبير "الحارة المزنوقة" الذى استخدمه الرئيس المعزول محمد مرسي، مبررا به فشله فى إدارة أمور البلاد، ومنح جماعته أدوات ووسائل التمكين من حكم مصر. "محيط" التقى الكاتب على هامش حفل التوقيع، وأكد في تصريحات خاصة أن مصر لا تزال في نفس "الحارة المزنوقة" التي ادخلنا فيها مرسي، والأمل الوحيد هو أن ندرك أننا لا زلنا بها، وألا نغمض أعيننا ونعتبر أنها أوسع شارع في الوجود، فالأمل هو أن يقوم الشعب بالخروج من هذه الحارة الضيقة، وألا يرضى بالوضع الراهن الذي لا يرضي أحد، قائلاً: "أتمنى أن نخرج من الحارة المزنوقة في تفكيرنا وحياتنا، لأن شوارع الحلم والأمل واسعة". وعن التسريبات الخاصة بالنشطاء والتي تملأ الفضائيات الآن يقول فتحي: الأمن يدير الأمور بطريقة أسوأ بكثير مما كان عليه قبل 25 يناير 2011، فالأمن يسرب تسجيلات لنشطاء من أجل إحداث خلل وتشويه لرموز ثورة يناير، الأمر الذي سيؤدي لنفس النتيجة السابقة، أن يدرك الشعب أن الأمن يتعامل بطريقة سيئة، فتقوم ثورة من جديد، ورغم قول الشرطة انها تعملت الدرس جيداً في يناير، إلا أن ممارساتهم لا تدل على ذلك، فقد تعلم الأمن ألا يفعل شئ في العلن، لكنهم في الخفاء يديرون الأمور بشكل أسوأ كثيراً. وأعرب فتحي عن أنه سيقول "نعم" للدستور الجديد. الكتاب كما تقول عنه الكاتبة الصحفية ومديرة النشر بالدار نشوى الحوفي يرصد سلبيات المجتمع والشعب. وتحكي الحوفي عن واقعة استضافة مرسي لمجموعة من الإعلاميين في أحد الفنادق الشهيرة قبل خوض جولة الإعادة بينه وبين الفريق شفيق للتعرف على آرائهم ومن سينتخبون، تقول: تمت دعوتي أنا ومحمد فتحي، وفي كلمتنا وجهنا النقد لمرسي، حتى أنني قلت له "مصر كبيرة عليك وعلى شفيق"، وفي كلمة كل منا كان يجيئنا صوتاً من القاعة معترضاً على تجاوزاتنا بحق محمد مرسي، وبعد أن انتهت الانتخابات وفاز مرسي بالحكم، اكتشفنا أن الصوت المعارض أصبح وزيراً للإعلام، وما كان هذا الصوت إلا صلاح عبدالمقصود!. وأكد صاحب الكتاب في كلمته بالندوة أن عنوان كتابه لا يتعلق فقط ب "إفيه" محمد مرسي الشهير عن "الحارة المزنوقة"، لكن "الإفيه" تحول إلى أسلوب حياة، يتعلق بالتصنيف وحالة التخوين السائدة، وكأن الشعب "زنق" نفسه في فكر ضيق، وكأن من ليس معي يصبح ضد مصر كلها. يواصل: الكتاب خرج للتأريخ لهذه المقالات التي كتبتها طوال عام 2013، لأن الجريدة سلعة سريعة التلف؛ وأكد فتحي أنه لا وجود لثورة مستمرة، فالثورة الحقيقية في العمل والإنتاج والتقدم والكتاب يحمل اخطائي، منها مثلاً افتراضي حسن النية فيمن كانوا يحكمون مصر في عهد الإخوان، وأن من حقهم الوصول إلى الحكم، وأن من ظُلم لن يكرر ما شعر به، لكنني اخطأت وأفخر بأخطائي لأنني اتعلم منها. والمشكلة كما يعبر عنها الكاتب محمد فتحي تكمن في أن لا احد يقرأ، أو يستمع وهو الأمر الذي يشعرني بالمرارة، فبعض مقالات هذا الكتاب أقول فيها مخاطباً مرسي وهو لا يزال في الحكم: "أمامك لفرصة يا سيدي الرئيس حتى لا تتحول بعد أشهر لتقف في نفس القفص الذي يقف فيه مبارك"، ويعلق بقوله: هذا المقال تسبب في أن أوضع في "اللستة السوداء" وأمنع من أن أكون مذيعاً في "راديو مصر" بأوامر عليا!. ومن مواقف السخرية المريرة كما يشير فتحي، هو هتاف "ع القدس رايحين شهداء بالملايين" فطريق القدس كما يقول معروف لا يبدأ أبداً في الصالة المغطاة باستاد القاهرة، أو من ساحة الجامع الأزهر، وقد كنت الجماعة تتهم نظام مبارك بالعمالة والخيانة طوال الوقت لتخاذله عن نصرة فلسطين، وحين تولت الجماعة الحكم لم يفعلوا شيئاً لنصرة القضية. كذلك يحضرني – يواصل فتحي – تعبير مرسي حين قال "أحرص على سلامة الخاطفين والمخطوفين"، و"الحارة المزنوقة"، ويكفي أن مرسي الذي أقسم اليمين في ميدان التحرير وفتح صدره مؤكداً انه لا يرتدي قميصاً واقياً، لم يكن يجرؤ بعد ثلاثة أشهر أن ينزل نفس الميدان هو أو أحد أفراد جماعته كما يقول فتحي!. ويؤكد صاحب الكتاب على فكرة أساسية هي أنه لا يمكنه الاستمرار في انتقاد من هو داخل السجن، يقول: لا أحارب فارساً سقط من على صهوة جواده، مؤكداً أنه إلى الآن لا يجد تفسيراً منطقياً أو نفسياً يمكنه من تفسير لماذا لم يتعلم مرسي وجماعته من أخطاء مبارك، وإصرارهم على معاداة الشعب. وتوقع فتحي أن مصر على وشك "خناقة ثالثة" قادمة، مؤكداً أنه يتمنى ألا يحدث هذا، وأن يكون القادم أفضل، والابتعاد عن فكرة إبادة الآخر. وعن تسريبات مكالمات الناشطين يقول فتحي: هذه التسريبات مكانها القضاء وليس الإعلام، معلقاً: أتمنى أن تكون التسريبات لمكالمات مرسي مع أيمن الظواهري، هذا هو الأهم الآن. مذكراً بالقول المأثور: "إذا أردت أن تنتقم من اعدائك، دعهم يرون نجاحك". واعلن الكاتب محمد فتحي تفرغه للكتابة للأطفال عند بلوغه سن 35. من جانبها قالت الكاتبة والفنانة إسعاد يونس التي حضرت المناقشة أن الإعلام مقصر في حق الأجيال الجديدة التي تجهل تاريخ بلدها، مؤكدة أنها مع الإبادة إذا كان الطرف الآخر يتربص بنا ويريد إبادتنا. وكشفت يونس عن برنامج جديد لها يبدأ فبراير القادم بعنوان "الست مصر" مؤكدة أن البرنامج يبرز جمال مصر، فهي ليست فقط "بهية" صاحبة "الطرحة والجلابية" لكنها أيضاً الهانم والمدام، التي تخاطب كل الثقافات. في كلمتها نفت داليا إبراهيم رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر للنشر، أن تكون للدار أية انتماءات سياسية، أو توجهات إخوانية مؤكدة أن الدار انتقدت الإخوان وسياساتهم أثناء وجودهم في الحكم، فأصدرت الدار "سر المعبد" لثروت الخرباوي، و"فتح مصر" لحمدي رزق، و"انتحار الإخوان" لعمار علي حسن، لافتة إلى أن انتماء الدار الأول هو للمجتمع. من الكتاب نتوقف عند تقديم باسم يوسف الذي يقول: "لم اكن أنتوي أن أقرأ هذا الكتاب، الحقيقة انا مش بتاع قراية. فأنا أشتري الكتب لأملأ بها المكتبة فأخلق شعوراً زائفاً لمن يقوم بزيارتي إني واحد بتاع قراية وكده. المشكلة أن هذا المدعو محمد فتحي كاتب كتاب صغير ومحندق وما يملاش العين. ولذلك لا أستطيع أن أتباهى به مثل باقي الكتب السميكة التي تملأ مكتبتي. إذن فإذا كنت بتاع منظرة وما لكش في القراية فلا تشترِ هذا الكتاب، أما إذا كنت تريد قراءة ممتعة وسلسة تملأ عقلك وقلبك ولا تشغل حيزاً كبيراً على رف مكتبتك يبقى شخشخ جيبك ووفر من مصروفك وجيب الكتاب ده فوراً، "و لو عاوز توفر ابعتله على تويتر أو فيس بوك وهويبعتلك نسخة! هو أساساَ ما حيصدق". حمل الكتاب إهداء إلى: باسم يوسف وال56734 الموجودين في الحارة المزنوقة. يقول المؤلف في كتابه: مقالات هذا الكتاب واكبت حكم محمد مرسي لمصر، شهدت تقلبات الكاتب بين محاولة دعم الرجل الذي كان المفترض به أن يكون "أول فرحتنا" بعد ثورة عظيمة أتت بأول رئيس مدني منتخب، ونصيحته وتحذيره لمن يحكموننا بعد أن بان عجزه وفشله هو وجماعته، وصراخه في وجهه وفي وجه مؤيديه بعد أن تأكد أنه مجرد حلقة جديدة في مسلسل فشلنا. مقالات هذا الكتاب واكبت إحباطات عديدة ودموعاً على من ماتوا وعلى حال البلد، وواكبت مرحلة الدهشة التي اعترت الجميع في كثير من الأحيان حين وجدوا أنفسهم فجأة ضد الجميع واكتشفوا في صدمة مدهشة أن أحداً لا يستحق. ويؤكد فتحي عبر كتابه أن مقالات هذا الكتاب لم يجمعها لمجرد أن يخرج الكتاب للنور، بل ليقوم بتأريخ عام صعب من حكم مرسي، بمصطلحاته الغريبة التي كان يستخدمها في ابتذال الخطاب، المفترض أن يكون خطاباً رئاسياً راقياً ورفيعاً، فذا به يتحدث عن ناس يتآمرون في حارة مزنوقة، وأصابع تلعب وتعبث بأمن الوطن. دخلت مصر الحارة المزنوقة في عهد محمد مرسي وكان المفترض أن تخرج منها بعد 30 يونيو، وعزله لكن مصر بأكملها لا تزال هناك في الحارة المزنوقة.