أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن 71 صحفيا قتلوا خلال العام الجاري 2013 أثناء تأدية مهاهم، من بينهم 24 في قارة آسيا، و23 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مما يجعل هاتين المنطقتين "الأكثر خطورة على حياة العاملين في القطاع الإعلامي". وأضافت المنظمة ومقرها باريس -في تقريرها السنوي الصادر اليوم الأربعاء- أنه وفي المقابل، شهدت إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا كبيرا في أعداد القتلى، إذ تراجعت الحصيلة من 21 في سنة 2012 إلى 10 في عام 2013، وذلك بعدما تقلصت وتيرة جرائم القتل بحق الصحفيين في الصومال (7 في عام 2013 مقابل 18 في عام 2012). كما سجلت القارة الأمريكية انخفاضا طفيفا في عدد الصحفيين الذين لقوا حتفهم أثناء ممارسة نشاطهم المهني (12 قتيلا في 2013 مقابل 15 في عام2012). وأوضحت المنظمة، غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإعلاميين والصحفيين، أن سورياوالصومالوباكستان عززت مكانتها بين الدول الخمس الأكثر دموية بالنسبة لمهنة الإعلام، بينما انضمت إليها هذا العام كل من الهند والفلبين، اللتين تحلان محل المكسيك والبرازيل، علما بأن الأخيرة شهدت مقتل خمسة صحفيين في 2013، وهو نفس العدد المسجل في العام الماضي. وأضافت "مراسلون بلا حدود" أن معظم الإعلاميين القتلى ال71 في عام 2013 كانوا من العاملين في الصحافة المكتوبة (37?) والإذاعة (30?) والتلفزيون (30?)، ثم يأتي بعدهم العاملون في المواقع الإخبارية الإلكترونية (3?).. كما يشكل الذكور (96?) الغالبية العظمى من الصحفيين الذين لقوا مصرعهم أثناء أداء مهامهم. وتابعت "من بين الصحفيين القتلى، فقد 39? حياتهم في مناطق الصراع، وعلى رأسها سورياوالصومال ومالي ومحافظات تشهاتيسجاره (الهند) وبلوشستان (باكستان) وداغستان (روسيا).. أما الآخرون، فقد لقوا مصرعهم في تغطية بعض الهجمات أو قتلوا على يد جماعات الجريمة المنظمة (المافيا وتهريب المخدرات، وغيرها) أو الميليشيات الإسلامية أو القوات التابعة للأنظمة الحاكمة أو بأوامر من مسئولين متورطين في قضايا الفساد". وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود "إن انخفاض عدد الصحفيين القتلى لم يرافقه للأسف الشديد أي تحسن في حالة حرية الإعلام".. موضحا أن أعداد عمليات خطف الصحفيين آخذة في الارتفاع بشكل مهول، في حين تزداد وتيرة الهجمات والتهديدات ضد الصحفيين. وشدد على أنه يتعين أن تكون مكافحة الإفلات من العقاب ضمن أولويات المجتمع الدولي، لاسيما وأننا نقف على بعد أيام فقط من الذكرى السابعة للقرار 1738 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين، بينما سُنت نصوص دولية جديدة بهدف تعزيز الإجراءات التشريعية المعنية بالحماية. وأشارت منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى أنه على الرغم من أن أعداد الصحفيين الذين فقدوا حياتهم أثناء ممارسة مهنتهم تراجع بنسبة 20? في عام 2013 مقارنة بحصيلة سنة 2012، التي وصفتها مراسلون بلا حدود ب"مذبحة الإعلاميين"، إلا أن هذا الانخفاض في أعداد القتلى توازيه زيادة كبيرة في وتيرة الاعتداءات والتهديدات، سواء من قبل جماعات دون وطنية أو من قوات تابعة للأنظمة الرسمية. وأوضحت المنظمة أنه "قد تم استهداف الصحفيين بشكل منهجي من قبل قوات الأمن التركية، وبشكل أخف في أوكرانيا كذلك، على هامش الاحتجاجات التي شهدها ميدان غازي بارك وميدان الاستقلال..كما شهد الربيع البرازيلي مظاهر قمع امتدت على نطاق واسع، حيث تم رصد أكثر من 100 حالة، معظمها ناتج عن التدخل القمعي للشرطة العسكرية". وتابعت:"كان الإعلاميون حاضرين بقوة في الخطوط الأمامية لتغطية الاضطرابات السياسية في مصر عام 2013 والنعرات الطائفية في العراق وحالة انعدام الأمن التي تؤججها الميليشيات في ليبيا.. كما لوحظ ارتفاع أيضا في الهجمات والتهديدات بكل من باكستانوالهند، فضلا عن تزايد معدلات عمليات الاغتيال". وأشارت "مراسلون بلا حدود" إلى أن عام 2013 شهد زيادة في عدد الصحفيين المختطفين (87 مقابل 38 في عام 2012)، حيث سجلت الغالبية العظمى من الحالات المعلن عنها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (71)، تليها أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (11)..حيث خطف في عام 2013 تسعة وأربعون صحفيا في سوريا و14 في ليبيا، علما أن وتيرة عمليات الاختطاف تسارعت بشكل مهول في سوريا خلال 2013 حيث باتت تكتسي طابعا منهجيا أكثر فأكثر، إذ يترتب عنها في أغلب الحالات تثبيط الصحفيين عن الوصول إلى الميدان. وأوضحت أنه إذا كان الصحفيون الأجانب يستهدفون بشكل متزايد من قبل النظام والجماعات الإسلامية مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة، فإن زملاءهم السوريين أكثر عرضة للخطر، ذلك أن ما لا يقل عن 18 من ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية و22 من الصحفيين السوريين لا يزالون في عداد الرهائن أو المفقودين. وأضافت أن أعمال العنف وانعدام الأمن تجبر أعددا متزايدا من الصحفيين إلى العيش في المنفى "حيث عجلت آلة العنف التي تطغى على الصراع السوري برحيل ما لا يقل عن 31 من الإعلاميين المحترفين أو الصحفيين المواطنين في عام 2013، إذ يوجد العديد منهم حاليا تحت ظروف مزرية ودون موارد في تركيا أو الأردن أو لبنان أو مصر". وفي إيران..ذكرت "مراسلون بلا حدود" انه رغم انتخاب المرشح المعتدل حسن روحاني رئيسا للجمهورية ووعود الانفتاح التي قطعها خلال حملته، إلا أن البلاد شهدت في عام 2013 فرار 12 صحفيا إيرانيا خوفا على سلامتهم وهرباً من القمع الذي تمارسه سلطات طهران. وفي المقابل، تسبب استبداد نظام أسمرا في رحيل خمسة إعلاميين إريتريين محترفين عام 2013، معربين عن رفضهم المساهمة في الدعاية لنظام أسياس أفورقي أو خوفاً من التعرض للاعتقال والحبس الانفرادي بمعسكرات السجناء الرهيبة في البلاد..كما لا يزال نزيف الصحفيين متواصلا في الصومال. وأضافت المنظمة -فى تقريرها السنوى حول وضع الصحفيين في العالم - انه وكما كان الحال في عام 2012، لا تزال الصين وإريتريا وتركياوإيرانوسوريا في قائمة البلدان الخمسة الأولى على ترتيب الصحفيين السجناء ..وبينما يظل عدد من السجناء مستقراً في الصين وإريتريا وايران وسوريا، سجل انخفاض نسبي في تركيا "فإذا كانت الإصلاحات التشريعية وراء الإفراج المشروط عن أكثر من عشرين صحفياً تركياً، فإنها لا تزال غير كافية بتاتاً للحد من الممارسات القمعية على مستوى القضاء". وذكرت "مراسلون بلا حدود" أن الاعتداءات ترتكب ضد الفاعلين الإعلاميين بشكل عام، فبالإضافة إلى هؤلاء الصحفيين ال71 الذين لقوا حتفهم، لم يسلم المواطنون الإلكترونيون والمواطنون الصحفيون من هذه الموجة (39 قتيلاً في عام 2013، مقابل 47 في عام 2012)، وخصوصا في سوريا، حيث يقوم هؤلاء الصحفيون المواطنون، رجالاً ونساءً، بعمل المراسلين والمصورين ومصوري الفيديو في محاولة لتوثيق واقعهم اليومي ونقل صورة عن مختلف أشكال القمع. وأشارت إلى أن حملة القمع الدموي التي يشنها نظام بشار الأسد تتواصل في سوريا حيث ما زالت تحصد أرواح السكان المدنيين والصحفيين..كما أن هؤلاء الفاعلين الإعلاميين باتوا مستهدفين أكثر من أي وقت مضى من قبل الجماعات الإسلامية المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، والتي لا تبدي أي تسامح أو رحمة تجاه وسائل الإعلام، إذ غالبا ما تعتبر الصحفيين في عداد الجواسيس أو الكفار. وأضافت انه وفي هذا الصدد، يمثل عام 2013 نقطة تحول مفصلية: ففي المناطق "المحررة"، كثفت الجماعات الجهادية عمليات الاختطاف والاغتيال في حق الصحفيين للمرة الأولى منذ بدء الانتفاضة في مارس 2011، إذ شهدت أواخر عام 2013 قتل الصحفي السوري محمد سعيد وزميله العراقي ياسر فيصل الجميلي.