جدد راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس الخميس، التأكيد على موقف حزبه الرافض لاستقالة حكومة علي لعريض قبل الانتهاء من تشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات والانتهاء من مسودة الدستور. وأضاف الغنوشي في تصريحات على هامش مشاركته في مؤتمر لحركة النهضة الجزائرية بالعاصمة الجزائر: "الحكومة تستقيل بعد توفر الشروط الأخرى التي بني عليها الحوار، وهي إفراز (اختيار) الهيئة المستقلة للانتخابات، وختم (الانتهاء من) دستور البلاد". وحركة النهضة الجزائرية، هي حركة ذات توجه إسلامي، تتبنى موقفًا وسطًا يرفض العنف، تأسست في مارس 1989، على يد الشيخ سعد عبد الله جاب الله، والذي انفصل عنها سنة 1999، وأمينها العام الحالي هو فاتح ربيعي. وأشار الغنوشي إلى أن "هذه العملية (مؤتمر الحوار الوطني) لديها ثلاثة فروع تسير مع بعضها البعض هي: انتخاب الهيئة المستقلة وإعداد الدستور واستقالة الحكومة، وإن تعطل أحد منها يتوقف المساران الآخران حتى إصلاح العطب (الخلل)". وأوضح زعيم حركة النهضة أن "عداد الحوار توقف لأسباب خارجة عن نطاق الحكومة وعن المؤتمر الوطني للحوار؛ لأن المحكمة الإدارية عطلت عملية فرز الهيئة الانتخابية المستقلة". وكانت المحكمة الإدارية التونسية قد طعنت، الاثنين الماضي، في عمل لجنة الفرز المنبثقة عن المجلس التأسيسي (البرلمان المؤقت) والمعنية بتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهو الأمر الذي يعني وقف أعمال اللجنة. والمحكمة الإدارية التونسية هي مؤسسة دستورية قضائية تأسست عام 1972 وتتمتع بصلاحيات قضائية مستقلة في الشؤون الإدارية، فضلا عن صلاحيات أخرى تعتبر استشارية. وبين زعيم حركة الائتلاف الحاكم في تونس أن "تونس تشرف على مرحلة انتقالية ثالثة، وتستعد لانتخابات تتوج مسارها الانتقالي بالنجاح، وذلك بعد وضع الدستور وتشكيل هيئة انتخابية مستقلة والاتفاق على حكومة تكنوقراط (غير حزبيين) لنزع أي ذريعة للتشكيك في هذه الانتخابات". وفي رده على سؤال بشأن تصاعد موجة أعمال العنف بتونس، قال الغنوشي: "العنف ليس له مستقبل في تونس، ونحن مطمئنون لذلك رغم إقرارنا بوجود أخطار". وعن سبب هذا التفاؤل، أضاف الغنوشي: "العنف في تونس هو رد فعل لمرحلة حكم بن علي (الرئيس السابق زين العابدين بن علي) التي طبعها التضييق على الحريات، لكن الثورة ألغت الأسباب التي يمكن أن يستند إليها العنف مثل إطلاق الحريات والعمل السياسي السلمي، ولم يبق مبرر موضوعي لذلك إلا التأثر بالجماعات الإرهابية ذات التوجه الدولي". وأشاد رئيس حركة النهضة بالتعاون الأمني مع الجزائر قائلاً: "هناك تعاون كثيف بين الجزائروتونس وبين جيشي البلدين لمقاومة كل أنواع الإرهاب والعنف، كما أن التعاون لا يقتصر على الجوانب الأمنية بل يتعداها إلى التعاون الاقتصادي والتجاري". وبخصوص موقفه من الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الجزائر والمغرب وتأثيرها على بناء الوحدة المغربية، قال: "نحن ندعو إلى وحدة المغرب العربي، وهذا الأمر ما كان ليقع لو أن مشروع الوحدة أنجز′′. وفي رده على سؤال بشأن ما يعتبره البعض توجهًا للثورات العربية نحو الفشل، قال: "الأمر ليس بهذه الصورة، لكن هناك أحداث ردة مثل ما حدث في مصر، لكن الشعب المصري متمسك بثورته وحرياته، ويدافع عنها وذرائع الانقلاب لم تنطلِ عليه"، بحسب الغنوشي. وشارك راشد الغنوشي في افتتاح أعمال "المؤتمر الخامس لحزب حركة النهضة الجزائرية"، الذي افتتح اليوم، وذلك إلى جانب وفود من عدة دول عربية منها: الداعية الموريتاني محمد الحسن ولد ددو، وممثلون عن حزب التواصل الموريتاني، وممثل حركة حماس الفلسطينية بلبنان علي بركة، إلى جانب قياديين في جماعة العدل والإحسان المغربية، وكذا ممثلين عن مؤسسة القدس العالمية. وينتظر أن يستمر المؤتمر ثلاثة أيام، يتم خلالها انتخاب الأعضاء الجدد لمجلس الشورى لحركة النهضة الجزائرية، وكذا البت في مواقف الحزب من ملفات سياسية مثل انتخابات الرئاسة القادمة في الجزائر، فيما يتوقع أن يعاد انتخاب الأمين العام الحالي للحركة فاتح ربيعي لفترة جديدة في منصبه، بحسب مصادر قيادية في الحزب تحدثت إليها الأناضول. وتشهد تونس منذ اغتيال القيادي المعارض، شكري بلعيد، يوم 6 فبراير/ شباط الماضي أزمة سياسية، زادت وتيرتها بعد اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو/ تمّوز الماضي؛ حيث خرجت على إثرها مظاهرات تطالب الحكومة بالاستقالة وبحل البرلمان، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتزعمها كفاءات وطنية لا تترشح للانتخابات المقبلة. وأعلن الرباعي الراعي للحوار الوطني الإثنين قبل الماضي تعليق الحوار الوطني الذي انطلق يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد فشل القوى السياسية في التوافق على اسم رئيس الحكومة المقبلة. والرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس هو: الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.