أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " إيسيسكو " أن نشر قيم التسامح وثقافة الحوار على أوسع نطاق وترسيخهما في سلوك الأفراد والجماعات، يتطلبان مقاربة تكاملية تتعاضد فيها الجهود وتتلاقح المبادرات والخبرات بين الحكومات والمؤسسات التربوية والثقافية وأهل الاختصاص من الباحثين والتربويين والمثقفين وغيرهم. وقال في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية لمنتدى باكو الإنساني الدولي الثالث صباح اليوم في عاصمة آذربيجان بحضور رئيس الجمهورية السيد إلهام علييف، إن دعوات الانغلاق والإقصاء لا يمكن أن تواجه إلا بتنوير الأفكار والتشجيع على التعدد اللغوي والحفاظ على التنوع الثقافي وتفعيل الحوار والتبادل الثقافي مع الأمم والثقافات الأخرى تحت مظلة القيم الإنسانية المشتركة، ومع احترام الخصوصيات الثقافية والحضارية. مشيرًا إلى أن هذا هو ما عبّرت عنه الإيسيسكو من خلال "الإعلان الإسلامي حول التنوع الثقافي" الصادر عن المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة، و"إعلان القيروان : من أجل تعزيز حوار الحضارات واحترام التنوع الثقافي" الصادر عن "المؤتمر الدولي حول تفعيل الحوار بين الثقافات والحضارات وتعزيز احترام التنوع الثقافي" . وقال إنّ منتدى باكو الإنساني الدولي، وبحضور هذه النخبة الراقية من القادة والسياسيين والعلماء والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين الذين تنادوا إلى هذا المحفل من مختلف بقاع الأرض، سيواصل حشد الطاقات الخيّرة وبلورة الرؤى والتصوّرات العمليّة من أجل ترسيخ قيم الحوار والتسامح واحترام حقوق الإنسان وتفعيلها في سلوك الأفراد ومواقف المجموعات والأمم والدول، حرصًا على الإسهام في بناء نظام عالمي إنساني جديد قائم على القانون الدولي، في ظلّ سلام عادل وكرامة إنسانية تنعم بهما الشعوب جميعًا بدون استثناء. وأضاف : "إن ذلك هو الهدف الرئيس للمنتدى الذي كنتُ شاهدًا على تأسيسه، والذي أتمنى له كامل النجاح في تحقيق أهدافه". وأبرز التزام جمهورية أذربيجان الراسخ بقيادة الرئيس السيد إلهام علييف، بدعم الجهود الإقليمية والدولية المعزّزة للسلام في العالم والدّاعية إلى اعتماد التسامح والحوار مبدأيْن رئيسيْن من المبادئ الإنسانية العليا التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقات الدولية، والإسهام من خلال هذا المنتدى الدولي، وغيره من المبادرات الرائدة التي انطلقت من باكو، في تفعيل الآليات التي من شأنها أن تُحِلَّ التقارب بين مكوّنات المجتمع الدولي محلّ التنافر والتدابر، وتجعل التفاهم بديلا ً عن الصراع في عالم لم يفلح بعدُ، رغم التطوّر الهائل والانتشار الواسع لوسائل الإعلام ووسائط الاتصال وتكنولوجيات الترابط، في التخفيف من غُلَوَاء العصبيات المقيتة وما استحكم لدى بعض الجماعات المنغلقة والحكومات المستبدة من مشاعر الكراهية والعنصرية والعداء للآخر، ومن هذا الاحتلال الغاشم لإقليم ناقورنو كاراباخ الآذري من قبل أرمينيا وما نتج عنه من إبادة وتهجير وتدمير للمعالم الحضارية والتاريخية، والذي لا يزال قائمًا على الرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي، والمبادرات السلمية التي أبدتها آذربيجان في مناسبات عديدة. وقال المدير العام للإيسيسكو : "إنّ الظروفَ التي تنعقد فيها الدورة الثالثة للمنتدى، والتي تشهد توترات وصراعات طال أمدها وتركزت أغلب بؤرها في مناطقَ من العالم الإسلامي، وباتت، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إخماد لهيبها، تعصِف بالاستقرار إقليميًا ودوليًا، وتهدّد العالم أجمع بانعكاسات وخيمة تؤثر سلبًا في العلاقات الدولية، وفي حركة التنمية البشرية، هذه الظروف تدعُونا جميعًا إلى التعامل مع الظواهر والأوضاع المؤجّجة لهذه التوترات كالعنف والاحتلال والإقصاء والتطرف والإرهاب والإسلاموفوبيا والتفرقة العنصرية، برؤية عميقة متوازنة تنفذ إلى أصول هذه الآفات والعلل، وتتعرف إلى أسبابها ودوافعها". واختتم الدكتور عبد العزيز التويجري كلمته في افتتاح منتدى باكو الإنساني الدولي بقوله : " إن الرؤية التي ندعو إلى اعتمادها ترمي إلى معالجة الاعتلالات المذكورة في جذورها، أي في العقول والنفوس والضمائر، ولا سبيلَ إلى تحقيق هذه المعالجة، إلا سبيلُ التربية والتثقيف والتوعية وتنمية الانفتاح على الآخر في سلوك النشء في البيت وفي المدرسة وفي البيئات الاجتماعية الأرحب، وهو ما يستوجب التركيز على توجيه برامج التربية والتعليم والتثقيف والتوعية والإعلام والترفيه في دول العالم كافة، ومنذ مرحلة رياض الأطفال حتى المراحل الجامعية العليا، نحو ما يخدم تفتح شخصية المتعلم وتنمية قدراته وملكاته، ويغرس فيه قيم حقوق الإنسان، وينمي لديه الاقتناع بقيم السلم والتعايش والتسامح والمساواة والتمسك بها والدفاع عنها".