الصيادلة: نطالب وزارة الصحة بتحمل مسئوليتها أصحاب الشركات: قنوات التلفزيون تبيع الوهم للمرضى .. والمنشطات الجنسية «فنكوش» "عض قلبي .. ولا تعض دوائي" ، شعار كوميدي في مظهره ولكنه مأساوي في باطنه حينما تكتشف أنه حقيقة مرة يعاني منها ملايين المصريين، فربما يرى البعض أن الشعب المصري أكتسب مناعة ضد الأزمات خاصة في ظل تتعد المخاطر التي يواجها المواطن ما بين امنية واقتصادية وسياسية، خاصة في ظل تعاقب الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية، ولكن حينما يتعلق الأمر ب"الأمن الدوائي" هنا لابد لدنا أن ندق "ناقوس الخطر" لعلنا نجد مستجيب أو مهتم، فمع ظهور أساليب جديدة لتسويق الأدوية عبر شاشات التلفزيون و شبكة الانترنت تزايدت المخاطر، حيث أثرت تلك المنتجات بالسلب على اقتصاد الشركات المنتجة للدواء، جاء قرار تسعير الأدوية ليكون القشة التي من الممكن أن تقسم ظهر صناعة الدواء المصرية التي بدأت العمل منذ ما يقرب من 80 عام، هذا فضلاً عن زيادة الأعباء المادية على كاهل المواطن بسبب أرتفاع أسعار الدواء، وعجز الحكومة عن تقديم الدعم له بسبب الأزمات القتصادي التي تواجهها الحكومة، بالاضافة الى انتشار مصانع "بير السلم" لتدوير الادوية منتهية الصلاحية. "محيط" حاولت فتح ذلك الملف الشائك لاستطلاع آراء اصحاب الشركات والخبراء عنه .. في البداية أكد الدكتور عبدالله زين العابدين، الأمين العام لنقابة الصيادلة، أن النقابة موقفها واضح من أزمة تسعير الدواء، وشددت أكثر من مرة على ضرورة أن يراعي قرار التسعير التوازن بين مصلحة المريض الصيدلي، المريض هو من يدفع ثمن الدواء من جيبه الخاص في ظل ضعف الدعم المقدم له من جانب التأمين الصحي، مؤكداً على ضرورة أن يراعي قرار التسعير أيضاً وضع هامش ربح مناسب لشركات الأدوية، حتى لا تتعرض لخسائر فادحة تدفعها للتوقف عن الانتاج في النهاية. وأوضح في تصريحات خاصة أن التسعيرة التي أعلنت عنها الحكومة مؤخراً ستودي إلى خسائر بشركات الأدوية، خاصة في ظل زيادة تكلفة الإنتاج، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى حدوث حالة من الأرتباك في سوق الدواء، مشيراً إلى أن الحل الوحيد للخروج من تلك الأزمة هو وجود تأمين صحي يحترم المريض ويلبي احتياجاته، على أن تعمل النقابة على تحقيق ذلك المطلب. وأشار إلى أن سوق الدواء المحلي يواجه أزمة خطيرة، وهي إنتشار "مصانع بير السلم"، والتي تقوم بتدوير الدواء وبيعه من جديد، بعد أن يكون فقد مفعوله وانتهت صلاحيته، لذلك لابد من مواجهة تلك المصانع والحد من إنتشارها، على إعتبار أن الأزمة متعلقة بالأمن الدوائي، موضحاً أن السبب الرئيسي في انتشار تلك الظاهرة هو تباطئ شركات الدواء في سحب كميات الأدوية منتهية الصلاحية بسبب خوفها من الخسائر التي ستعود عليها، ولكنهم لا يدركون أن الخاسرة المادية من الممكن تعويضها، أما خسارة صحة المواطنين والتلاعب بأرواحهم شيء من المستحيل تعويضه. وطالب "زين العابدين" وزارة الصحة بإصدار قانون يجبر شركات الأدوية على استرداد الكميات منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى إجراء حملات تفتيش دورية على تلك الشركات للتأكد من تنفيذها لهذا القانون، لافتاً إلى أن نقابة الصيادلة ستسعى بدورها إلى محاسبة أي صيدلي يخالف القانون، وذلك من خلال تحويله إلى لجنة تأديبية. من جانبه شدد الدكتور سيف الله إمام، وكيل نقابة الصيادلة السابق ورئيس لجنة الدواء بالأسم العلمي، على ضرورة اعادة النظر بطريقة استراتيجية في سياسة تعامل الدولة مع سوق الدواء المحلي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادي التي تمر بها البلاد، مؤكدا على أن قطاع الدواء المصري حقق نجاحات بالغة خلال الفترة الماضية، حيث تم تأسيس 200 مصنع ينتجون ما يقرب من 95% من احتياجات المصريين من الدواء، ويحققون انتاج سنوي بالمليارات، وهذا يعني أن وقوع صناعة الدواء ستؤثر بشكل سلبي على الأقتصاد المصري، وسنحتاج لسنوات أخرى لإعادة إصلاح ما أفسدته السياسات الخاطئة. وقال "امام" في تصريحات خاصة: "الدولة لا تدعم الدواء فالمواطن يدفع 70% من قيمة العلاج في حين تتحمل الحكومة باقي النسبة، والتي يتم توجيه معظمها الى ادوية لا تمثل أهمية فيكفينا أن نقول أن الحكومة تدعم ألبان الاطفال ب100 مليون جنيه، وهذا غير مقبول، فيجب أن تركز الدولة على دعم الدواء مثل ما يحدث مع قطاع الطاعة، خاصة و أن المريض يعاني من أرتفاع أسعار الأدوية بشكل ملحوظ". وأضاف : "أن الأوان لأن يتم حسم ذلك الأمر، فالأدوية المسجلة داخل مصر يبلغ عددها 12 ألف صنف، ومن الممكن دعم 2000 صنف فقط والذين تم اقرارها من قبل منظمة الصحة العالمية، على أن تلتزم شركات الأدوية بطرح هذه الأدوية بالأسعار التي أقرتها وزارة الصحة، بالإضافة إلى دعم ميزانية التأمين الصحي ووضع ضوابط لعدم تهريب أدويته، وذهذا بطبيعة الحال لا يمنع وضع هامش ربح لشركات الأدوية حتى لا تتعرض لأضرار إقتصادية، ومن الممكن أن يتم ذلك في باقي أصناف الأدوية المروحة في السوق". وتابع: "لعل أبرز ما يفشل تنفيذ تلك المقترحات هو الفساد المنتشر داخل وزارة الصحة بسبب مصالح الشركات الأجنبية، والتي تمارس ضغوط كبيرة على الحكومة لمنعها من اصلاح منظومة الدواء في مصر لإستمرار أرباحها الخيالية لأن مصر ليست دولة منشأ، ولكن الأمل ماذال موجود في أن تتخذ الحكومة الحالية تلك القرارات بإعتبارها حكومة ثورية". وفيما يتعلق بآراء شركات الأدوية أكد الدكتور مايكل وجيه صاحب شركة فرست ايد (firset aide)، أن رقابة وزارة الصحة في الرقابة على صناعة الأدوية قليلة جداً وتكاد تكون "منعدمه"، خاصة في ظل تعاقب أكثر من وزير على المنصب، الأمر الذي أصابها بحالة من عدم الاستقرار بسبب تغير القيادات بشكل مستمر، وتلك الأوضاع دفعت شركات بير السلم ومعدومي الضمير من أصحاب الشركات للإطمئنان، مخالفة القانون بشكل واضح. وأوضح أن نقابة الصيادلة وضعت بعض العقوبات الحاسمة على المخالفين من الصيادلة ومن يتعاملون مع شركات "بير السلم" فيما يخص أزمة "تدوير الأدوية"، ولكن للأسف معظم تلك القوانين والعقوبات لا يتم تطبيقها على أرض الواقع، مشدداً على ضرورة مراقبة وزارة الصحة و النقابة على مصادر الأدوية التي تتعامل فيها الصيدليات الحكومية و الخاصة، بالإضافة إلى مراقبة أسعار تلك الأدوية. وأشار إلى أن سوق الدواء المصري يواجه أزمة جديدة وهي "أدوية الإعلانات" والتي يتم الترويج لها عبر شاشات التلفزيون، دون وجود رقابة على طريقة تصنيعها الشركات التي تقوم بإنتاجها، حيث أن كثير من تلك المنتجات تكون ذات مكونات "رديئة"، وتصنع في شركات غير مرخصة، ولكن الدعاية المكثفة لتلك الأدوية يدفع المواطنين للإقبال عليها بشكل كبير، على الرغم من الأثار السلبية لها على صحتهم. وأوضح تامر خليل صاحب شركة (بلانس فارما لتجارة الادويه)، أن الحديث عن منح تراخيص من وزارة الصحة لتلك المنتجات غير صحيح بالمرة، حيث يتم الموافقة عليها بإعتبارها مكملات غذائية، ويتم اصدار الترخيص من ادارة المكملات الغذائية التابعة لوزارة الصحة، لافتاً إلى أن ذلك لا يعتبر إعتراف بفاعلية ذلك الدواء، لأنه لا يعتبر علاج لأي من الأمراض، ويجب توضيح ذلك للمستهلك ولكن للأسف هذا لايحدث، خاصة وأن الصيدليات تقبل على تلك المنتجات، بعد أن تحولت إلى أماكن لبيع مستحضرات التجميل ولم تعد مكان لترويج الأدوية كما كان في السابق، لذلك لابد أن تشدد النقابة الرقابة على جميع الصيدليات للحد من انتشار هذه المنتجات. وشدد على أن المستفيد الأول من قرار تسعير الأدوية هي الشركات الأجنبية العاملة في مصر، في المقابل ستعاني الشركات المصرية الوطنية من خسائر كبيرة، حيث سيدفع ذلك القرار الكثير من الشركات المستوردة للأدوية إلى العزوف من الاستيراد بسبب تلك الخسائر، مما سيؤدي إلى نقص وعجز كبير في الأدوية الحيوية داخل مصر. وأوضح أن بعض الشركات تسعى إلى تقليل كمية الأدوية المتاحة في السوق من أجل الضغط على وزارة الصحة لخدمة مصالحها الإقتصادية، لافتاً إلى أن الحل الوحيد للخروج من تلك المشكلة هو السماح للشركات المصرية بتصنيع المنتجات المشابهة للأدوية المستورة، والتي لا تقل في كفأتها وفاعليتها عن المستورد، ولكن الوزارة تواجه الشركات الوطنية بالمزيد من الاجراءات الروتينية وتضع في وجهها الصعوبات، في حين تسمح لها بتصنيع أدوية لا أهمية لها مثل مستحضرات التجميل، وأدوية التخسيس، وغيرها، فيجب أن يسمح ببناء مصانع مصرية بمواصفات عالمية، وبإشراف من وزارة الصحة لتحقق نجاحاً. وقال: "السياسات الإحتكارية ومصالح الشركات الكبرى تلعب دور كبير في تفاقم تلك المشكلة، بسبب العلاقات المتشابكة بين تلك الشركات والمسئولين داخل وزارة الصحة، ولكن المتضرر الأول من ذلك هو المواطن في الشارع، لأنه يعاني من زيادة أسعار الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض المزمنة و الخطيرة، مثل العظام، والسرطان، حيث تتعدى أسعارها الاف الجنيهات". ولفت دكتور وائل ادوارد، رئيس مجلس ادارة شركة فاليرا فارم للمستحضرات الطبية، أن مشكلة تدوير الأدوية منتشرة وبقوة في محافظات الأقاليم بسبب إنتشار مصانع بير السلم في تلك المحافظات، خاصة أقليم الدلتا (الغربية، والمنصورة، وكفر الشيخ)، مشيراً إلى أن السبب الأبرز لإنتشار هذه المشكلة هو الخسائر الفادحة التي من الممكن أن تتعرض لها الشركات اذا قامت بإعدام كميات الأدوية منتهية الصالحية. وأشار إلى أن نعظم الشركات العاملة في مجال تدوير الأدوية تم سحب ترخيصها ووقف نشاطها، لذلك فهي بعيدة عن رقابة وزارة الصحة و من الصعب إحكام الرقابة على تلك المصانع والشركات، ولكن من الممكن أن تنظم نقابة الصيادلة حملات توعية لأعضائها وللمواطنين، لتعريفهم بخطورة الأدوية التي يتم تدويرها، خاصة وأنها تفقد صلاحيتها وتأثيرها العلاجي، كما يجب أن تقوم وزارة الصحة بتشديد الرقابة على مخازن الأدوية. وقال اشرف القط، صاحب شركة كارين فارما لتوزيع الادويه : "المستفيد الأول من قرار تسعير الأدوية هو الصيدلي، في حين أن الشركات ستعاني من خسائر كبيرة، خاصة في ظل البزخ الذي تقوم به لإرضاء الصيدلي والطبيب، لذلك لابد من ترشيد المصروفات التي يتم انفاقها على انتاج مستحضرات التجميل، وغيرها من المنتجات الطبية عديمة الفائدة، فالقصة لا تتعلق بالمكسب والخاسرة، ولكن بخدمة المريض و المواطن". وأضاف: "أدوية الإعلانات التي يتم ترويجها عبر شاشة التلفزيون تعد كارثة كبرى، لأثارها السلبية على المريض، فيجب أن تقوم وزارة الصحة بسحب عينات من تلك الأدوية، للتأكد من فاعليتها، مشيراً إلى أن هذه المنتجات لا تؤثر على الشركات والصيدليات، لأن المواطن يعود للطبيب مرة أخرى للإستفسار عن فاعلية الدواء، خاصة فيما يتعلق بالأدوية الجنسية، وأدوية التخسيس، كما أن الصيدلي يحصل على خصومات خيالية نظير بيعه لتلك المنتجات، حيث تصل قيمة الخصم إلى 75% من سعر المنتج، فلك أن تتخيل تكلفة إنتاج ذلك الدواء على الشركة الأم".