"القومي لحقوق الإنسان" ومكتبة الإسكندرية ينظمان ندوة حول نشر وتعزيز الثقافة الحقوقية    البطريرك يوحنا العاشر يستقبل المبعوث الأممي بيدرسون في دمشق    محافظ كفر الشيخ يُسلم 22 عقد تقنين جديد للمواطنين    شتلة صغيرة استدامة طويلة.. شعار جامعة حلوان في اليوم البيئي    ترامب: إيران وإسرائيل رغبتا معا في وقف الحرب    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    الوضع في طرابلس والعملية السياسية.. ماذا جاء في إحاطة البعثة الأممية لليبيا أمام مجلس الأمن؟    تقرير: مبابي خارج حسابات ريال مدريد في مباراة سالزبورج    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    الأهلي يجهز تقريرا طبيا عن إمام عاشور لإرساله إلى المنتخب    مطروح: حملات رقابية تضبط وتعدم 37 كجم أغذية فاسدة وتغلق منشأة مخالفة    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    زينة تبدأ تصوير ورد وشيكولاتة.. وتتعاون مجددا مع ماندو العدل في عمل مستوحى من قصة حقيقية    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    جائزة لرجل الصناديق السوداء    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر بعد هجوم إيران.. ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول على كامل أراضيها    مصر وموريتانيا تبحثان توسيع الشراكة الصحية: تعاون في الدواء والتحول الرقمي ومكافحة الملاريا    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    الرئيس الفرنسي يشدد أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    تقارير: برشلونة يحسم صفقة روني باردجي    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    جنايات دمنهور تؤجل محاكمة عامل بكفر الدوار لاتهامه بخطف أطفال والتعدى عليهم    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    «صحافة القاهرة» تناقش مستقبل التعليم الإعلامي في العصر الرقمي    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    6 مشاريع بحثية متميزة لطلاب الامتياز ب"صيدلة قناة السويس"    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    إزالة 1883 حالة تعدٍ بالبناء المخالف على أملاك الدولة ببني سويف    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    سعد خلف يكتب: من دونيتسك إلى بوشهر.. بوتين يعيد رسم خرائط النفوذ من قلب سانت بطرسبرج    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد رفضها عضوية مجلس الأمن .. السعودية توجه ضربة موجعة للضمير الدولي الغائب
نشر في محيط يوم 20 - 10 - 2013

في صرخة احتجاجية مدوية وضربة موجعة للضمير الدولي، جاء قرار المملكة العربية السعودية بالاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن الدولي الذي أثار ردود فعل عديدة على الصعيدين الدولي والعربي، فهناك من أيده تأييداً كبيراً، وهناك من اعتبره تحدياً للأمم المتحدة.
وبدأت حالة الجدل هذه عندما أعلنت السعودية رفضها شغل مقعد غير دائم من مقاعد مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بعد ساعات من وقوع الاختيار عليها لتشغل المقعد للمرة الأولى في تاريخها.
وأرجعت الخارجية السعودية أسباب الاعتذار إلى "ازدواجية المعايير" في المجلس وفشله خصوصا في حل القضية الفلسطينية والنزاع السوري وجعل الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل.
وفازت السعودية بالمقعد إلى جانب تشاد وتشيلي وليتوانيا ونيجيريا وهي الدول التي انتخبت أيضا أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن لدورة تستمر سنتين بدءا من أول أيام العام المقبل.
وجاء هذا الاعتذار في وقت يعتبر فيه النظام السعودي من أهم الشركاء السياسيين للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
مبررات سعودية
وفي استعراض لأسباب الرفض السعودي هذا، ذكر بيان رسمي للخارجية السعودية أن "آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسئولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب".
واعتبر البيان أن هذا الواقع أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم.
وأشارت الخارجية خصوصا إلى بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاما، معتبرة أن ذلك نجم عنه "حروب عدة هددت الأمن والسلم العالميين".
كما أشارت الخارجية إلى "فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية"، في إشارة ضمنية إلى إسرائيل وإيران.
كما شددت الخارجية السعودية على أن "السماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيمياوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع ودون مواجهة أي عقوبات رادعة لدليل ساطع وبرهان دافع على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسئولياته".وانتخبت السعودية الخميس، للمرة الأولى عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
تأييد عربي
وفي رد فعل مؤيد للقرار السعودي، أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن المملكة العربية السعودية لديها كل الحق في أن تحتج على أسلوب إدارة مجلس الأمن وقيامه بمسئولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين "وهو لم يقم بذلك إطلاقا".
وقال العربي في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد: "إن الأمانة العامة للجامعة العربية أصدرت السبت، بيانا واضحا بشأن القرار السعودي برفض العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي".
وكان الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي قد أيد في البيان، الموقف الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بالاعتذار عن ترشيحها للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن لمدة عامين اعتباراً من بداية العام القادم، حيث إن مجلس الأمن لا يباشر مسئولياته طبقاً لميثاق الأمم المتحدة.
كما لاقى القرار السعودي تأييداً خليجياً، فقد أعلن عبداللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي تأييد الدول الست لدعوة الرياض لإصلاح مجلس الأمن.
هذا وقد رحبت قوى المعارضة السورية والسلطة الوطنية الفلسطينية وقطر والبحرين بموقف المملكة، حضتها المجموعة العربية بالأمم المتحدة على العودة عن رفضها لمقعد مجلس الأمن.
وقال وزير الإعلام الكويتي السابق سعد بن طفلة ل"الوطن" الكويتية: "إنه لم يستغرب الاستهجان الروسي لخطوة المملكة على اعتبارها من الدول المستفيدة من حق النقض "الفيتو""، مؤكدا أنه ينطبق عليها المثل الشعبي "ما يمدح السوق إلا من ربح فيه".
ومن مصر، سجل تأييد واسع لموقف المملكة، وقال رئيس حزب النصر محمد صلاح زايد إن المملكة تفهمت مضمون دعوتها لشغل المقعد في هذا التوقيت، ورفضت أن تكون شريكا في المؤامرة التي تحاك ضد الشعب السوري، داعيا إلى تحول هذا الموقف إلى موقف عربي وإسلامي، فيما استبعد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد أن تقبل أي دولة خليجية أن تكون بديلا للسعودية منعا للحرج.
إصلاح شامل
وحول الخطوات التي يجب أن تتخد بعد القرار السعودي، أعرب نبيل العربي عن أمله في أن يدفع القرار السعودي الجهود التي تُبذل منذ سنوات لتطوير وإصلاح مجلس الأمن.
وأشار العربي إلى أن المجموعة العربية هي أكثر مجموعة عانت من عدم قيام مجلس الأمن الدولي بمسئولياته على مدى أكثر من ستة عقود.
وأكد العربي على أهمية ما جاء في بيان المملكة العربية السعودية بشأن عجز مجلس الأمن عن حل عدد من القضايا الحيوية مثل القضية الفلسطينية، أو وضع حدد للمأساة الإنسانية في سوريا، أو جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وأضاف الأمين العام أن مجلس الأمن في حاجة إلى إصلاح شامل يتضمن تحديد نطاق استخدام أو التلويح باستخدام الفيتو من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، معرباً عن قناعته بضرورة إعادة النظر في أسلوب مباشرة مجلس الأمن لمسئوليات حفظ السلم والأمن الدولي وضرورة تطوير عمله طبقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
على الصعيد الدولي، كان للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رأياً موازياً لنبيل العربي، حيث قال إنه يتطلع لاستمرار العمل مع المملكة العربية السعودية لمواجهة كثير من التحديات، وفي مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.
وتحدث بان كي مون إلى الصحافة العالمية بعيدا عن عدسات الكاميرات، مؤكدا أنه يحبذ انخراط الدول الأعضاء في هيئات الأمم المتحدة مع العمل على تحسين طرق عملها، وهو ما أكده مارتن نسيركي متحدثه الرسمي فيما بعد، مضيفا: "جميعنا بالطبع ندرك أن مجلس الأمن يحتاج إلى الإصلاحات، ولكن الدول الأعضاء هي التي يجب أن تحدد شكل هذه الإصلاحات".
ويبدو الآن أن الأمين العام بان كي مون، مازال يأمل ألا يؤثر مثل هذا الانسحاب من مجلس الامن على علاقة الأمانة العامة لهذه المنظمة الدولية بالمملكة.
وأضاف مارتن نسيركي: "الأمين العام يتطلع لاستمرار العمل مع المملكة العربية السعودية لمواجهة كثير من التحديات، ومن بينها إنهاء الحرب في سوريا، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، والمساعدة في تحقيق عملية انتقالية ناجحة في اليمن، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجها، وفي مكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة".
وكان موضوع إجراء الإصلاحات لمجلس الأمن مثيرا للجدل منذ مدة، وقد أثارته المندوبة الأميركية في أول مؤتمر صحفي لها في الخامس من سبتمبر الماضي، حيث قالت سمانثا باور: "خلال العامين والنصف الماضيين وللأسف لم تنجح قواعد عمل مجلس الأمن التي وضعت عام 45 في حماية مئات الأطفال السوريين أو الاستقرار في المنطقة.. بل حمت ميزات روسيا في حماية حليفتها".
نداء بالتراجع
وعلى جانب آخر، دعا ممثلو الدول العربية في الأمم المتحدة السعودية إلى العدول عن قرارها وقبول اختيارها للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
ووجه سفراء الدول العربية في المنظمة الدولية نداءا في بيان جاء في ختام اجتماع عقد بعد إعلان الرياض رفضها عضوية مجلس الأمن.
وقال البيان: "مع تفهمنا واحترامنا لموقف الشقاء في المملكة إلا أننا نتمنى عليهم وهم خير من يمثل الأمتين العربية والاسلامية في هذه المرحلة الدقيقة والتاريخية وخاصة بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط أن يحافظوا على عضويتهم في مجلس الأمن".
ورفضت السعودية الجمعة، الدخول للمرة الأولى إلى مجلس الأمن الدولي في قرار غير مسبوق احتجاجا على ما وصفته السعودية ب"عجز" المنظمة الدولية ولا سيما حيال المأساة السورية.
كما ذكرت قناة "العربية" أن مجلس السفراء العرب في نيويورك سيتقدم بمبادرة إلى الجامعة العربية تناشد المملكة العربية السعودية العدول عن قرار الانسحاب من مجلس الأمن نظرا للظروف التي تمر بها عملية السلام ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وعلى الصعيد الدولي، فقالت فرنسا إنها تشاطر السعودية خيبة أملها من عجز مجلس الأمن، وخاصة في سوريا، أبدت الخارجية الروسية استغرابها من الموقف السعودي.أما تركيا فاعتبرت أن رفض السعودية الدخول إلى مجلس الأمن يجعل المنظمة الدولية "تفقد مصداقيتها".
الصحف الأمريكية
وشغل هذا القرار أيضاً افتتاحيات العديد من الصحف الأمريكية حيث وصف بعضها هذه الخطوة بالتحدي والازدراء للأمم المتحدة، وقالت أخرى إن رفض الرياض للمقعد يعتبر حركة احتجاجية أربكت الجميع.ففي افتتاحية "كريستيان ساينس مونيتور" تساءلت عما إذا كان هذا الرفض يعود لعلة بالأمم المتحدة أم المملكة؟.
ومضت الصحيفة بالقول: "إن كثيرا من الشعوب نافح منذ حوالي سبعة عقود لعرض أفكاره وقيمه المثلى بأروقة الأمم المتحدة، وعندما يتم انتخاب دولة لتصبح عضوا بمجلس قوي كمجلس الأمن الدولي ثم ترفض تلك الدولة هذه العضوية، فإن اللوم قد يقع على الأمم المتحدة نفسها".
وأوضحت أن الرفض السعودي لهذا المقعد المرموق شكل موجات من الصدمات بين الدبلوماسيين، خاصة أن للمجلس نفوذا وتأثيرا بالأحداث العالمية، مضيفة أنه إذا رفضت دولة غنية ومحورية مثل السعودية هذا المقعد، فكيف ينعقد الأمل نحو إنشاء "مجتمع دولي" مستقر ذي جدوى؟كما تساءلت في تقرير منفصل عن سر ما سمته الازدراء الصادم من جانب السعودية للأمم المتحدة؟، موضحة أنه يعود لاستياء الرياض من مواقف المنظمة والولايات المتحدة بشأن سوريا وإيران، مضيفة أن الرياض ربما أصابها "الفزع" عندما تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن توجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأضافت أن ثمة قلقا سعوديا أيضا إزاء تخفيض الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية إلى مصر، مضيفة بالقول إن بعض الخبراء الأمميين ينتقد السعودية بدعوى أنها رفضت مقعدا كان يمكنها من خلاله العمل على إصلاح المجلس بحد ذاته.
من جانبها، قالت "لوس أنجلوس تايمز": "إن رفض العضوية يعود للغضب السعودي على الغرب، والشعور بالإحباط إزاء عجز المجلس عن تعزيز سلام سوريا، إضافة إلى ما وصفته بأسافين البيت الأبيض بشأن الأهداف بالشرق الأوسط، وما يتعلق منها بالربيع العربي بالمنطقة".
ووصفت "نيويورك تايمز" الرفض السعودي بأنه حركة احتجاجية أذهلت الجميع، وأن تلك الحركة تؤكد مدى الغضب السعودي إزاء المواقف الغربية من أزمتي سوريا وإيران.
وأضافت بالقول: "إن القرار السعودي جاء بعد أقل من 24 ساعة من انتخاب الأسرة الدولية للمملكة لشغل ذلك المقعد، وفي خطوة غير مسبوقة، وما كانت لتتم دون موافقة ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز".
ووصفت الخطوة السعودية بأنها غير مسبوقة وقالت: "إنها هزت الأوساط الدبلوماسية"، مشيرة إلى بيان الخارجية السعودية في أعقاب رفض قبول العضوية بالمجلس الأممي.
هذا كما وصفت "تايمز" الخطوة السعودية أيضا بأنها غير مسبوقة، وقالت إنها هزت الأوساط الدبلوماسية، مشيرة إلى بيان الخارجية السعودية في أعقاب رفض قبول العضوية بالمجلس الأممي.
خبراء استراتيجيون
ولأن لهذا القرار صداه الذي اعتبره البعض بمثابة ضربة قوية للضمير الدولي الغائب تحديدا عن قضايا الأمة، فقد استعرضت صحيفة "الأهرام" المصرية رؤى عدد من المفكرين والخبراء الاستراتيجيين الذين قرأوا القرار من عدة زوايا.
فمن جانبه قال السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية للشئون العربية الأسبق: "قد تكون هناك أسباب غير معلنة وراء القرار وذلك علي الرغم من وجاهة الأسباب المعلنة تتعلق مباشرة بالمصالح الخالصة للمملكة العربية السعودية وهي في ذلك لها كامل الحق في الدفاع عنها عبر هذا القرار واضعا بعض الاحتمالات لهذه الأسباب غير المعلنة في مقدمتها أن هذا القرار يجسد حالة عدم ارتياح لاتجاهات التفاهم والمهادنة بين واشنطن وطهران بشأن منح إيران دور أقليمي في مستقبل الشرق الأوسط".
وثاني هذه الاحتمالات كما يقول السفير خلاف، يتمثل في أن تكون المملكة العربية السعودية قد تلقت معلومات عن تحركات أمريكية منفردة لدعم جماعات الحوثيين في جنوب اليمن علي نحو يتعارض مع الترتيبات المتفق عليها في المبادرة الخليجية.أما الاحتمال الثالث، فيكمن في أن المملكة بهذا القرار أرادت تجنب التكلفة المالية والحرج السياسي الذي تحملته في إطار الاستعداد لتدخل عسكري مباشر لنصرة الشعب السوري خلال الشهر الماضي وهي التي تري أنه تم إهدارها بعد التراجع الأمريكي عن توجيه ضربة عسكرية لدمشق.
ويتجلي الاحتمال الرابع والأخير في إمكانية حصول الرياض علي معلومات مبكرة عن الأجندة المقترحة لمؤتمر جنيف2 المقرر عقده الشهر الماضي وعلي الأخص ما يتصل منها ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد كأحد عناصر التسوية الواردة للأزمة المشتعلة منذ أكثر من عامين ونصف.
ووفقا لما يطرحه الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة في حديثه فإن هذا القرار ينطوي علي جملة من الرسائل والدلالات يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا: إن المملكة العربية السعودية بذلت جهودا ضخمة ليتم انتخابها ضمن الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن لتأكيد كونها دولة محورية سواء علي المستوي الاقليمي أو المستوي الدولي ولكنها رأت أن التراجع عن عضوية المجلس في هذه المرحلة يمثل رسالة تحذير أو صيحة أو إنذار أو احتجاجا شديدا علي أن الأمور داخل المجلس لم تعد مجدية.
ثانيا: إن المملكة العربية السعودية باعتبارها قوة إقليمية رأت أنها مطالبة بالسعي للحصول علي عضوية مجلس الأمن وذلك سعيا لتوفير منفذ دولي مهم للدفاع عن القضايا والمصالح العربية وعلي رأسها القضية الفلسطينية والتي لم يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ أي خطوة ايجابية حقيقية لإيجاد حلول ناجعة لها علي الرغم من إصداره سلسلة من القرارات منذ زرع دولة اسرائيل في فلسطين في العام1947 وحتي الآن وهو ما يؤكد أنه يعمل وفق منهجية ازدواج المعايير والكيل بمكيالين بينما كان المجلس يسرع في اتخاذ قرارات فورية وقاطعة عندما يتعلق الأمر بقضايا أخري غير هذه القضية ومن ثم كان من الضروري اعلان اعتذارها عن عدم قبول عضويته.
أما الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية والأكاديمي الدكتور عزمي خليفة فيقول: "إن من حق أي دولة أن تتنازل عن عضويتها في مجلس الأمن من الناحية القانونية وفقا لميثاق الأمم المتحدة إذا رأت أن هذه الخطوة تحقق مصالحها العليا وهو ما ينطبق تماما علي قرار المملكة العربية السعودية فهي قد اعتذرت عن عدم قبول العضوية وقدمت تبريرات منطقية تمثلت في إزدواجية المعايير وأعطت مثالا علي عدم حل مشكلة الشرق الأوسط تحديدا القضية الفلسطينية وبالتالي هي رأت أن اعتذارها قد يلفت الانتباه الي هذا الازدواج والأهم الي ضرورة آجراء إصلاحات هيكلية في منظومة الأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس الأمن .
تساؤلات ودوافع
وأخيراً كانت لنا وقفة مع مقال للكاتب السعودي خالد الدخيل في مقاله بجريدة "الحياة" اللندنية، حيث عرض خلالها تساؤلات شغلت بال العديد بعد اتخاذ مثل هذا القرار، حيث أكد الكاتب أن القرار السعودي برفض عضوية مجلس الأمن كان مفاجئاً للجميع، ومربكاً لكثيرين، هو يطرح أكثر من سؤال، لكنه يؤكد شيئاً جديداً في علاقة التحالف التي تربط الرياض بواشنطن، وهو تزايد الخلافات في هذه العلاقة منذ ما قبل أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001.
وأضاف الكاتب يتساءل البعض: "لماذا ترشحت السعودية لعضوية المجلس إذا كانت جهود الترشح ستنتهي على هذا النحو؟ ولماذا انتظرت السعودية حصول التصويت، ثم فوزها بالمقعد بنسبة عالية، لتعلن قرارها المفاجئ والصادم؟ هل فعلت ذلك بهدف تضخيم حجم المفاجأة ووقع الصدمة؟ أم أن القرار كان في الحقيقة قرار اللحظة الأخيرة، وبالتالي كان مفاجئاً حتى لبعض دوائر صنع القرار في الرياض نفسها، قبل أن يكون كذلك في نيويورك وواشنطن؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمتى كانت تلك اللحظة؟ وما الذي حصل أو استجد فيها، ما فرض قراراً لا سابقة له في تاريخ مجلس الأمن؟ ولماذا اختارت السعودية التعبير عن استيائها من أداء المجلس في ما يتعلق بالقضايا العربية وبخاصة الأزمة السورية، برفض عضويته، والتعبير عن احتجاجها من خارج المجلس بدلاً من قبول العضوية وممارسة هذه المعارضة من داخل المجلس؟".
واستطرد الدخيل قائلاً: "السؤال الأخير يرجّح أن القرار السعودي ليس موجهاً حصرياً لمجلس الأمن، وإنما موجه قبل ذلك إلى واشنطن.
يبدو وكأنه صرخة احتجاج مدوية على التغيرات التي بدأت أخيراً تحصل بشكل تراكمي في السياسة الأميركية تجاه المنطقة، وأن هذه السياسة بدأت تأخذ منحى لا يبدو أنه يتسع كثيراً لمصالح حلفاء أميركا، وبخاصة السعودية، واعتباراتها السياسية في المنطقة".
وأكد الدخيل في تساؤل هام: "هل ستتمسك الرياض بموقفها؟ أم أنها قد تتراجع أمام ضغوط ستتعرض لها؟"، مضيفاً أن التراجع غير متوقع من دون مقابل، فالخلاف يتعلق بقضايا مصيرية بالنسبة للسعودية، بالنسبة لأمريكا هي قضايا مهمة، لكنها ليست مصيرية، الأمر الذي يشير إلى أن العلاقات السعودية - الأمريكية دخلت مرحلة غير مسبوقة من الخلافات تبدو عصية على الحل.
من هنا أرادت السعودية برفضها عضوية مجلس الأمن بعث رسالة احتجاج قوية إلى إدارة أوباما على اعتبار أنها هي التي دفعت بالأمور - بمواقفها الأخيرة - في هذه الاتجاه، وهي التي تجاهلت مصالح حلفائها، وأن الرياض لا يمكنها مجاراة المسار الذي بدأت تأخذه سياسة الإدارة الاميركية تجاه المنطقة.
وفي نهاية تقريرنا نؤكد أن الردود والتوقعات حول مصير مشاركة المملكة العربية السعودية في مجلس الأمن الدولي ستتواصل، وهل ستواجه المملكة «الازدواجية» - كما وصفتها الخارجية- من داخل المجلس أم بإصرارها على القرار .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.