الجهاز المركزي للمحاسبات في ورطة بعد إلغاء الدور الرقابي له بأمر الدستور!! إقتصاديون: إلغاء الدور الرقابي للجهاز أكبر خطأ اقرته لجنة العشرة ولابد من التراجع عن ذلك بعد عدة جلسات تشاورية متواصلة، لازالت لجنة تسعى لوضع المواد الخاصة بالدستور، بعدما لم تنجح لجنة العشرة في ذلك، جاء الدور على صياغة المواد الخاصة بالأجهزة الرقابية، ولعل أبرزهذه الأجهزة، الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي بات على حافة الإبتعاد عن المهام التي يمارسها، خاصة وأن لجنة الخمسين حتى الآن لم تبدى أي تعليقاً أو إعتراض على التعديلات التي أجرتها لجنة العشرة عليه. واللافت للانتباه أن أبرز هذه التعديلات هي إلغاء الدور الرقابي الذي يمارسه الجهاز المركزي على أموال الشعب ، والغريب في الأمر أن قصة إلغاء الدور الرقابي لم يعلم عنها أحداً، حتى بعدما جاء دور لجنة الخمسين لإعادة صياغة المواد الخاصة بالدستور. لذا حاولت شبكة الإعلام العربية" محيط" أن تتعرف على أكثر المواد التي تم تعديلها في الدستور والتي تتعلق بنشاط الجهاز المركزي للمحاسبات؟، وما هي الأثار والنتائج التي قد تنجم حال تطبيقها؟.. وإليكم التفاصيل في السطور القادة. في البداية أكد الدكتور ياسر حبيب المتحدث الإعلامى لنادى اعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات في تصريحات خاصة ل"محيط" أن عندما جاءت لجنة العشرة ، قامت بإتخاذ عدة قرارات لتحذف الكثير من ضمانات الجهاز، إذ أنها أطاحت بطموحات وآمال الجهاز والاستحقاقات الدستوريه التى تحققت له فى دستور 2012 ، فبدلا من تضيف ضمانات للجهاز حذفت منها ، وبدلا من ان ترسخ استقلال الجهاز اجهزت عليه . وتابع حبيب حديثه ل" محيط" قائلاً: إن لجنة العشرة بدلا من أن تسعى من أجل توسيع الصلاحيات الرقابية للجهاز للحفاظ على أموال الشعب وتقوم بتوسيع صلاحياته ، قامت بجعله خارج الخدمة إذ جعلته مرتعاً وسبيلاً، إذ احكمت القبضة عليه دستوريا وسعيت للتدخل في أعماله والسيطرة عليه. وأوضح حبيب أن أبرز المواد التي تم تعديلها والتي تسعى لإنتقاص ضمانات الجهاز، هي المادة 200 من دستور 2012 والتى تقضى " يتمتع الجهاز بالحياد والاستقلال الفنى والمالى والادارى" ، فقد حذفت اللجنه بجرة قلم هذه الفقره من الماده التى ناضل جميع أعضاء الجهاز لتحقيقها وذلك بالتعاون مع الجمعية التأسيسية للدستور، مشيراً إلى أن الجهاز قام بتقديم كل الادله الدامغه على ضرورة النص عليها بالدستور، وذلك وفقا لما تقضى به المعايير الدوليه ،و المنظمه الدوليه للاجهزه العليا للرقابه والمحاسبه "الانتوساى" وما يصدر عنها من توصيات فى هذا الشأن منذ عام 1977 ، وهى منظمه عالميه غير حكوميه تأسست عام 1953 تقدم للاجهزه الرقابيه اطارا وهياكل مؤسساته لتبادل المعلومات والخبرات من أجل تحسين وتطوير الرقابه الماليه على المستوى الدولى وتضم فى عضويتها الاجهزه العليا للرقابه والمحاسبه فى كل دوله وبلغ عدد اعضائها 190 عضو منها الجهاز المركزى للمحاسبات عضوا فيها . فضلا عما تتمتع به الاجهزه الرقابيه فى دول المغرب العربى وغيرها من دول اووربا من تحصينات دستوريه لاستقلالها تمكنها من اداء دورها دون تدخل من أى سلطه تخضع لرقابة هذه الاجهزه . وأضاف أن من أكثر المواد التي تم تعديلها أيضاً، والتي قللت صلاحياته ، هي حذف الماده 205 من دستور 2012 والتى تنص على ان" يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابه على اموال الدوله ، والجهات الاخرى التى يحددها القانون." والتى من شأنها احكام رقابة الجهاز على كل ما تمتلكه الدوله من أموال تخضع لرقابة الجهاز وهذا هو الهدف الاصيل لانشاء الجهاز منذ عام 1942 ، فبحذف هذه الماده واسنادها للقانون الذى يسهل تعديله فى اى وقت وحسب رغبة النظم الحاكمه فى امكانية منع الجهاز من الرقابه على اموال القضاء مثلا او مؤسسة الرئاسه او مجلس الوزراء أو بعض الاحزاب أو غيرها من اموال الشعب وهنا يكون الجهاز بين نارين ان يسمع لسلطة القانون الممنهج للفساد أو يتحمل هجوم الشعب عليه فى تقصيره فى اداء الامانه ، ومن هنا لن نسمح بهذا أو ذاك وسنناضل من أجل الحفاظ على اموال الشعب ورجوع النص علي هذه الماده ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وبدلا من تحذف الاخطاء ابقت عليها ،وبدلا من حماية الجهاز من التدخل فى اعماله والسيطره عليه احكمت القبضة عليه دستوريا . وأشار حبيب إلى أن بعد حذف الكثير من المواد والتي قللت صلاحياته ، إلا أن الغريب في الأمر أنها قد ابقت على المواد التي كان يرغب الجهاز في حذفها، وقامت بحذف المواد التي ناضل كثيراً من أجل تحقيقها، إذ أيقت اللجنة على الماده 202 من الدستور المعطل يقابلها الماده 183 من الدستور المعدل، لافتاً إلى أن الماده معنيه بتعيين رئيس الجمهوريه لرئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بعد موافقة مجلس الشعب، ونظرا لأن الجهاز يراقب على الثلاث سلطات التنفيذيه والتشريعيه والقضائيه من ناحية تحصيل المال العام وانفاقه اى انه يراقب على اموال الموازنه العامه للدوله التى تتسلمها هذه السلطات وتقوم بالصرف منها و التحصيل والتى هى اموال الدوله والشعب ، فكيف يعين رئيس الجمهوريه رئيس الجهاز الذى هو يراقب عليه ،ففى ذلك يكون التدخل فى عمل الجهاز وحجب التقارير المحرجه لرئيس الجمهوريه. وأوضح حبيب أن هذا الأمر ما حدث بالفعل العام الماضي، إذ تم اتهام الجهاز بتقصيره فى محاربة الفساد وقد ثبت عكس ذلك حيث وجدت تقارير للجهاز عن كل هذه ملفات الفساد ولكنها كانت فى الادراج بسبب هذا التعيين وهذه التبعيه لرئيس الجمهوريه ، وبدلا من تبعيتنا لرئيس الجمهوريه فقط فى قانون الجهاز الحالى 144 لسنة 1988اصبحنا تابعين لمجلس الشعب ايضا يسعى رئيس الجهاز لكسب وده ورضاه ويتجاوز عن مخالفاته الماليه ، فبالعقل لايجوز ، وبالتجارب السابقه لايستقيم بقاء هذه الاليه فى تعيين رئيس الجهاز . وأبدى حبيب عن حزنه الشديد لما آلت اليه النصوص الدستوريه الخاصه بالجهاز والصادره عن لجنة العشره ، ولما تمثله من مخاطر جسيمه على الحفاظ على اموال الشعب ومقدرات البلاد ، خاصة وأن لجنة العشرة لم تبدى حتى هذه اللحظة أي إعتراض على ذلك، مشيراً إلى أن بهذه التعديلات يزداد الغنى غنى ويزداد الفقير فقرا ، قائلاً:" لا تلوموا الجهاز مستقبلا عما يحدث من الفساد لأن التعديلات غلت يد الجهاز عن محاربته بنصوص دستوريه معيبه تحمى الفساد وتقننه". وبسؤال عدد من الخبراء حول إلغاء الدو رالرقابي للجهاز المركزي للمحاسبات، أبدى الدكتور جلال الجوادي، الخبير الإقتصادي، رفضه التام لإلغاء الدور الرقابي للجهاز المركزي للمحاسبات، مؤكداً أن هذا الأمر قام بإنتقاص صلاحيات الجهاز المركزي والذي يعد أحد أهم الأجهزة الرقابية الموجودة في مصر،والمعنية بمراقبة الحكومة ورصد مخالفاتها وتجاوزاتها. وأضاف أنه بإلغاء الدور الرقابي ستصير السرقة " عيني عيني" دون وجود أي رقابة من الجهاز على ذلك وبالتالي سيعود مسلسل إهدار المال العام، لافتاً إلى أن إلغاء الدور الرقابي للجهاز المركزي سيعد من أكبر الأخطاء التي ستتخذها لجنة الخمسين، وعليها إعادة النظر في ذلك قبل أي يفوت الآوان ويندم الجميع على ذلك ويكون الشعب المصري هو الضحية في النهاية. بينما أكد الدكتور صلاح جودة، المستشار الأقتصادي للمفوضية الأوروربية، أن قبول لجنة الخمسة للمواد التي تم تعديلها من قبل لجنة العشرة سيعد من أكبر الأخطاء التي يتم إرتكابها وسيتضمنها الدستور الجديد، مشيراً إلى أن إلغاء الدور الرقابي للجهاز سينجم عنه في النهاية كارثة إقتصادية. وأضاف جودة أنه قام من قبل بالمطالبة بأن يكون الجهاز المركزي جهة مستقلة عن رئيس الدولة ورئاسة الوزراء، ليكون مثله مثل مجلس الدولة، جهة مستقلة ولها جمعيتها العمومية.وشدد جودة على ضرورة أن يكون من حق الجهاز المركزي إخطار الجهات القضائية خاصة النيابة بأي مخالفات موجودة باي جهة من جهات الدولة ، وذلك بدلاً من أن يتم رفعها لرئيس الدولة ورئيس الوزراء ومن ثم يقرر ما إذا كان يرفعها للنيابة .