بطانة فاروق حسني لا تزال مهيمنة على الوسط الثقافي كيف يفوز حجازي بجائزة النيل وهو ضيف غريب على الشعر الآن؟ عصافير النظام السابق حرمت المثقفين الحقيقيين من الفوز بالجوائز جوائز الدولة تخلو من الشرعية ولم تتطهر بعد الجوائز تحولت من تقدير أدبي إلى مساعدة مالية صابر عرب يفتقد الرؤية الاستراتيجية ويحتفي ب"عجائز الزفة" الغباء الثقافي أخطر على المصريين من الفساد المالي كيف تمنح الجوائز لجان شكلت من موظفين ومثقفين توقفوا عند حقبة الستينيات! وزارة الثقافة مكان أبدعته الحكومة "لتفريخ" المعارضة أثار الإعلان عن الفائزين بجوائز الدولة حفيظة الشاعر والمفكر د. علاء عبد الهادي، حاوره "محيط" ليعرف أهم مآخذه على جوائز الدولة ومعايير الترشيح والتصويت، وكيف يراها كفيلة بان تحرم المثقف الحقيقي من التقدير الأدبي، وأن الجوائز أصبحت تُعطى لدوافع "التربيطات" والضغط والعلاقات العامة، وليس لمعايير الإبداع، و"هواة الهواة" هم من يسيطرون على المشهد الثقافي الآن، مؤكداً أن المشكلة لا تكمن في جوائز الدولة, ولكن تكمن في منهج إدارتها ووظيفتها, والغرض من إنشائها! لكنها مصر مبارك في أبشع صورها وأكثرها فسادا تقوم من جديد! ...إلى نص الحوار تم الإعلان عن جوائز الدولة هذا العام, ما ملاحظاتك على أسماء الفائزين..وهل رأيت تغييراً طرأ على الآليات التي تمنح بهاا؟ مازالت بطانة الوزير فاروق حسني القائمة على الشأن الثقافي المصري إلى الآن مهتمة بالشكل والمهرجان والفرد والحظيرة, على حساب المضمون والأثر والجماعة والمشروع, لا تخرج جوائز الدولة عن هذا السياق, فقد كانت هذه الجوائز موجهة في العقدين الأخيرين حسب الطلب, ووفق سياقات المصالح المتبادلة, ولن أتكلم في هذا السياق عن عصافير كثيرة لوثتها الحظائر, من حظيرة فاروق حسني إلى حظيرة التوريث, ومنها عصافير فازت بهذه الجوائز ووجهتها لإدخال المثقفين إلى حظيرة النظام. قد يجوز لنا السؤال مثلا عن الظروف التي أخذت فيها د. زبيدة عطا التقديرية في التاريخ, قبل علماء تاريخ أفاضل كثيرين لهم وزنهم ومكانتهم, ولماذا؟ ألا يجوز لنا السؤال كيف أخذ مصطفى الفقي جائزة مبارك في العلوم الاجتماعية مثلا, وهو كاتب أفضل ما يقال عن كتاباته في أفضل تجلياتها إنها متوسطة المستوى والقيمة؟، هل يمكننا مثلا السؤال عن أحقية صابر عرب في التقديرية, هذا دون أن نتطرق للطريقة الفاسدة التي أخذ بها الجائزة وهو على رأس الوزارة, مستقيلا وعائدا بعد منحها له, هذا "الدوبلير" المعجزة الذي عمل في حظيرة فاروق حسني مباركا نظام المخلوع, ووزيرا في عهد محمد مرسي, منصاعا لسياسات المعزول, ووزيرا في عهد حكومة البلاوي القائمة! متعاونا مع بشائر تدعم عودة نظام مبارك؟. هل كان يمكن أن يأخذ جائزة النيل أحمد عبد المعطي حجازي – وهو شاعر أهميته طواها التاريخ, هو ضيف غريب على الشعر الآن- لولا وجود سعيد توفيق على رأس المجلس الأعلى للثقافة وفهمه السقيم عما يسميه الشعر (الحقيقي!)؟ وذلك في ظل وجود منافسين أعلى إنتاجا وثقافة وتأثيرا من حجازي كالطاهر مكي, وإدوار الخراط؟ لا تسل, فهو عهد صابر عرب, عهد فلول تلامذة بعد غياب الفلول الأساتذة. لن ينسى المثقفون عشرات آخرين ممن لا يستحقون هذه الجوائز الذين أخذوها من مستحقيها، وحرمتهم منها عصافير النظام السابق, وبطانته. من يحاسب هؤلاء عما اقترفوه من جرائم في حق الثقافة المصرية؟ ألا يجوز لنا أن نسأل عن هذه اللجان السقيمة, التي شكلت من موظفين, ومن مثقفين وأكاديميين وصحفيين نجوم توقفت ثقافة عدد كبير منهم عند حقبة الستينيات مثلا؟، ألا يجوز لنا السؤال عن تقارير لجان التقويم التي يضرب بها عرض الحائط؟ ومع ذلك تستمر هذه اللجان في كتابة تقارير تحسد عليها, دون أدنى شعور بالإهانة! وذلك في لعبة مشتركة لا تخلو من تواطؤ! هذه الجوائز تخلو من الشرعية وستظل كذلك حتى تنتبه ثورة يناير إلى خطورة الملف الثقافي, وتعيد بناء هذه المؤسسات على أنظمة نظيفة ذاتاً وموضوعاً. ما أهم المآخذ التي تنال من مصداقية هذه الجوائز؟ أهم المآخذ التي تنال من مصداقية جوائز الوزير الدوبلير, وموظفيه, ولا أقول جوائز الدولة فأراها كالآتي: من ناحية المنشأ: في الدول التي يحظى موقع الثقافة فيها بمكانة محترمة لا تصدر الجائزة إلا بتشريع يصدره رئيس الجمهورية, بعد اقتراحه من البرلمان, ووضع لائحته, وليس قبل ذلك, لأنها جوائز يحددها الشعب وتصدر باسمه بصرف النظر عن النظام الحاكم وسلطاته التابعة, من أجل هذا أقول إنها جوائز وزارة في حقيقتها وليست جوائز دولة. فمن أنشأ جائزة من موظفي الدولة قد يكون له الحق أن يتحكم فيها!! من جانب ما يسمى لجنة جوائز الدولة: إن أعضاء لجنة الجوائز هذه من المختارين وليسوا من الصفوة, والفرق كبير, فهل يمكن أن يقبل أحد من الصفوة الأدبية الحقيقية في أي مجتمع ديمقراطي صحي وحر أن يأخذ جائزة يُحَكّم فيها؟ كل أعضاء اللجنة دون استثناء –دون الموظفين فيها- منحوا أنفسهم جوائز الدولة كلها, ويمكن بحساب بسيط أن يقوم المهتم بإنشاء جدول لأعضاء لجنة الجوائز وأمام كل منهم عدد الجوائز التي حصل عليها, من الجوائز التي يحكمون فيها! إنها مهزلة غير مسبوقة في تاريخ العالم الثقافى الحديث. هذه الجوائز مكانها الحقيقي على المستوى الأدبي في ظل ظروف منحها هو سلة مهملات التاريخ! فهي جوائز لا تشرف من أخذها من غير مستحقيها بحال, ولا يشرفها من أخذها من مستحقيها. إن هذا السلوك المتدني من أعضاء الجائزة يسلبهم جميعا أية مصداقية في الموضوعية أو النزاهة والحكم. فتشكيل اللجنة يشوبه الفساد من البداية موظفين وكومبارس وأعضاء أحزاب, وصحفيين, وكتاب حظيرة... إلخ. كلهم مستأنسون جاءوا من أسفل ذيل نظام فاسد, ومازالوا مستمرين حتى الآن لأن نظام مبارك يحكم وزارات الثقافة بكل الفساد الذي عرف عنه وعنهم! فيما يرتبط بالسياق الذي تم تشكيل اللجنة فيه: إن أعضاء هذه اللجنة قد اختيروا في عهد الرئيس المخلوع من لدن وزير جلس على رقاب المثقفين ما يزيد على عقدين, بمباركة نظام فاسد وقمعي, فلجنة الجوائز التي أنشأها مبارك بقرار منه بناء على بتوصية من وزيره, كان هدفها الأساس هو استكمال تدجين المثقفين وتيسير قبضة السياسي على المثقف, ورشوته باللجان والبدلات والجوائز والسفر... إلخ. وأسأل من زايد بعد الثورة وأعلن رفضه لأية جائزة مشبوهة من هذه الجوائز لم لم يرد قيمة الجائزة؟ بخصوص التصويت : إن التصويت على هذه الجوائز لا يتم على أساس تحكيمي وموضوعي محايد بل يتم دون أية معايير, عبر مطاردة المرشحين واتصالاتهم بأعضاء اللجنة, وعبر توظيف العلاقات العامة والخاصة, وكل من حاز جائزة يعرف عدد من اتصل بهم أو توسط لهم أو طاردهم بنفسه أو بغيره, وذلك في ظل إتاحة الحصول على الجائزة لأعضاء اللجنة أنقسهم, تمنحني هذا العام, وأمنحك العام المقبل, وذلك في ظل إدارة وزير الثقافة لأصوات الموظفين في اللجنة, إنه فساد يخرج من فساد من فساد, ولا يقوم إلا على تواطؤ كامل بين المترشح واللجنة, والوزير والموظفين والمؤسسات الرسمية, والمثقف والسياسي. , وقد شهدنا في مرات عديدة تحول الجائزة من مهمتها بصفتها تقديرا أدبيا إلى مجرد مساعدة مالية تؤخذ بعد موت صاحبها! أو بسبب مرضه, وأحيانا بسبب تهديده بالاعتصام! هذا فضلا عن مشكلات الترشيح لهذه الجوائز. كيف ترى السياق الثقافي العام الذي تمنح من خلاله الجائزة؟ بداية, لم يتغير شيء في الملفين الثقافي والإعلامي بعد الثورة, بل إن الأمر أسوأ مما كان عليه من قبل, فحاملو الرايات لم يتغيروا, ومازالت عقلية النظام السابق, وبطانته ورجاله وسياساته الثقافية الفاسدة هي التي تدير مؤسساتنا الثقافية حتى الآن, وينطبق الأمر نفسه على وزارة الإعلام وعدد كبير من القيادات الصحفية والإعلامية. وأرى أن الكوادر الحقيقية في وزارة الثقافة نادرة, سواء في الهيئة العامة للكتاب, أو في دار الكتب والوثائق القومية, أو في المجلس الأعلى للثقافة, أو في هيئة قصور الثقافة, فضلاً عن المركز القومي للترجمة, مع احترامنا لتخصصات الأكاديميين الموظفين في هذه المؤسسات. والمتأمل لملفات وزارة الثقافة المصرية سيتبين من فوره عددا من الأشخاص من المثقفين وأشباه المثقفين في صدارة المشهد على مر عقود ثلاثة, هم من يحصدون الجوائز وتطبع أعمالهم, ويسافرون في الوفود الثقافية على حساب وزارة الثقافة, ويمثلون مصر في المحافل الدولية, ويدخلون لجان المجالس...إلخ. لكن معظمهم مبدعون من ورق, ورق خلقه الإعلام وجافته الموهبة والحقيقة, بهم تراجع الدور المصري عن حضوره على المستويين العربي والدولي. هم المستمرون إلى الآن في قيادة هذه الوزارة البائسة بدءا من وزيرها ووكلائه ونوابه ولجانه ومستشاريه, وانتهاءً بجوائزه ومنحه ولجانه, هم المختارون ولكنهم ليسوا الصفوة, ربما يكون الفساد الإداري والغباء الثقافي, أخطر على المصريين من الفساد المالي هنا! . هم عار على تاريخ مصر الثقافي الحديث. وهم من أوصلوا الوضع الثقافي إلى التردي الفادح الذي هو عليه الآن, بل إنني لا أعدو الحق إذا قلت إن الوزير"الدوبلير" د. صابر عرب – كسابقيه فهو من تلامذتهم وتابعيهم- يفتقد أية استراتيجية ثقافية حقيقية لوضع مصر في مكانها الذي تستحقه على المستويين الثقافي والإعلامي, هذا فضلاً عن جهله بالواقع الثقافي, وما يمور به الشارع الثقافي المصري من تيارات, فهو يرى بعيون غيره, لأنه قبل كل شيء ليس واحدًا ممن نسميهم جماعة المثقفين, وهذا ما يفسر اقتناعه بعجائز "زفة", وصبيان ثقافة, وبمثقفين صغار يشغلون وظائف إدارية لا قيمة حقيقية لهم, بل يفتقد الواقع الفكري والثقافي في مصر بعامة أي أثر حقيقي لأعمال مؤسساتهم سوى توظيف خطاب إعلامي مضلل مثل أصحابه. هناك مؤسسات لوزارة الثقافة هل حدث في أدائها بعد ثورة يناير ما يجعلكم تغيرون رأيكم فيها؟ لا يوجد أي أثر اجتماعي ملموس للإنفاق المادي على الثقافة وكأن الوزارة وكل مؤسساتها قد خلقت لشلة أو مجموعة من المنتفعين على مدى عقود ثلاثة. فما فائدة المجلس الأعلى للثقافة بلجانه المحنطة, وما الذي اختلف فيه بعد ثورة يناير المجيدة؟ وما تأثيره على الوعي الفكري والثقافي والإبداعي في مصر؟، ما فائدة هذه المهرجانات التي لا يحضرها أحد؟ وما تأثيرها على المواطن وثقافته, سوى ما تأخذه من ميزانيات دفعها هذا الشعب, واستثمرها القائمون عليها! أليس من الصواب أن يعاد تشكيل هيئة قصور الثقافة, ودار الكتب والوثائق القومية, والهيئة العامة للكتاب, والمركز القومي للترجمة, على نحو علمي, غير مركزي, لا يخضع لوزارة مركزية, على أن يكون لكل مؤسسة منها مهمات واضحة, يحاسب عليها, ويديرها من يستحقها في إعلان شرعي لتوليها!. هكذا يتكرر انتقاد المثقفين في لقاءاتهم ومنتدياتهم لهذه المؤسسات وجدواها في الشارع الثقافي, بل تبدو هذه المؤسسات وكأنها وُجدت لخدمة جماعة الوزير، ولمثقفين آخرين انتهت أدوارهم, فوافقوا على أن يمنحوا لهذه اللجان والمؤسسات شرعيتها مقابل مكاسب مادية ومعنوية لا قيمة حقيقية لها. ما أحوج مصر إلى مؤسسات ثقافية غير مركزية, يديرها من هم أهلّ لها, ليسوا من هؤلاء "الهواة" الذين يحكمون الشأن الثقافي المصري الآن. لفد أضحت وزارة الثقافة –لأي متأمل- أصلح مكان, أبدعته الحكومة, "لتفريخ" المعارضة, هذا ما قامت به دون منازع وزارة الثقافة في عهد مبارك المخلوع, وفي عهد مرسي المعزول, وما ستقوم به قريبا في المستقبل الوشيك, لكننا في غياب الرؤية والرائي سنراهم أنفسهم دون تغيير كما لو أن فاروق حسني هو وزير الثقافة الحالي, هم وجوه كل الأنظمة والأيديولوجيات؛ مثقفو الحظائر. ماذا عن جائزة الدولة التشجعية؟ من أجل الحق هناك جوائز قيمتها المادية متواضعة, لكنها تقوم على أسس علمية وتحكيمية عادلة حتى لو لم تكن صحيحة, بصرف النظر عن المتقدمين إليها, وهذا ينطبق على الجائزة التشجيعية في مصر, وهي أفضل جوائزنا على المستوى الموضوعي, وأصغرها على المستويين المادي والدعائي.