إن ما تمر به مصر الآن يشبه أوقات الحروب، رائحة الدم والموت تحيط بالمصريين، وشعور الفقد سواء للأشخاص أو الوطن يتزايد، وخلال هذه الأوقات تتزاحم داخل الانسان مشاعر من الخوف، القلق والاحساس بالعجز والخوف من المجهول، لذلك آثر "محيط" الحديث عن كيفية تقليل الضغوط والتعامل مع اكتئاب الحروب. وما أحوجنا إلى قول الإمام الغزالى: "الخصومة توغر الصدر، وتهيج الغضب، وإذا هاج نسى المتنازع فيه وبقى الحقد بين المتخاصمين". يقول الراحل الدكتور عادل صادق أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية بطب عين شمس: أن اكتئاب الحرب نطلق عليه الأسى وهو الشعور بالفقد، سواء فقد شخص عزيز أو مواطن أو الوطن نفسه. هناك أيضا احساس آخر ينتاب الانسان وقت الحرب، وهو اكتئاب الهزيمة والاحساس بالدونية وتأنيب الذات، والتقليل من شأن النفس والشعور بالفشل أو العجز. والاحساس الثالث الذي ينتاب الإنسان في أثناء الحرب هو اكتئاب ما بعد الصدمة، ويصاحب هذا الإحساس مشاعر ممزوجة بالخوف والقلق والذعر والغضب والحزن، هذه هي الأنواع الثلاثة من الاضطرابات التي تصاحب الحروب. فالإنسان في وقت الحرب يشعر بالعجز عن مواجهة الظلم، وتكون صورته مضطربة ويشعر بأنه غير قادر على حماية نفسه أو أسرته، وبالتالي ينتابه احساس أنه ضعيف ومستهدف للعدوان وللظلم، وبالتالي تستفحل لديه مشاعر الدونية وقلة الحيلة والاحباط. وفي أوقات الأزمات والحروب يحتاج الناس لبعضهم البعض كنوع من المساندة النفسية، فالإحساس بالامتزاج مع الناس الذين يتعرضون لنفس الموقف ونفس مشاعر الخوف من المجهول يقلل إلى حد كبير احتمال وقوع الإنسان في كرب ما بعد الصدمة، فوجوده مع آخرين يتحدثون عن آخر أخبار الحرب حتي متابعة أحداث الحرب ساعة بساعة بصورة جماعية يقلل من احساس الانسان بالأسي حيث يشعر بأن المشكلة جماعية ولا تقع عليه بمفرده، فيشعر بأن ذلك هو نوع من توزيع الهم علي الجميع. هل تعانى من التوتر والقلق بشكل دائم؟، هل تدخل فى حالات من الإحباط والاكتئاب؟، هل ترى من حولك المجتمع تسوده الأنانية والعدوانية والمشاحنات ورغبة الناس فى مُخالفة القوانين!... وفوضى المرور، وتدهور الأداء فى العمل وغيرها؟. يقول دكتور رامز طه، استشاري الطب النفسي، عندما تشتد الضغوط تجبر الفرد على التخلى عن كثير من عاداته وسلوكياته، رغباته وهواياته، أو عندما تقل قدرة الفرد على التكيف مع التغيرات السريعة للحياة العصرية وما ينتج عنها.. ينشأ نوعاً من تشوش التفكير والفشل فى حل المشكلات اليومية والتناقض والعجز؛ والمزيد من الضغوط العصبية التى تجلب الكآبة والاحباط وقد تنتهى بحالة من الاكتئاب أو العنف خاصة عندما تهدد الحاجات الأساسية اللازمة لحياة الإنسان . وقد كشف فريق بحثى بكلية الطب فى بنسيلفانيا بالولايات المتحدةالأمريكية عن تأثير المشاكل والهموم اليومية على مجموعة من الأشخاص العاديين. قام الباحثون باخضاع هؤلاء الأشخاص للتفكير العميق فى بعض الهموم والأفكار، وحملوهم مسئولية حل بعض المشكلات التى تراود أغلب الناس يومياً. فى نفس الوقت؛ ومن خلال الفحص بالرنين المغناطيسى للجزء العلوى والأمامى من الدماغ (وهو الجزء الذى تأكد أنه مركز القلق والاكتئاب) قام الباحثون بمراقبة نشاط مناطق الدماغ وقياس الانفعالات المصاحبة للتفكير فى تلك المشاكل والهموم اليومية. أكدت الدراسة أن الانشغال بالمشاكل والهموم يؤدى الى تزايد الانفعالات.. مثل التوتر والقلق وقلة الحيلة، ويصاحبه زيادة فى تدفق الدم بالمناطق المذكورة فى الدماغ، كما تم تسجيل تغيرات فى ضربات القلب ومعدل هرمونات التوتر... وهى أعراض استمرت – فترات مختلفة - حتى لما بعد التجربة !. من أكثر الاضطرابات النفسية التي ترافق الحروب هو القلق، أي الشعور بالخوف من شيء غير معروف، مع اضطراب في النوم، وأحلام مزعجة جداً وكوابيس مُخيفة، تجعل الشخص يستيقظ من نومه فزعاً. كذلك يشعر الشخص بالإرهاق الشديد، وعدم القدرة على التركيز، وازدياد ضربات القلب، والتعرق الغزير، خاصة في اليدين والقدمين. كذلك يشكو الشخص من الرجفة في اليدين، وأحياناً شعور داخلي بالارتجاف، وكثيراً ما يشكو مثل هذا الشخص من الصداع المزمن، والذي لا يستطيع الشخص تحديد مكانه بصورة دقيقة، فيكون صداعا عاما، يُعرف بأنه ذو سبب نفسي. والامتزاج بالناس يقلل مع هذه الأعراض.