ناشد مارك لينش أستاذ العلوم السياسية المساعدة بجامعة ويليامز إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بوقف المعونة الأمريكية المقدمة لمصر والاستمرار في غلق السفارة الأمريكية في القاهرة والامتناع عن معاملة النظام العسكري كحكومة شرعية. وأوضح لينش في مقال نشرته مجلة "فورين بولسي" الأمريكية أن هذه الخطوات لن يكون لها أهمية في المدى القصير، فالقاهرة أكدت أنها لا تهتم بآراء واشنطن، والدول الخليجية سوف تقدم لها الأموال التي أوقفتها أمريكا، كما أن التحريض المعادي للأمريكيين سوف يستمر مع وجود حالة الطوارئ والعنف والاستقطاب والكوارث في شبه جزيرة سيناء. كما أكد أن هذه الخطوات لن تؤثر على مباحثات السلام الفلسطيني الإسرائيلي التي يعقدها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ومعاهدة كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب؛ لأن الفريق أول عبد الفتاح السيسي لا يمكنه إدارة شوارع بلاده ومن غير المرجح أن يكون راغبًا في مزيد من الفوضى مع إسرائيل الآن. وأشار المحلل إلى أن الحقيقة القاسية تكمن في أن الولاياتالمتحدة ليس لديها نفوذًا حقيقيًا على مصر لتخسره الآن ولا تكمن الأهمية في التأثير المباشر، فإتخاذ موقف "جاء متأخرًا كثيرًا" هو الطريق الوحيد أمام واشنطن لاستعادة أي مصداقية مع القاهرة والمنطقة وخطابها الديمقراطي الرث. كما قال لينش أنه من السهولة تفهم إزدواجية واشنطن في أعقاب الانقلاب العسكري، فكانت وجهة نظر البعض هناك أنه من الحكمة الانتظار ورؤية ما ستؤول إليه الأمور خاصة نظرًا للحجج المكثفة من هؤلاء الذين يدافعون عن ما اعتبروه ثورة شعبية، وذلك لم يساعدها أو يساعد الجهات الفاعلة الأخرى في معرفة ما يريدونه. ويرى الخبير أن موقف الولاياتالمتحدة المتررد بشأن الانقلاب كان له غرضًا يكمن في إبقاء الإتصالات الدبلوماسية مع كل من الحكومة الجديدة وجماعة الإخوان المسلمين، فحاولت استخدام نفوذها المتبقي للتشجيع على ضبط النفس وأن تكون وسيطًا للتوصل إلى حل مقبول، مشيرًا إلى أن البنتاجون احتفظ بإتصال هادئ وثابت مع السيسي ولكن لم يكن له تأثير واضح قليلاً على قراراته. كما سلط لينش الضوء على الجهود الأمريكية التي بُذلت لإيجاد حل للأزمة المصرية، ولكن هذه الجهود المبذولة للتوسط من أجل إتفاق سياسي لم يكن لها أن تنجح أبدًا في وقت كانت القوى المحلية تتصارع من أجل ما يعتبرونه معركة وجودية من أجل البقاء السياسي. ونوه الأستاذ أن القوات المسلحة والإخوان لم يكن لديهما رغبة في عقد الإتفاق ولم يكن هناك أي جهات فاعلة خارجية لديها قوة لتشجيع أحد الطرفين على عقد إتفاق، مشيدًا بأهمية الدبلوماسية وأن جهود الوساطة الأمريكية كانت تقدم بديلاً للعنف، وكان لديها أملاً أن يساعد دورها في كبح جماح الحكومة المصرية الجديدة عن الإجراءات التي من شأنها أن تسبب سفك الدماء أو جهود القضاء على جماعة الإخوان. وأضاف لينش أن السياسة الأمريكية تجاه مصر في العامين ونصف الماضيين كانت تحاول دعم التحول نحو الديمقراطية والتي كانت الرؤية الاستراتيجية الصحيحة، مؤكدًا أن الإساءة الدموية لمعسكرات المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي - عقب معارضة أمريكية متكررة لهذه الخطوة – لا تترك للرئيس أوباما خيارًا سوى الابتعاد عن النظام المصري. ومن ثم اختتم الخبير بدعوة واشنطن للمطالبة بعودة حكومة مدنية منتخبة والإنهاء السريع لحالة الطوارئ وضبط النفس في استخدام القوة، وإذا لم يحدث ذلك ينبغي عليها وقف المعونة وقطع العلاقات حتى تبدأ القاهرة في الحديث بجدية.