"حين نزرع أشجاراً، نزرع بذور السلام والأمل" شعار ظلت تسيير عليه طوال سنواتها السبعون التي قضت جُلّها في خدمة البيئة واللون الأخضر الذي بات اختفاؤه شبحا يهدد الحياة على هذا الكوكب، ظلت "وانجاري ماثاي" راعية حملة المليار شجرة وأهم النشطاء البيئيين في إفريقيا داعية إلى المحافظة على البيئة الخضراء وعلى كل ورقة شجر يستظل بها الناس. اشتهرت "وانجاري ماثاي" على المستوى الدولي بكفاحها ودأبها المستمر المتصل من أجل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة ما جعلها تنال جائزة نوبل لعام 2004 تقديرا لدورها في مكافحة إزالة الغابات وتشجيع الديمقراطية وحقوق المرأة، وأصبحت بذلك أول إفريقية والمرأة رقم 12 التي تحصل على جائزة نوبل للسلام منذ بدء تقديم الجائزة عام 1895. حصلت ماثاي في نفس العام علي جائزة "صوفي" المقدمة من الكاتب النرويجي جوستاين غاردر البالغ قيمتها 100 ألف دولار أمريكي ، كما حصلت على جائزة برنامج الأممالمتحدة للبيئة "جلوبال 500"، وجائزة "جولدمان" في البيئة، وغيرها من الجوائز التي تقدم في مجالات خدمة الحياة العامة. بطلة قومية ولدت وانجاري موتا ماثاي في نيري عام 1940، وتعلمت في كينيا والولايات المتحدة، ونالت درجة البكالوريوس من كلية ماونت سانت سكولاستيكا، كما حصلت على درجة الماجستير من جامعة بيتسبرج، وكانت أول امرأة في شرق ووسط إفريقيا تنال درجة الدكتوراه، وحصلت عليها من جامعة نيروبي عام 1971، وقامت هناك بتدريس التشريح البيطري. أسست ماثاي حركة الحزام الأخضر في كينيا عام 1977 لتعزيز التنوع الحيوي وتوفير فرص عمل للنساء وتحسين صورتهن في المجتمع. تطورت الحركة خلال الأعوام السابقة وتحولت إلى قوة دافعة من أجل التغيير فقد عملت تسعمائة ألف امرأة ريفية على تأسيس حضانات للأشجار وزراعة الأشجار؛ سعياً لإيقاف آثار تآكل الغابات فقد قامت بزراعة حوالي 40 مليون شجرة في القارة الإفريقية. كانت ماثاى من المدافعين عن الديمقراطية والإدارة الجيدة للموارد الطبيعية ، وساعدت نساء أخريات على تحسين مستوى معيشتهن عن طريق الحصول على الموارد الطبيعية مثل المياه النقية والحطب. خلال الفترة من 1981 إلى 1987 ترأست ماثاى المجلس القومي للمرأة في كينيا وتحولت إلى بطلة قومية نتيجة لحملتها التي شنتها لمناهضة الاستيلاء على الأراضي والتخصيص غير القانوني للغابات في بلادها ثم انتخبت كنائبة في البرلمان عام 2002 وتم تعيينها مساعدة لوزير البيئة والموارد الطبيعية. شخصية عالمية في السادس والعشرين من سبتمبر الماضي وفي غرفة صغيرة بإحدى مستشفيات نيروبي توفيت ماثاي بعد صراع طويل مع مرض السرطان لتسقط ورقة خضراء ظلت تناضل من أجل كل ما هو أخضر. الحزن خيم على كثير من أبناء الشعب الكيني وعلى رأسهم "مواي كيباكي" رئيس البلاد الذي يعتبر ماثاي شخصية عالمية تركت بصمة مميزة في مجال حماية البيئة. "سيدة عظيمة" هكذا وصفها الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي في برقية عزاءه التي أكد فيها أن الفقيدة ألهمت الكثير من النساء في أنحاء أفريقيا، وكانت تملك رؤية مستقبلية عظيمة وتمثل تجسيدا للشجاعة. وقد أعلنت فيرتيستين مبايا، المسئولة المالية في حركة الحزام الأخضر، إن "البروفيسور ماثاي أعربت عن رغبتها في أن تحرق جثتها بعد وفاتها، وتنفيذًا لوصيتها فقد تم الإعداد لمراسم جنائزية خاصة في حديقة يهورو في نيروبي، ومن المقرر أن تغرس 5 آلاف شجرة في أنحاء الدولة تكريمًا لماثاى.