لن أتحدث عن المؤامرات واللقاءات التي تمت بين مدعي الثورة ورموز المعارضة وقيادات عسكرية وأمنية، لن أتحدث عن التعاون والتنسيق بين مدعي الثورة والنظام المباركي الغاشم ورجال الأعمال الفاسدين والإعلام الداعر ذلك الساحر الذي يظهر الحق باطلا والباطل حقا ويقلب الحقائق، لن أتحدث عن البلطجية واستخدام العسكر –جيش وشرطة- لهذه العصابات من البلطجية، سأقنع نفسي أن ما حدث ليس انقلابا عسكريا . وأنظر إلى الأحداث التي تمر بها البلاد بعين المواطن البسيط أجد أن القائمين على البلاد قسموا الشعب إلى فريقين الفريق الأول صاحب الحظوة، والفريق الآخر لا أقول محروم من هذه الحظوة ولا أقول مواطن من الدرجة الثانية إنما هو مواطن لا ينال أدنى الحقوق الإنسانية التي كنا ننتظرها بعد ثورة 25 يناير المجيدة، لقد جاء يوم 30 يونية مضادا لثورة يناير وتمهيدا لانقلاب 3 يوليو ثم جاء انقلاب 3 يوليو ليجهز تماما على مكاسب ثورة يناير ويحاول العودة بنا إلى ما قبل 25 يناير وهذا ما يظهر الآن، ففي الوقت الذي شاهدنا فيه الطائرات تحلق فوق ميدان التحرير وقصر الاتحادية تحيى الانقلابيين وترسم علم مصر وتقدم عروضا بهلوانية مشجعة لهؤلاء المحتشدين وتلقي بإعلام مصر نجد نفس الطائرات تلقي ببيانات تهديد للمحتشدين في ميدان رابعة والنهضة لكي يفضوا اعتصامهم ويعودوا لبيوتهم، لقد أعطي المحتشدون الانقلابيون لقب الشعب ولقب الثوريين ونالوا الإعجاب والمدح بينما المؤيدون للشرعية الحقيقية وصفوا بأنهم ضد إرادة الشعب ونالوا الذم والتجريح والاتهامات الباطلة من أجهزة الإعلام التي تساند الانقلاب، رأينا قمة الحنان من أجهزة الأمن والجيش في التعامل مع التظاهرات التي نادت بالانقلاب أو ساندته في الوقت الذي رأينا نفس المؤسسات مدعومة بالبلطجية تتعامل بمنتهى القسوة مع الحشود المؤيدة للشرعية وما حادثة الحرس الجمهوري منا ببعيد، لقد فتحت كل وسائل الإعلام للانقلابيين في الوقت الذي سدت في وجوه المنادين بالشرعية كل وسائل الإعلام اللهم إلا التشويه وإلصاق التهم بلا دليل إلى درجة الطعن في الشرف. إن الذي اتهم الرئيس مرسي بأنه قسم المصريين – وهذا اتهام باطل- يقوم الآن فعلا بهذه الجريمة متعمدا مع سبق الإصرار والترصد وإلا لماذا ينظر إلى فئة على أنها هي الشعب ويغض الطرف عن الفئة الأخرى، لماذا استجاب لبعض مئات الآلاف وغض الطرف عن الملايين، هل يعقل أن نعطل دستورا استفتي عليه الشعب ونال موافقة ثلثي الشعب ونستبدله بإعلان دستوري مشوه أتى بإرادة فرد، هل يعقل عزل رئيس منتخب من قبل أحد الوزراء الذي عينهم هذا الرئيس ليحل محله شخص لا يذكر اسمه معظم الشعب بإرادة فرد، والعجيب أن ينال هذا الرئيس المجهول كل السلطات التشريعية والتنفيذية إلى جانب سلطته القضائية، هل يعقل حل مجلس منتخب بإرادة فرد وإسناد دوره إلى فرد يحوز كل السلطات.إذا لم تتعجب مما سبق فتعجب ممن يقولون إنها ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا، إن لم تتعجب من إعادة نظام مبارك برموزه وممارساته وسياساته فتعجب ممن لا زالوا يصفون هذه الردة السياسية والديمقراطية بأنها استكمال لثورة يناير، والأعجب أنهم يصفونها بأنها ثورة جديدة. في النهاية لابد من أن يثير هذا المقال سؤالا مهماوهو: لماذا كل هذا، لماذا تضافر كل هؤلاء من أجل إنجاح هذا الانقلاب وإسقاط مؤسسات منتخبة بإرادة الشعب في انتخابات حرة نزيهة؟! سؤال أرجو الرد عليه بتجرد وموضوعية.