يشهد التاريخ المعاصر ان الصورة قد لعبت. في بعض فصوله ، دور البطولة المطلقة في حسم المواقف وتفنيد اية ادعاءات ،ومن اشهر "زلازل"الصور تلك الخاصة بالطفلة الفيتنامية ذات التسع سنوات ،فان ثي كيم فوك ،عندما خرجت تصرخ ألما بجسدها المشتعل جراء القاء قنابل النابالم الحارقة علي قريتها . حرك مشهد حرقها حية والالم المفجع الذي تنضح به قسماتها البريئة ،الضمير العالمي ودحضدت بعذايها الاسطوري أكذوبة "الحرب النظيفة" التي كان يتشدق بها الرئيس الأمريكي في أوائل سبعينات القرن الماضي ،ريتشارد نيكسون ،وكأن أية حرب يمكن ان تكون نظيفة ،فما بالك باستخدام هذا السلاح الوحشي وهو النابالم . لفت صورة الطفلة العالم كله ونزعت عن القوات الامريكية قناع القيم الذي كانت تشهره أوإدعاء محاربة الإرهاب أو غير ذلك من تفانين تغليف المطامع والممارسات اللانسانية بعبارات براقة . كان الشعب الامريكي من اوائل الساخطين والمحتجين علي عدم شرعية العدوان الامريكي علي فيتنام وقد هاله ان تلصق صفاة الارهاب والوحشية والتجرد من الانسانية بجيشه وبهذا شكلت صورة الطفلة المشتعلة منعطفا في مسار الحرب بعد ان فقدت تعاطف ومساندة الاغلبية الساحقة من الامركيين ومعهم العالم طبعا . وقد يتساءل البعض ،هل يعقل الا يثور الرأي العام العالمي لسقوط الاف الضحايا ،ثم ينتفض لاشعال طفلة بقنبلة نابالم؟ والسؤال مشروع ولكن للطفولة وضعا خصها به الخالق..لا ادري لماذا قفزت الي ذهني قصة الطفلة الفيتنامية وانا أشاهد بهلع حقيقي ما فعله عدد من الرجال الأشداء بطفل وقع في أيديهم خلال واحدة من "غزواتهم"لميادين وشوارع مصر الرئيسية . لقد تكالب نحو اربعة او خمسة رجال أشداء علي الطفل الصغير المذعور ونحيل الجسد وهو يستعطفهم ويحاول اقناعهم بانه لم يكن ينوي الحاق أي ضرر بهم ،يشهد بذلك كونه بملابسه الصيفية ،أي بنطلون وتي شرت ،حتي لا يتذرع هؤلاء بأنه ربما. يخفي شيئا ،في جيب الجاكتة ..لقد شاهدت العديد من ضحايا الاخوان ،جثثا أحيانا وآثار تعذيب وحشي علي وجوه واجساد آخرين أحيانا أخري ،لكني اعتقد أن مشهد الطفل المذعور وسط هؤلاء الذين أكدت الصورة ،ألا قلب أوعقل لهم ،سوف تشكل منعطفا شديد الاهمية وسوف تنزع عن اليمين الديني المتطرف ،الذي يبرر جرائمه بادعاء الدفاع عن الاسلام، أي غطاء خدعوا به انفسهم قبل ان يخدعوا الاخرين . أشعر ان من شاهد "موقعة الطفل"لم يستطع النوم بعدما رأي " شجاعة؟!"نحو خمسة رجال بأجسادهم الضخمة ينهالون بالضرب علي الطفل المفزوع ،وبعد ان سالت دموع الطفل من عينيه اللتين يطل منهما الرعب. هل يمكن ان يصدق عاقل ادعاءات جماعة الاخوان وحلفائها بانهم "ناس بتوع ربنا؟" هل يعقل ان يفعل انسان عادي ،مجرد انسان، بطفل صغير ما فعله هؤلاء بطفلنا ؟ ان الصورة تعكس الواقع والحقيقة وهي قد سجلت للاخوان لحظة يصعب فيها الكذب او التجمل ،لحظة فضحت التشدق بالكلام المعسول المخادع ،لحظة فارقة فعلا ،إذ لا أمان لأناس فعلوا بطفل صغير أعزل ما فعله هؤلاء ..المشكلة انهم يعيشون خارج نطاق العصر ويحلمون بجر مصر الي التخلف والظلام ،ووربما لم يقرأ أحدهم ،عن مدي ما احدثته من آثار صورة الطفلة الفيتنامية المشتعلة والتي اشعلت ضمير العالم مما أجبر القيادة الأمريكية علي الرحيل عن فيتنام ،،وباتت الحرب الفيتنامية ،وبعد الصورة ،عارا يلاحق الدولة العظمي التي لم تنجو بدورها من "حريق"قنابل النابالم التي توهمت انها لا تحرق الا الغير. ان مشهد الاستفراد الوحشي واللانساني الذي رأيناه من هؤلاء الأعضاء بجماعة الإخوان وهم يضربون الطفل المصري حتي كاد قلبه يقفز من بين ضلوعه ،ومعه قلوبنا، لن يمر مرور الكرام وسوف يكون له ،بالتأكيد، ما بعده