تطرق الكاتب الصحفي التركي "علي بولاج" إلى التصريحات الراهنة والسابقة التي أدلى بها المفكر الأمريكي "نعوم تشومسكي" حول موقف العالم الغربي من الأنظمة السائدة في دول الشرق الأوسط ومن الدعوات المطالبة بتطبيق النظام الديمقراطي فيها، وذلك في مقالته بجريدة زمان التركية تحت عنوان "تكهن تشومسكي". ونقل بولاج، وهو أحد العلماء الأتراك البارزين في علم الاجتماع، عن تشومسكي قوله قبل أن ينتخب "محمد مرسي" رئيسا لمصر "لم يستهدف الغرب، في أي وقت من الأوقات، أن يُطبَّق النظام الديمقراطي في دول الشرق الأوسط بدلاً من الأنظمة الاستبدادية القمعية" الأمر الذي يعني أنه من السذاجة بمكان الاعتماد على الحركات الاجتماعية والسياسية المدعومة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد الكاتب التركي على أن الإستراتيجية التي يتبعها الغرب في تعاملها مع القضايا الإسلامية وشؤون الشرق الأوسط تعتمد على الحكم المسبق الذي يتجسد في "أن طبيعة الإسلام لا تنسجم مع الديمقراطية من حيث النظرية، لذا فإن الدول العربية لا يمكن أن تتآلف مع النظام الديمقراطي". ثم عاد بولاج مجددا إلى آراء تشومسكي حول الموضوع وقال "ينكر الفيلسوف الأكريكي الشهير واقعية إستراتيجية الغرب المذكورة ويلفت الانتباه إلى وجود تقليد وكفاح ديمقراطي في الدول العربية على وجه الاستمرار، إلا أن رغبة شعوب تلك المنطقة في الديمقراطية يُقطع دابرها دائمًا بالدعم الأمريكي والبريطاني، ويُجهض عليها قبل أن تلد. إذ لو تمكنت شعوب المنطقة من تشكيل برلمانات عن طريق الانتخابات الديمقراطية، لطاردتها فورًا انقلابات عسكرية، أو أتى إلى السلطة أسرة مدعومة من قبلهما لتدير عجلة الحكم في البلاد بقبضة حديدية". وتابع الكاتب التركي بأن تشومسكي لخص التكتيك الذي بنهجه الغرب، (أمريكا وبريطانيا) في تعاطيه مع الانقلابات العسكرية على النحو الآتي "إن اضطر الأمر لإجراء انتخابات ديمقراطية، فلا بد من إحداث انقلاب عسكري، وإن تعذر ذلك فينبغي حينها تهيئة الظروف والأجواء لظهور دكتاتور لتسلّم السلطة، وإن لم يلتزم هذا الدكتاتور قواعد اللعبة الدولية، فبدأ يتحدّث عن الاستقلال الاقتصادي، وعلى وجه الخصوص، بدأ يرفض مشاركة الغير في الموارد النفطية والطبيعية، عندها يأتي دور الشوارع والميادين والتظاهرات والاحتجاجات لإسقاطه. وأشار الكاتب الصحفي علي بولاج إلى قول تشومسكي بأن الغرب هو أكبر داعم وممول ومصدر للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط، وأن بريطانيا وأمريكا هما من يقفان وراء الانقلابات العسكرية والمجالس العسكرية الفاشية في الدول العربية، فالغرب منافق ذو الوجهين بمعنى الكلمة، فهو ينبه إلى "خطر الشريعة" من جانب، ولكنه يستمدّ ويستنجد بدولة يدعى أنها تطبّق الشريعة لإحداث انقلاب عسكري في مصر. وبعد ذلك، علق الكاتب بولاج قائلا "ما شدّ الانتباه إليه تشومسكي هو الذي حدث بالضبط في مصر قبل أكثر من أسبوع، وأعظم درس يمكن أن نستخلصه مما حدث هو الاطلاع على طريقة الغرب في السيطرة على عقول الشعوب وأفكارهم والتلاعب بجموع النّاس وتوجيه سلوكهم وأفعالهم وتفكيرهم في مختلف بلدان العالم، حيث يستمد في ذلك من منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان والمنظمات والحركات النسائية ومراكز البحث ومؤسسات التفكير الإستراتيجي ومواقع التواص الاجتماعي وغيرها من الوسائل. ما يجب علينا هو المعرفة جيدا بأن ردود الشعوب حتى المبنية على الشرعية الاجتماعية يمكن استغلالها والتلاعب بها من قبل دوائر النفوذ في العالم، الأمر الذي يحتم علينا إيجاد حلول لمشاكلنا انطلاقا من مصادرنا الذاتية دون الاعتماد على الآخرين والدوران في فلكهم. واختتم الكاتب الصحفي التركي "علي بولاج" مقاله المنشور في صحيفة زمان التركية بالتنويه إلى أن الوقت قد حان لنقد النظرية الديمقراطية انطلاقا من أصول الفكر الإسلامي.