ثورة 6/30 هي الموجة الثانية لثورة يناير . ولكن الفرق بين الأثنين أن الموجة الأولى كانت دعوة تظاهرية فى التحرير يوم عيد الشرطة مثل مئات المظاهرات السابقة ولكن لنضج الجانب الموضوعى المتمثل فى كم الفساد والأستبداد والأقصاء للجماهير من نظام مبارك ذلك النضج المتراكم عبر ثلاثين عاماً والذى فجره حجم التزوير الذى حدث فى انتخابات الشعب فى 2010 نزلت الجماهير فى 25 يناير كما لم تنزل من قبل ذلك الشئ الذى كسر حاجز الخوف فتدفقت الجماهير الى كل الميادين يوم 1/28 وتطورت المطالب حتى أسقط مبارك فى 2011/2/11 . أما 6/30 فأنها ثورة مكتملة الأركان فهي جماهيريه بأمتياز حيث أن الجماهير أجمعت على رفض مرسى ونظام الاخوان طوال عام حكمه . وتمثل ذلك فى توقيع 22 مليون مواطن على أستمارات تمرد . وحدد الشعب بنفسه يوم 6/30 للنزول لرفض النظام فكان الحشد التاريخى الغير مسبوق فى تاريخ مصر فأستجاب الجيش لشعبه وامتثل لأوامره فكان أنزار السيسى بناء على أصرار الشعب وأعلان ارادته فكان سقوط مرسى وبلا شك فالموجه الثانيه قد جاءت بعد اخطاء قاتله اقترفها الجميع بعد الموجه الأولى فتم أختطاف الثورة والوطن . وتمثلت أخطاء الموجه الأولى فى اصابة الشباب بحالة من الذاتية التى تحولت الى نرجسية ترفض الجميع بلا استثناء وكأن دعوتهم الى تظاهرات يناير قد اعطتهم الحق فى ان يرثوا الثورة . أيضا فى تشتت القوى السياسية المدنية حتى لو كانت متوافقه شكلاً . وكان فى مقابل ذلك حالة من التوحد للتيار الاسلامى بالرغم من الخلافات القائمة . وللأسف وبكل الصراحة فكأننا نرى وبعد ثورة يونيو الرائعة أن الاخطاء القاتلة تتكرر الشئ الذى يهدد الثورة ويهدد الوطن وسلامته . فنرى شباب تمرد تتقمصهم روح الذاتية ويصيبهم مرض النرجسية ويتعاملون وكأنهم أوصياء على الثورة والوطن . فتمرد وفكرة سحب الثقة من مرسى هي فكرة الدكتور يحي القزاز ذلك الوطنى المناضل الذى يعمل فى صمت . نعم هي فكرة رائعة وملهمة وعبرت عن الضمير الجمعى للشعب المصرى الرافض للنظام . وتوقيع الملايين كان للفكره وليس لأشخاص . كان تعبير عن موقف جماهيرى كاسح وساحق ضد النظام الشئ الذى ترجم عملياً فى نزول الملايين المحتشدة بأكثر من الذين وقعوا . نعم شكرا للشباب الذى واصل وجمع أحصاء وأعلن عن الفكرة . ولكن هذا لا يعنى ان تمرد حزب معلوم الهوية معروف البرنامج قد انضمت اليه الجماهير او فوضت هؤلاء الشباب الذين لا يعرفهم احد بعيدا عن الاعلام . كما ان تمرد لا تعنى غير سحب الثقة من مرسى الشئ الذى حدث عن طريق الجيش وبرغبة الشعب . اما الان فالمرحلة الانتقالية تحتاج الى اقصاء الذات والترفع عن النرجسية واعلاء المصلحة العامة وتأجيل المصالح الذاتية ولا أعلم هل تدخل هؤلاء الشباب بهذه الطريقة المبالغ فيها والتى تعطي احساس بأنهم قد اصبحوا أوصياء على الثورة هل هذا بناء على تفويض شعبى لهم ؟ وهل توقيع الجماهير على تمرد يعنى تفويض لهم ؟ هناك شباب ثورى مصرى وطنى بطول البلاد وعرضها ساهموا وشاركوا وما زالوا فى الثورة بموجتيها . فهل سنكرر نفس الاخطاء ونضع بذور الانشقاق والانقسام ونعيد المأساة؟ اما التيارات السياسية فما زالت تمارس نفس الدور وهو الاعتماد على الاعلام بعيدا عن الشارع والجماهير متوهمين ان ظهورهم الاعلامى هو الذى حشد الجماهير واحدث الثورة . غافلين عن أن الشعب الان هو القائد والمعلم والملهم لكل من يدعى المعرفة ويتوهم السياسة . ولذا وجدنا ذلك التسابق لمجرد التواجد فى التحفظ على الاعلان الدستورى . نعم هناك ملاحظات على هذا الاعلان ولكن لا بد أن نضع خطورة الظروف وصعوبة الموقف وحساسية الوضع التى يعيشه الوطن والذى يستغله اطراف كثيرة . فالاعلان لشهور قليلة والاهم هي معركة الدستور القادمة خاصة فى المواد الخلافية التى يتمسك بها التيار الاسلامى . فهل لديكم خطة للنزول الى الجماهير لتوعيتها بخطورة خلط الدينى بالسياسى بزعم الحفاظ على الاسلام من مناهضية حتى يعد الدستور لدولة دينية لا علاقة لها بالاسلام بقدر ما تأسس لمصالح سياسية لتيار بعينة ؟ فلا تنسوا ان خارطة الطريق والاعلان الدستورى سيعطى الفرصة للجميع للمشاركة الانتخابية واذا لم تتواجد التيارات السياسية فى الشارع وبكثافة وبعمق فستسرق الثورة مرة اخرى ولا ينفع الندم بعد ذلك . اما التيار الاسلامى فعليه ان يعلم ان ما حدث قد اكد ان مصر لن يستطيع ان يحكمها تيار واحد حتى ولو تمسح بشعار الدين . فهل نعيد جميعا تقييم الأمور وهل يمكن ان نتوافق حتى يمر الوطن من هذا المأزق الذى يهدد الجميع ؟ هل يعلم الجميع ان مصر لن تكون لغير كل المصرين .