لا أكتب كثيرا و لكنني أرى أن اليوم مختلفا وأن غد الشعوب هو نتاج لما تزرعه الشعوب يوما ما ، فكان عليً لزاما أن أسجل رؤيتي المتواضعة لمشهد عظيم ولحظة هي بعمر الشعوب لحظة الميلاد. لماذا يجب أن يخرج المصريون جميعا (صغيرهم و كبيرهم)؟؟ وما هي دلالات انتصارهم وما هي محاذير حريتهم؟. وهل هي نهاية ثورتهم أم بدايتها؟؟؟.تعرًف الثورة سياسيا بأنها الخروج عن الوضع الراهن وتغييره - سواء إلى وضع أفضل أو أسوأ - باندفاع يحركه عدم الرضا، التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب, بينما تعرفها المعاجم على أنها"ِقيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة" كما أنها تطلق على التطوير إذا ما ارتبطت بالتكنولوجيا( ثورة المعلومات والتكنولوجيا). فأيا منها ينطبق على حركة تمرد؟؟ إن هذه الحركة منبعها غضب شعبي على ما عاناه المواطنون على مدار عام كامل لم ير فيه المواطن رؤية مبشِرة أو استراتيجيات واضحة أو إدارة حكيمة لأي مما انقلب عليه في الخامس والعشرين من يناير 2011, وليس ذلك بالشيء الغريب فقد وضعوا الثقة فيمن لم يكن يوما مؤمنا بما ينادون به. ودلالات الموقف كلها لا تشير إلى ما يدعو إلى الأمل في غد أفضل في ظل نفس الحكم الذي يخفي تحت عباءته (الإسلامية) ظلما و جهلا لا يتناسب مع ما حلم به المصريون,ممسكا في يده عصا غليظة ينقض بها على كل من يخالفه الرأي متناسيا أن ذلك ليس من الإسلام في شيء.من كان - سياسيا- يطمح إلى التغيير فليخرج, فليس هناك من حلول أخرى في سياسة نجحت في إفقار شعبها بسوء الإدارة حينا وانعدام الرؤية الصحيحة دائما والتغافل عن حقوق المواطن دوما. من كان سياسيا- يطمح إلى التغيير فليخرج ,فلن تنجح حكومة تتعمد التمييز بين مواطنيها و تتوعد من يخالفها الرأي وتنحي جانبا من لا ينصاع لأوامرها!!!.من كان سياسيا- يطمح إلى التغيير فليخرج , فما من غضب كغضب من لا يستطيع القصاص لدم الشهيد, وما من قسوة كموت مواطن لم يجن سوى الصعود في حافلة تديرها تلك الحكومة. من كان -سياسيا- يطمح إلى التغيير فليخرج أملا في غد آمن علما بأنه لا غد آمن إن لم يكن اليوم هو آمن أيضا!!أما وقد استغلت تلك الحكومة تدين شعبها فإني أرى أن الحكم الذي لا يطبق جوهر ما أتى به الإسلام لينافي بأفعاله روح الإسلام السمحة لا يستحق التستر خلف وشاح التدين. فالسيادة للشرع في الإسلام, وهو ما يقابل في النظم الديمقراطية والعلمانية السيادة للشعب, و لذا لا يعترف القائمون على الحكم الحالي إلا بما يرونه هم من الشرع,غير مبالين بأن إحدى أسس الحكم الإسلامي هو أن السلطان للأمة, وأنها مصدر السلطات, فالناظر في آيات الذكر الحكيم, ونصوص السنة الغراء يرى بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة الإسلامية ليس فيها الأمر خاصاً بفرد أو بجماعة وإنما الحكم في الإسلام هو الشورى وهو ما انعدم في خلال عام انقضى على حكم أطاح برموز الثورة ليأتي بأهل الثقة على الرغم من أن الشورى في الإسلام أساس الحكم. فالتعلم أيها المتدين أن إقامة العدل, وحراسة الحريات,ورعاية المبادئ وحقوق الإنسان من مبادئ الدولة الإسلامية, فهي تقوم عليها وترعاها, وتسعى لتقريرها ,فأي عدل تحقق؟؟ وأي حرية يراها المواطن وهو يرى من انتخبه يكيل التهم لمعارضيه !!وأي إنسانية يأمل فيها من يرضى أن يشوه الدين على يد من يتشدقون بالحكم الإسلامي؟.أخيرا, من إحدى ركائز الحكم الإسلامي وحدة الأمة فأين الوحدة في حكم يقتل فيه المسلمون فقط لاختلاف مذاهبهم!!! وما أظن أن ذلك الحكم يستحق شرف الانتماء لحكم إسلامي وقد خالف أسس الحكم الإسلامي.فإن كان الحكم-الإسلامي- لم ينتصر لله بتحقيق أوامره فكيف لا تتوقف نصرة الله تبارك وتعالى له، فهو القائل جل جلاله وتعالى في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}محمد7. فلقد غابت عن هؤلاء حقيقة أن نصرة الله تبارك وتعالى ليست مجرّد أشكال أو صور معينة ظاهرية ،وإنما هي بأخذ المنهج المتكامل للنصرة الذي كان عليه رسوله- ص- في حياته ، فهو الذي كان أعظم الخلق نصرة لدين الله تبارك وتعالى وأفضلهم قياماً بواجب الدعوة إلى الله تعالى ومع هذا نرى في حياته مثالاً من نصرته، يعلمنا فيه أن النصرة ليست مجرد أعمال ظاهرية متمثلة بعنف أو مقاومة حسيّة مجردة.وإنما هي الشورى والتسامح والعدل . تمكين وتأييد لبواطنهم في الثبات على الحقّ والهدى، والثبات على منهج النور والرشاد، يصحب هذا التمكين تسخيرات متنوعة في العالم الظاهري على وفق حكمةٍ من حكم الله تعالى.إن الله عز وجل أغير على دينه من عباده وقد توعد الظالمين بانتقامه (وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (79)الحجر: 78 – 79 .فكيف بمن انتهج الولاء لأعداء الله في مشارق الأرض و مغاربها؟ بداية بما زعم أنها بروتوكولات سياسية مع قتلة المسلمين في فلسطين و نهاية بسفريات إلى حماة قتلة إخوتنا في سوريا!! وبين ذاك وذلك تخاذل عن إقامة وحدة صف؟؟ فيما يخرج جموع من المواطنين نصرة للعدل و تحقيقا لإرادة شعبا لا تخالف شرعا وأملا في غد أفضل , متمسكين بسلمية تعلي من شأن دين الله وتحقق غايته التي أمر بها.أن الله لينصر الأمة العادلة, فكيف لا ينصر المسلمين إذا ما كانت تلك غايتهم وهذه شريعتهم. غدا يوم أتمنى أن نرى فيه إسلاما يرجع بثوب حضاري لينهض بأمة أغرقها الجهل والفقر,فليثبت من أراد وليرتد من أراد, وليحذر ثوار الغد ممن سحل ثواره وقتل أبناءه وعرى نساءه ثم أراد أن يطوي الصفحة تارة بإنجاح من ليسوا من الثورة في شيء وتارة بإيهامهم أنهم حاموهم من طغيان من أتوا بهم في الحكم. إن قدٍر لثورة المصريين آت تكتمل فليعتبروا بما مضى وليكونوا أهلا بثقة شعب رويت أرضه بدماء أطهر من فيه. حماك الله يا مصر........... علمني وطني بأن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن –جيفارا ** باحثة دكتوراة في العلوم الانسانية- اليابان