المخزنجى : غياب الثقافة ينذر بالشر و علينا مواجهته * السنعوسى : كنت أظن انى احتاج بلدوزر لأدخل السوق المصرى .. و اكتشفت ان ما احتاجه هو رواية جيدة * عيسى يهاجم كهنوت النقاد و الأدباء الذين يرون الأدب حكرا على مصر و لبنان السيارات الدبلوماسية السوداء و جمع من السفراء و الدبلوماسيين و الكتاب كانوا فى انتظار نجوم البوكر الثلاثة الأديب الكبير بهاء طاهر أول الحائزين على الجائزة عن روايته " واحة الغروب " ، و الأديب الكويتى الشاب " سعود السنعوسى " عن روايته " ساق البامبو " ، و الكاتب الصحفى ابراهيم عيسى عن روايته " مولانا " . و قام مركز إعداد القادة بتكريم الأدباء الثلاثة ضمن سلسلة قادة الابداع ، بحضور العديد من الوجوه البارزة منها رئيس الوزراء السابق عصام شرف ، و سفير الكويت بمصر ، و فاطمة ابو العينين ملحق ثقافة البحرين ، و الكاتب حلمى النمنم ، و الكاتب الشاب محمد فتحى و الشاعر زين العابدين فؤاد و عدد من الدبلوماسيين و السفراء . و تحدث يحيى حسين مدير المركز فى كلمته أن الروائى الكويتى الفائز بجائزة البوكر لهذا العام عن روايته " ساق البامبو " ، يرصد بمهارة صراع البطل عندما جاء للكويت من صراع داخلى و صراع مجتمعى . مقتبسا من الرواية : " لو كنت مثل شجرة البامبو.. لا انتماء لها.. نقتطع جزءاً من ساقها.. نغرسه، بلا جذور، في أي أرض.. لا يلبث الساق طويلاً حتى تنبت له جذور جديدة.. تنمو من جديد.. في أرض جديدة.. بلا ماض.. بلا ذاكرة.. لا يلتفت إلى اختلاف الناس حول تسميته.. كاوايان في الفلبين.. خيزران في الكويت.. أو بامبو في أماكن أخرى." قائلا من يدقق يجد أن هذة المشاعر ليست قاصرة على الكويت ، و انها معاناة انسانية تجدها فى جميع انحاء العالم ، و قد عانى منها عشرات الالاف من الجيل الثالث من المصريين فى الكويت ". و ذكر مدير المركز يحيى حسين ان من رشح الروائى سعود ليأتى و يشاركنا بهذا التكريم هو الكاتب ابراهيم عيسى ، الذى اعجب كثيرا بساق البامبو رغم انها كانت تنافسه على جائزة البوكر . و عن رواية " مولانا "قال أنها قدمت لنا نموذج الشيخ النجم و الحروب الفضائية التجارية و سطوة السلطة عليها فى الاعوام الاخيرة ، و أشار مدير المركز ان الروائى هو وجه واحد من اوجه ابراهيم عيسى الكاتب الصحفى و المعارض الدائم . أما أول الفائزين بجائزة البوكر بهاء مصر الطاهر كما وصف مدير المركز المبدع الكبير " بهاء طاهر " الذى حظى بالجائزة منذ 5 أعوام عن روايته " واحة الغروب " ، و قال السنعوسى حينها أن بهاء طاهر قبل الجائزة كما هو بعضها ، لم تضف له شئ بل هو من أضاف لها . و استهزء حسين من كم الاتهامات التى رفعت بها بلاغ ضد بهاء طاهر تتهمه ب" بث الفوضى و الذعر بين الناس و سب مؤسسات الدولة و الدعوة لتكدير الامن العام و إثارة الفتنة " ، قائلا السبب الحقيقى لسعار المتنطعين ان بهاء طاهر يمثل سقف الابداع المصرى الذى يقف ليحمى هوية مصر الثقافية فى وجه طيور الظلام . و ختم حديثه بأننا ندين لمبدعينا بالبهجة و الأمل ، و قام بتسليم الأدباء الثلاثة الحاضرين و جبهة الابداع المصرى دروع المركز و شهادات تقدير لابداعهم . فى حين قال الأديب الكبير " محمد المخزنجى " ان غياب الثقافة ينذر بشرور كثيرة و هذا ما نشهده فيما يحدث حولنا ، من ثورة الصفوة لمولد العوام . و أضاف " الثقافة لازمة لأى نهوض و عندما تغيب او يلقى عليها بوبال غير المثقفين فعلينا ان نتوقع الشر و ان نقف فى مواجهته " . كما توجه لبهاء طاهر قائلا أنه واحة اشراق لنا ، و ان الطهر فى الكتابة يعنى تحرى الامانة و الدقة و الجمال و هذا ما نعايشه فى قراءات بهاء طاهر . أما عن ابراهيم عيسى المصرى الشجاع ، فاستطاع عبر مولانا اختراق المبتذل و المالوف ، ، معالجا الشخصيات السيكوباتية التى من سماتها الكذب و المراوغة ،و الذى يقول عنهم الحديث الشريف " سمات المنافق ثلاث اذا حدث كذب و اذا اوتمن خان و اذا خاصم فجر " ، و أكد المخزنجى أنه لا أدب و لا فن و لا علم و إلا وراءه شجاعة . و اضاف ان للشجاعة بعدا اخر هو الجمال ،و كانت كلمته الدائمة لعيسى و هو مازال صحفيا شاب " ربنا يديم عليك التوهج يا ابراهيم " . و عن الكويت قال انها كانت وطنه الثانى عندما عمل محررا علميا لمجلة العربى الرائدة بعد حرب الخليج الثانى ، و اكد المخزنجى ان الخليج لم يعد نفطا ، و انه يكاد يكون فى المركزية الثقافية العربية اداءا و انجازا بالعديد من المجالات سعود علامة عليها فى الادب و هناك علامات اخرى فى الطاقات البديلة و احترام البيئة ، و ان سعود استطاع أن يصل لذروة الابداع و هو مازال شابا دون أن يصل لسن الابداع . و قال المخزنجى : " مجرد وجود الانسان كرحلة بين الحياة و الموت و ما يحمله من مسئولية ، تحتاج لعين لاقطة للمشكلات لتحولها لتيمات فنية رائعة كساق البامبو " ، و عند قراءاتى لساق البامبو رأيته اختراقا و حديثا عن المسكوت عنه يعبر عن ميلادا لموهبة جديدة و اتجاه نحو الديمقراطية . و قال مادحا موهبة سعود انه عندما اهداه نسخة من الرواية كتب فيها كلمة هى جوهر الرواية " اليك سيرة خوسيه الكويتى الفلبينى " متناولا اشكالية تعدد الهويات و التى يعانى منها الكثير حول العالم . كما أضاف أن الرواية سيرة مموهة ، فاستطاع سعود أن يصنع من السيرة ليست سيرة للذات فقط و لكن لذوات عديدة ، مستشهدا بكلمة الاديب يحيى حقى ان الامتحان الحقيقى للكاتب ان يظل القارئ متذكرا مشهد من مشاهد عمله " . و هذا ما حدث معه فى المشهد الاخير للرواية فى ملعب مانيلا و المباراة بين فريق الكويت و الفلبين ، و يقول فيه خوسيه " لا اعرف هل سجلت هدفا فى نفسى ضد نفسى " و هى اجابة تكمل دائرة الرواية ببراعة ، موجها حديثه لسعود : " يا سعود ستسدد اهدافا رائعا فى الادب و الفن " . فيما تحدث الاديب الشاب " سعود السنعوسى " قائلا " انا سيد الارتجال رفضت أن اعد اوراقا لتلك المناسبة حتى لا تبرد بها الكلمات ، بل اردتها ان تخرج دافئة من القلب " . و قال قبل ان اتحدث عن الرواية احب ان اتحدث الى مصر التى زرتها مرتين ، و لكن لها فى ذكريات تعود من الطفولة و انا اردد " تحيا الكويت عاش الامير تحيا الامة العربية " ، تحيا الأمة العربية هذا مفهوم أخذناه من مصر . و تابع أنه تربى ببيت عائلة و كان أعمامه الذين درسوا فى مصر يحكون له دائما عنها ، ، و تعلق باغنية عبد الوهاب عن " استقلال الكويت " ، قائلا أنه كان يشعر انه يغنى له ، و كان يحب أن يتغنى بكلمات الابنودى . أما عن شعوره و هو على المنصة بين هؤلاء الأدباء الكبار قال سعود : لم التفت كثيرا على الطاولة لانى شعرت برهبة لوجودى بين هؤلاء الادباء الكبار ، بهاء طاهر لم التقى به من قبل ، و لكنى اتذكر عبارة البطلة فى رواية " شرق النخيل عندما تقول " لو اننا مثل الزرع ننبت فى موسم واحد و يتم قطافنا فى يوم واحد ... " حينها تمنيت لقاء بهاء طاهر و اقول له بقدر ما احببتك اوجعتنى ، و كانت تفصلنا مسافات كبيرة اما اليوم اعطيت فرصة لاقول له تلك الكلمات بنفسى . و روى أنه عندما سئُل عن دخول رواياته لمصر قال : لأدخل مصر احتاج أن امسك الرواية و ادخل بالبلدوزر " ، و لكن اكتشفت بعد ذلك ان الامر اسهل من ذلك فان كانت رواية جيدة تستطيع الدخول ، فكتب عنها العديد من المبدعين المصريين قبل حتى فوزى بالجائزة " . أما " مولانا " ابراهيم عيسى فهاجم نمطية التعامل مع من هم خارج مصر ، و كهنوت الادب و النقد الذين يتصرفون كأنهم حاملين خواتيم الاعتراف بالادباء ، و كأنها محتكرة على مصر و لبنان . و هنا تأتى المفاجأة لتوقظهم ، و تكسر الحكر ، قائلا أن الخليج العربى بمثقفيه و شبابه من اكبر مبدعين المشرق ، فرواية ساق البامبو تظهر اننا امام مثقف و باحث قبل ان يكون مبدع ، مختلفا عن الادباء الذين يعتمدون فقط على موهبتهم و على الحكى . ووصف الرواية أنها جريئة و شجاعة صادمة لمشاعر تقليدية مع مجتمع الرواية ، و هى رواية شيقة بلا غموض و الغاز تمتعت بخفة الظل لتأتى كاسرة لكل تابوهات كهنوت النقاد . و تابع : نحن ازاء رواية متميزة و فارقة فى الادب الكويتى ، و اديب برء من امراض المثقف العربى و قواعد الكهنوت السائد ، فيظهر هنا كيف ان منطقة الخليج علمت اولادها و انضجتهم و ثقفتهم . و حكى انه فى جائزة البوكر التقى ايضا بالكاتب السعودى محمد حسن علون على القائمة القصيرة برواية القندس ،معجبا بادباء الخليج الذين يبذلون جهدا ، فى حين أن البعض هنا يبدد موهبته بعدم الاطلاع و البحث و الثقافة . كما عبر عن فخره لانه عايش ادباء مرموقين و مذهلين كبهاء طاهر و المخزنجى الذى يعده قطب صوفى اكثر من اديب فز و يعتبر نفسه من مريده ليس فقط من قراءاه و معجبيه . من جانبه قال المبدع " بهاء طاهر " انا ناصرى مؤمن أن " كل عربى اخا لأخ " عشت هذا قولا و فعلا و لى اصدقاء كويتين كثر و لا يفرقون عندى عن اصدقائى المصريين ، و ها انا الان يضاف الى صديق جديد متحدثا عن سعود ، معتذرا أنه لم يقرأ الرواية بالقدر الكافى الذى يؤهله للحديث عنها . و عن علاقته بالادب الكويتى قال اسماعيل الفهد و ليلى العثمان المبدعين الكويتين بدأنا الكتابة معا و كنا جيل أدبى واحد ، و هم اخوة لى و مبدعين كبار . و عن " مولانا " قال انه استمتع كثيرا بقراءة الرواية " و جذبته لينهيها فى الوقت الذى كان يعزف عن العديدالروايات لضعف نظره و رؤيته انها لاتحتاج لهذا العناء و لكن الحال كان مختلفا مع مولانا ، كما وصف كتابات المخزنجى بأنها شديدة العذوبة و الرقة و ستظل علامة من علامات الادب العربى . فيما تحدثت المستشارة " نهى الزينى مقتبسة كلمات " هوسيه برزال " : "ان الشخص الذى لا يستطيع ان ينظر وراءه لا يمكنه ابدا الوصول لوجهته الصحيحة ، و ان هذة الكلمات تعد مفتاح لفهم عالمنا العربى حيث تتصاعد امواج التغيير التى لن يستطيع احد ان يوقفها . و كان هذا جوهر رواية ساق البامبو " سؤال الهوية" الذى من خلال التفكير فيه يمكننا فهم الصراع الحادث حولنا و الذى يتحول لصراعات طائفية هى بالاساس صراع هوية امام استبداد فرد او جماعة أو اقلية او اغلبية كما فى بعض البلدان . و هذا الصراع الذى يتخذ اشكالا كثيرة تتعبنا ، ، صراع البحث عن الذات تجاه الاخر المختلف و ان كان يقاسمنى نفس الوطن ، و لكى نجيب على سؤال الهوية يجب النظر للوراء دون ان ندع انكساراتنا تؤثر علينا " . و من جانبه قال الكاتب الشاب محمد فتحى انه اعجب بالروائى الشاب الذى استطاع ان يصل لهذا القدر من الابداع و يحصل على البوكر فى هذة السن الصغيرة ، و أعجب برحلاته و بحثه ليحيك تلك الرواية ، فسافر للفلبين مرتين و عاش داخل اكواخ مصنوعة من ساق البامبو ، و استفاد من رواية الكويتى اسماعيل الفهد و تأثر برواية مكتوبة عن سريلانكا ، فنحن امام مبدع من طراز خاص . و كان الختام مع فقرة فنية مع فرقة " الاولى بلدى " التى تحى تراث الشيخ امام و احمد فؤاد نجم .