يحمل المصريون ثقافة تحترم الأديان السماوية فنشات الأحزاب جميعها في مصر تحمل مرجعية ثقافية متشابهة. وحسب نظرة كل حزب وفهمه وتوقيعه للواقع اتسعت الفروق الحزبية وظن كل حزب أنه يعبر عن الرؤية المصلحية لشعب مصر حاضره ومستقبله. ولم تقصد الأحزاب يوما الخروج على فهم الإسلام العام ولا روحه ولا مقاصده فضلا عن نصوصه وقواطعه وكان ذلك يتمثل في احترام الأحزاب لمؤسسة الأزهر الشريف. فكان الأزهر الشريف دوما يمثل مرجعية الأحزاب وأفرادها في ما يمس الفهم الصحيح لنصوصه وقواطعه. وما ظهر حزب يعادي الأزهر أو يقلل من قيمته أو يتجاهل وجوده. حتى بدأ الأزهر في الضعف من خلال محاولة الأنظمة الحاكمة السيطرة عليه ومحاولة تطويعه والتدخل في شئونه وسلبه لحريته وأوقافه. فكان تعيين شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف. ورغم مقاومة علماء الأزهر إلا أن الأنظمة الحاكمة أبت إلا خلخلته والسخرية الإعلامية من مشايخه. فكان ذلك بداية لاختلال المرجعية الوسطية المعتدلة. وبدأت الأحزاب تخشى من تدخل الأزهر للضغط عليها لعدم حياديته وتصديق دعاوى سيطرة الأنظمة الحاكمة عليه. واختل الميزان واهتزت أهم مرجعية وتدافع الناس مجتهدين يرفعون من شأن دينهم بإنشاء جماعات وجمعيات وتنافس الناس متصورين إقامتهم لفروض الكفاية التي اهتزت في أذهان الكثيرين وما استطاع الناس أن ينافسوا الأزهر رغم اهتزازه في أذهانهم. وجنحت أحزاب إلى فصل الدين عن الدولة خوفا من استبداد النظام بالسيطرة على أهم مؤسسة علمية وهي الأزهر الشريف. ولم يكن هذا حلا إنما كان صداما مع ما تمثله الشريعة الإسلامية من أنها عقيدة وشريعة متكاملة تصلح لكل زمان ومكان بإجماع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وليس لنا من طريق إلا بإصلاح الأزهر الشريف ومنحه الاستقلال المؤسسي وهو أهم من القضاء فهو يمثل مرجعية المصريين التي تحمل التوازن الشرعي والاعتدال الخلقي. فلا بد من إرجاع أوقاف الأزهر إليه فيتحقق له استقلاله المادي. ولابد من انتخاب شيخ الأزهر من بين هيئة كبار علمائه, فتوازن المصريين مرتبط بتوازن مؤسساته ومن أهم مؤسسات مصر الأزهر الشريف الذي يحمل بين طياته أقدم جامعة في التاريخ. فحرروا أزهرنا تحرر لنا سياستنا.