ثمة فرحة كبيرة في الإعلام "المدني" المعارض ل"الإخوان"، بسبب الاحتجاجات المتزايدة في تركيا!بل لم يخف المعارضون أمنياتهم في سقوط الإسلامي التركي "أردوغان"، واعتبروها، توطئة لسقوط الإخواني المصري "محمد مرسي"! حيرتني مثل هذه "الغبطة"..وتلك "الأماني"!.. لأنها وكما يبدو لي تفترض أن ثمة تطابق بين التجربتين "التركية" و"الإخوانية" في مصر.. وهذا كلام غير صحيح، وربما استند إلى "الثرثرة" التي سادت، إثر فوز "مرسي" بالسلطة، حين تواترت التقارير التي تقول: إن التجربة المصرية الجديدة بعد الثورة، هي الأقرب إلى النموذج التركي. وما يحير أكثر، هي تلك "الشماتة" التي يبديها نشطاء مصريون معارضون في الاحتجاجات التي تهدد بانهيار التجربة التركية.. فالأخيرة تجربة ناجحة، وكانت ثمرة حوار واسع ومراجعات جادة داخل الحركة الإسلامية التركية.. وقدمت "إجابة" لسؤال "فشل" الإسلاميين المصريين، على النحو الذي يقدم "حلا" لأزمة "الإسلام المدني" في مصر، وتجربته الجديدة في السلطة. موقف القوى المدنية في مصر من "تركيا الآن"، يحيلنا بالتبعية إلى سؤال "الأولويات" الوطنية، ومنزلة المصالح الحزبية والفئوية منها.. ولعلنا وبهذا المعنى نتساءل عن موقف تلك القوى حال نجح الإخوان المسلمون في إقالة مصر من عثراتها السياسية والاقتصادية والأمنية؟!. إنه سؤال "الأولويات" كما قلت، بمعنى: التساؤل بشأن ما إذا كان نجاح الجماعة "الوطني" يسعد تلك القوى أم يؤلمها؟! الإخوان في مصر، هم الأقرب إلى التجربة الإيرانية، وليس التركية.. غير أن المعارضة لم يشغلها النموذج الإيراني.. لأنه لم يمنع من وصول الإخوان إلى الحكم، رغم أنه أي النموذج الإيراني مثله مثل النموذج الأفغاني والسوداني، يعتبر دليلا على فشل "الإسلام السياسي" في الحكم.. غير أن المعارضة المصرية، ظلت فيما يبدو تخفي "قلقها" من نجاح "أردوغان" ، لأنها فهمت بأن انتصار الأخير في صوغ تجربة وطنية عملاقة في بلده، مهد الطريق أمام فوز الإخوان بالسلطة في مصر.ما تتمناه المعارضة في القاهرة، لم يكن يحتاج إلى فشل الإسلاميين في اسطنبول، لأن التجربة الإخوانية، ما زالت تراوح عند مرحلة "ما قبل الدولة"، ولم يتطور الوعي الإخواني على النحو الذي ينسيه بأنه الآن في "قصر الاتحادية" في مصر الجديدة.. وليس في "مكتب الإرشاد" بضاحية "المقطم".. فيما تظل تجربة الجماعة بكل المعايير "متخلفة" إلى حد بعيد جدا عن التجربة التركية "المبهرة".غير أن الإشكال الحقيقي، يتعلق بمأزق المعارضة الحالي، الذي سترثه من "شماتتها" في "اسطنبول".. فتجربة الإسلاميين في تركيا "ناجحة" منذ عام 2002 .. أي أنه نجاح سابق على تجربة الإسلاميين "الفاشلة" في مصر .. ف"الفشل" المصري، لا حق على "النجاح" التركي.. فما الذي حمل القوى المدنية المعارضة في مصر، إلى الإفصاح عن "كراهيتها" للنموذج التركي، رغم أنها لم تكن بحاجة إليه، في صوغ رأي عام قلق وخائف من الإسلاميين؟!الإجابة العفوية أو المتوقعة على هذا التصرف غير الرصين إنها "الكراهية" للإسلام.. وليس ل"الإسلاميين".. وهي إجابة قد تؤسس لوعي يخدم "الفاشلين" من الحكام الإسلاميين في مصر.. ويخصم من رصيد القوى المدنية الحالمة بنهاية عاجلة لنظام الحكم الإخواني.