بعد الاعلان عن القيام بعصيان أمني ، ووسط غياب إجابات رسمية لتهدئة الأهالي، تزداد الأوضاع سوءاً بجنوب الأردن وخاصة مدينة معان، إثر احتقان تلا مقتل وإصابة ثلاثة من أبناء المدينة. وشهدت مدينة "معان" ولليوم الثالث على التوالي أعمال عنف واسعة، وهي موجة التوتر الثانية التي تشهدها المدينة خلال نحو شهر، على خلفية شريط فيديو يظهر إساءات لفظية لجثث اثنين من أبناء المدينة قتلا أثناء تبادل الرصاص مع الشرطة في حادثة جنائية، خلال الأسبوع الماضي. النشطاء والشغب واندلعت مساء السبت، أحداث شغب وسط معان، بالقرب من مركز أمن المدينة، حيث قام محتجون بإشعال الإطارات وإغلاق بعض الطرق. ووسط حالة مضطربة أمنياً تؤثر عمليا على مسار الطريق الدولي الحيوي الذي يصل عمان العاصمة بجنوبي البلاد وتحديدا بمدينة العقبة، دخلت مدينة معان، في حالة من العصيان الأمني بدلا من العصيان المدني الذي وعد به نشطاء بالمدينة. وذكرت جريدة "القدس العربي" اللندنية أنه وحتى ساعة متأخرة من مساء السبت وفجر الجمعة، بقي ملثمون وشبان من المدينة في حالة عصيان أمني حقيقي، حيث أطلقت رصاصات متفرقة عن بعد على المركز الأمني في المدنية، وتم إطلاق ألعاب نارية بإتجاه جدران المركز. وكان محتجون حاولوا إغلاق الطريق الصحراوي على مدخل مدينة معان الجنوبي بالإطارات المشتعلة والحجارة، الأمر الذي أدى إلى تعطيل حركة السير. وأكد شهود عيان ل "الجزيرة نت" أن المواجهات تركزت في محيط المركز الأمني والسوق الرئيسي التي أشعل المحتجون الإطارات فيها، فيما قاموا بوضع الحواجز لإعاقة تقدم قوات الأمن، بينما جابت سيارات من قوة المهام الخاصة في قوات الدرك شوارع المدينة التي أغلق المحتجون وسطها منذ ساعات المساء الأولى. بدورها أطلقت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع بكثافة في سوق معان بوسط المدينة، وقامت قوات الدرك بفض جموع المحتجين بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وتم فتح الطريق. وحسب تقارير محلية هوجم المركز الأمني عدة مرات ويتواجد في المدينة المئات من رجال الشرطة والدرك لفرض الأمن. هذا وتخشى جميع الأوساط زيادة رفعة التوتر في مدينة معان التي تشهد حالة عصيان أمنية أهلية لنشطاء شبان من عشائر المدينة. العشائر والشرطة وكان أهالي معان أمهلوا الحكومة 48 ساعة للكشف عن المجهولين الذين ظهروا في الشريط وهم يسيئون لجثث أولادهم وأصدروا لاحقا بيانا شديد اللهجة تعهدوا فيه بالتصرف إذا لم تقم الحكومة بواجبها في هذا السياق. وانتهت المهلة العشائرية، وتوجهت من صباح السبت، تعزيزات إضافية من قوات الدرك لحماية المقرات الأمنية والحكومية في المدينة المتوترة ولحماية الطريق الدولي التي تم تعطيل السير فيها عدة مرات بإطارات مشتعلة يلقيها مجهولون وملثمون. وحول ردود المسئولين على شريط الفيديو، ذكرت "الجزيرة نت"، أنه بينما قالت مديرية الأمن العام: "إن الشبان مطلوبون خطرون قتلوا إثر اشتباكات تلت اقتحامهم محاجر في محافظة العقبة الجنوبية، أظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي قيام أشخاص بقتلهم على خلفيات ثأرية". لكن الأمن العام الأردني شكك بصحة مقطع الفيديو، وقال: "إنه جرى تركيب الصوت عليه، ونفى أن يكون القتل قد جرى على خلفيات ثأرية بين أبناء معان وعشائر من البادية الجنوبية". رسالة إلى الملك وجاءت هذه الاشتباكات بعد تهديد أبناء محافظة معان جنوبي الأردن خلال اجتماع حضره الاف من ابناء المحافظة، الاسبوع الماضي، بإعلان العصيان المدني بسبب تقاعس الدولة وتخليها عن واجباتها - على حد وصفهم. وقال شيوخ ووجهاء المحافظة في رسالة موجهة إلى الملك: "إذا ما استمرّت الدولة بتقاعسها، وتخليها عن واجباتها؛ فإنّ أبناء مدينة معان سينفذون عصياناً مدنياً شاملاً". وأكد الشيوخ والوجهاء حسبما ورد بوكالة أنباء "عيون البلد" الأردنية، أن الاعتداءات المتكررة ناتجة عن سوء المعالجة الأمنية من قبل الأجهزة المختصّة ممّا أدّى إلى استقواء بعض الخارجين عن القانون الموتورين، الذين لم يلقَ القبض على أيّ من مرتكبي الجرائم. وتنص الرسالة التي ارسلوها على: "رسالة موجهة إلى قائد الوطن من مدينة معان: في ظلّ انهيار هيبة الدّولة والتّخلي المدروس من قبلها عن المجتمع والإنسان وكرامته، صُدم أبناء مدينة معان بتكرار عمليّة الاعتداء على أبنائها في منطقة مشروع جرّ مياه الديسة_ طريق الجفر_ ، وكان آخرها الاعتداء على أحد أبنائها العاملين في ذلك المشروع الذي كاد أن يودي بحياته جراء إصابته بعيار ناري بهدف القتل، وقد سبق أن قُتل اثنان من أبنائها وأصيب آخران في المنطقة نفسها. وإنّ الاعتداءات المتكررة ناتجة عن سوء المعالجة الأمنية من قبل الأجهزة المختصّة ممّا أدّى إلى استقواء بعض الخارجين عن القانون الموتورين، الذين لم يلقَ القبض على أيّ من مرتكبي الجرائم المذكورة، وهذا الأمر يبيّن الحالة التي وصل إليها الوضع الأمني المتردّي من قتل، وقطع طريق، وسرقة سيارات، وتجارة مخدرات في تلك المنطقة. وكان من نتائج هذا الاستقواء تبعيات ما حدث من أعمال عنف وقطع طريق على طول الخطّ الصحراوي والاعتداء على أبناء مدينة معان بشكل خاص( بالتفتيش على الهوية) والتعرض بالإساءة إلى بعض أبناء المحافظات الأخرى و إصابة زائر سعوديّ بعيار ناريّ، على خلفية أحداث جامعة الحسين. وعليه فقد تنادى أبناء مدينة معان لاجتماع حاشد ضمّ الآلاف مساء الاثنين الموافق 27/5/2013م، إذ اتّفق الحضور على ضرورة تدخلكم مباشرة لمعالجة الأزمات، ووقف المؤامرات التي تحاك ضد الوطن والنظام. وإنّنا في مدينة معان شيبها وشبانها وشيوخها نعي المؤامرة الدنيئة التي تحاك ضد الأردن والأردنيين وضرب العشائر الأردنية بعضها ببعض لغايات وأهداف سياسيّة، من أبرزها الوطن البديل(الكونفدرالية) وما يجري من أحداث جسام في سوريا والعراق ودخول القوات الأمريكيّة إلى أرض الحشد والرباط، الأمور التي نرفضها بكلّ قوّة؛ لأنّ الأردن لكلّ الأردنيين الشرفاء، وفلسطين حقّ علينا وعلى جميع المسلمين الدّفاع عنها، لتحريرها من براثن العدو الصهيوني. وإنّنا إذ نؤكد للشعب الأردني العظيم بأنّ معان كانت ولا زالت هدفاً للعديد من أصحاب الأيادي الخبيثة لتمرير مخططات مشبوهة على مرأى ومسمع أجهزة النظام جميعها، ولكنّنا بعون الله تعالى وبوعي أبناء محافظة معان من حضر وبدو سوف نفوت الفرصة على كلّ من تسول له نفسه فتنة الأهل والعشيرة والشّعب الأردني الواحد الذي يعتزّ بدينه وبعروبته وبتضحيات أبنائه وشهدائه عبر التاريخ وبشهادة القاصي والدّاني. وإنّنا نحذر من جرّ البلاد إلى الفوضى وضرب العشائر ووحدة الصّف، وعليه فإذا ما استمرّت الدولة بتقاعسها، وتخليها عن واجباتها؛ فإنّ أبناء مدينة معان سينفذون عصياناً مدنياً شاملاً". كلاكيت تاني مرة وتعد هذه هي حالة التوتر الثانية التي تشهدها معان خلال هذا الشهر، حيث كانت جامعة الحسين في معان قد شهدت أعمال عنف بداية الشهر الحالي، قتل فيها أربعة وجرح العشرات، مما أحدث موجة غير مسبوقة من التوتر أدت لقطع الطريق الدولي بين عمّان والعقبة لعدة أيام. ولكن في مقابل ذلك، أكد شيخ عشائري أردني، أن الحكومة الأردنية نجحت في نزع فتيل الأزمة التي تفجرت في محافظة معان الجنوبية جرّاء المشاجرة الجماعية الطلابية الأخيرة التي شهدتها جامعة الحسين بن طلال يوم الإثنين الماضي، وخلّفت 4 قتلى و16 إصابة. وقال شيخ عشائري طلب عدم الكشف عن اسمه ليونايتد برس إنترناشونال حين ذاك: "انتهت الأزمة في محافظة معان بعد ترؤس وزير الداخلية حسين المجالي اجتماعاً حضره حوالي 40 شخصاً من مشاريخ المدينة في مبنى المحافظة". وأضاف أن وزير الداخلية طلب من شيوخ العشائر إعطاء الحكومة مهلة 10 أيام لإلقاء القبض على المتسببين في قتل أربعة طلاب في جامعة الحسين بن طلال، وسيتم الإعلان عن أسمائهم في أجهزة الإعلام. وأشار إلى أن المجالي أكد أن الأجهزة الأمنية تعرف أسماء هؤلاء، ولن تسمح بإغلاق الطرقات بعد الآن وستقوم بواجبها. وكانت تعالت المناشدات من جهات رسمية وأهلية لعشائر معان والبادية الجنوبية لتغليب صوت العقل وعدم الانجرار لمواجهة تزيد من حجم التوتر والاحتقان. وأطلق حزب جبهة العمل الإسلامي مناشدة لأبناء معان والبادية الجنوبية، حثهم فيها على تفويت الفرصة على من يريد إيقاع الفتنة بينهم. وتتواصل جهود أهلية لتهدئة التوتر وسط اتهامات من محتجين في معان للحكومة بالغياب عن الأحداث ومعالجتها إلا من خلال تدخل قوات الأمن.