تصاعدت حدة الخلافات العشائرية بمنطقة "معان" جنوب الأردن لتلقى بظلالها على أجواء المملكة، وسط محاولات لاحتواء الأزمة العنيفة التى ضربت البلاد على خلفية مقتل أربعة مواطنين فى اشتباكات داخل حرم جامعة الحسين قبل أيام. ويرى مراقبون أن هذه التطورات تضع الأردن على "صفيح ساخن"، فى ظل تحميل مختلف القوى السياسية للحكومة وأجهزتها الأمنية مسئولية تفاقم العنف، وعودة شعارات الإصلاح للظهور بقوة. وتقف أجهزة الدولة عاجزة عن تحقيق مطالب الحويطات بتسليم قتلة اثنين من أبنائها سقطا فى أحداث الجامعة قبل أيام، بالإضافة إلى مطالبات أهالى معان القبض على المجرمين، واستعادة هيبة القانون وتفكيك الحصار المفروض على مداخل مدينتهم من قبل مسلحى الحويطات. بدأت الخلافات إثر مشاجرة داخل الجامعة بين طلبة من الحويطات وزملاء لهم من مدينة معان، وهى مشاجرة انتهت بأسلحة رشاشة ورصاص ومقتل أربعة مواطنين أبرياء مع أكثر من 23 مصابا وجريحا مع إغلاق الجامعة، ولاحقا تجمع شبان مسلحون وملثمون من الحويطات، وأغلقوا طريقا دوليا حيويا قبل إغلاق طرق أخرى على مداخل مدينة معان، وسط مطالبات للأمن بالقبض خلال 48 ساعة على من قتل اثنين من الحويطات. هذه الإغلاقات طالت وتكررت وسط إخفاق أمنى فى السيطرة عليها، الأمر الذى أثار مشاعر أهالى مدينة معان، فتجمعوا بدورهم وسط مدينتهم مساء الأربعاء الماضى، وأطلقوا الرصاص، وأصدروا بيانا أمهلوا فيه أيضا السلطات يومين لاستعادة هيبة القانون ومنع الحويطات من إغلاق منافذ طرقهم. تغذية الأمن للعنف كما أن الوضع العام فى المنطقة متوتر وقلق ومأزوم، وكل الخيارات فى إطار المعالجات الأمنية ممكنة؛ لكنها صعبة ومعقدة، وقد تؤدى إلى المزيد من الاحتقان والتوتر بسبب حساسيات قديمة بين مدينة معان والحويطات، بينما نوقشت خيارات من بينها إعلان حالة طوارئ فى المنطقة الجنوبية فى حال استمر إغلاق الطرق وتهديد الأمن العام. وحمل جهاد الخالدى -من الحراك الوطنى للإصلاح فى البادية الأردنية- الحكومة والجهات الأمنية مسئولية العنف الجامعى، نتيجة للتدخل الأمنى والفساد الإدارى والمالى فى الجامعات، معتبرا أنه لا يمكن النظر إلى قضية العنف الجامعى بمعزل عن الفساد المالى والإدارى فى مؤسسات الدولة، مطالبا بكف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل فى شئون الجامعات، وتعيين الكوادر الإدارية والأكاديمية فى الجامعات، ووقف استخدام الطلبة من قبل تلك الأجهزة لتنفيذ أجندات مثل ضرب الإصلاحيين والأحزاب السياسية. كما أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانًا عبرت فيه عن الأسف لتداعيات ظاهرة العنف الجامعى، وما نتج عنها من وفيات وجرحى وتدمير للممتلكات والقيم والمبادئ العامة، واعتبر البيان أن انتشار العنف بهذه الطريقة من حيث الرقعة وعدد الجامعات والحدة والنتائج، بالإضافة إلى تصريحات بعض المسئولين وعمداء شئون الطلبة بتدخلات أمنية ونتائج التحقيق فى بعض الجامعات تؤكد أن هناك أجهزة أمنية تقف خلف العنف الجامعى بل والمجتمعى، وتغذيه، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة. وانتقد بيان الإخوان التدخل الأمنى فى العملية التربوية وتعيين المدرسين ومنع العمل الحزبى داخل الجامعات وتجهيل وتضليل الشعوب، بالإضافة إلى عدد من القوانين التى أسهمت فى ذلك، وعلى رأسها قانون الصوت الواحد، الذى مزق العشائر، وقانون السماح بالحشيش والخمور، وإيقاف قوانين القصاص والحدود.