عاشت مدينة معان جنوبي الأردن ليلة مضطربة أمنيا تخللها تواجد كثيف لقوات الدرك والأمن فيما توسعت الإحتقانات وبرزت مجددا ملامح الصدمة على مستوى الرأي العام وأصحاب القرار بعد مقتل أربعة مواطنين وإصابة ثلاثين بمشاجرة جامعية. العنف الجامعي الذي يتخذ دوما سياقا عشائريا ضرب مجددا في الأردن وأجهز عمليا على ما تبقى من سمعة لمؤسسات التعليم العالي في البلاد فيما بدا أن الأجهزة ألرسمية تقف عاجزة تماما عن التصدي لظاهرة العنصرية العشائرية التي أسالت الكثير من الدماء وتحديدا في صفوف المؤسسات الجامعية.
الصدمة برزت مساء الإثنين مع الإعلان رسميا عن مقتل أربعة مواطنين أبرياء وإصابة أكثر من 30 طالبا وموظفا جماعيا بالرصاص والسكاكين على خلفية مواجهة عشائرية ألهبت منطقة معان ومحيطها وإنتهت بإطلاق الرصاص على دوريات الدرك ووضع أمني متدهور وعمليات قطع طريق وسلب على الطريق الصحراوي.
قصة الخلاف الذي أنتهى بشلال الدم في جامعة الحسين بن طلال جنوبي البلاد بدأت مع خلاف إعتيادي بين طالبين ينتمي الأول لإحدى عائلات شمال الأردن وينتمي الثاني لإحدى عشائر المدينة نفسها معان .
الخلاف حصل خلال يوم مفتوح للنشاط الطلابي وإنتهى بأن إستنجد الطالب الأول بزملاء له من عشائر الحويطات التي تقطن بالعادة في محيط مدينة معان.
خلال دقائق وعلى هامش النخوة العصبية تطور الخلاف وظهرت السكاكين والخناجر وإستخدمت الحجارة والعصي وتم خلع كراسي العلم في الصفوف وإستخدامها في معركة عشائرية شرسة داخل الحرم الجامعي سرعان ما ظهر خلالها الرصاص ومن أسلحة رشاشة يبدو حسب معلومات القدس العربي أنها دخلت الجامعة من خارجها.
وفقال وزير الداخلية حسين المجالي إستخدم احد المطلوبين جنائيا سلاحا أوتوكاتيكا في الدفاع عن أقاربه فيما ضبط سلاح رشاش آخر.
..هذه الموجة إنتهت بإطلاق عشوائي للرصاص داخل حرم الجامعة مما أدى لمقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات.
أحد الضحايا موظف برتبة أستاذ مساعد في الجامعة وطفل في ال15 من عمره حضر مع وفد من مدرسة إعدادية لزيارة الجامعة.
وبين الضحايا رجل أمن كان في إجازة خاصة ويزور أقرباء له في الجامعة والضحية الرابعة هو أحد الطلاب.
ويعود سبب المشاجرة حسب طلبة إلى خلاف وقع بين مجموعتين خلال إقامة فعالية “اليوم المفتوح” في الجامعة.
وذكر المركز الاعلامي الأمني في مديرية الأمن العام أن قوة الأمن العام والدرك تمكنت بعد إخلاء الطلاب وتأمين نقلهم بواسطة مركبات وحافلات الى أماكن سكنهم من فرض الأمن في محيط الجامعه وضبط 22 شخص ممن اشتركوا بالمشاجرة وضبطت بحوزتهم عدد من الاسلحة النارية.
وأضاف المركز بأنه تم فتح عدد من نقاط الغلق في كافة الشوارع المحيطة بالجامعة تحسباً لحدوث أي اشتباك جديد بين الأطراف، مؤكدا أن الأوضاع الأمنية في الجامعه ومحيطها عادت للهدوء وبوشر التحقيق مع الأشخاص المضبوطين للوقوف على ملابسات ما جرى داخل الجامعة.
وقرر رئيس الجامعة الدكتور طه العبادي تعليق دوام الطلبة بالجامعة إثر المشاجرة حتى يوم الأحد المقبل.
وكانت مديرية الدفاع المدني أعلنت في وقت سابق أن مجموعات دفاع مدني معان قامت بإسعاف ونقل 18 إصابة ناتجة عن المشاجرة إلى مستشفى الملكة رانيا في وادي موسى ومستشفى معان الحكومي.
وشهد محيط الجامعة تواجدا كثيفا لطرفي المشاجرة الذين يحملون الأسلحة النارية، حيث قاموا بإغلاق عدد من الطرق الرئيسية.
وأدان مجلس التعليم العالي الأحداث التي شهدتها جامعة الحسين بن طلال في معان جراء المشاجرة الجماعية والتي أسفرت عن 4 وفيات وإصابة 25 شخصا آخرين مؤكدا في بيان له على تاييده وتاكيده لجميع القرارات التي اتخذتها الجامعة فيما يتعلق بتعليق الدوام فيها واتخاذ اقسى العقوبات بحق المتسببين في هذه المشاجرة التي جرى فيها استخدام الاسلحة النارية.
وشدد المجلس على ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه أو مساهمته في هذه المشاجرة في ضوء التقارير التي تنسب بها لجان التحقيق ووفقاً للأنظمة والتعليمات المعمول بها في الجامعة.
وأكد المجلس على القرارات السابقة الصادرة عنه بعدم قبول أي طالب مفصول من أي جامعة لأسباب تتعلق بالعنف الجامعي سواء بالجامعات الرسمية أو الخاصة وفي مختلف البرامج التي تطرحها تلك الجامعات سواء البرامج العادية أو الموازية أو الدولية.
وكانت مشاجرة كبيرة قد اندلعت في الثاني من نيسان- ابريل الجاري في جامعة مؤتة الحكومية توفي على إثرها طالب في السنة الأخيرة من الهندسة اختناقا بالغاز المسيل للدموع.
الجامعة أغلقت فورا وإضطرت قوات الدرك للتدخل بناء على طلب رئيسها قبل فض الإشتباكات بالقوة والقبض على 22 شخصا وفرار المطلوب الرئيسي الذي يعتقد بأنه أدخل الأسلحة الرشاشة إنتصارا لبعض أقاربه.
لاحقا أحاطت قوات الدرك بحرم الجامعة وإشتبكت مع الأهالي الذين تحركوا لتحديد مصير أولادهم وإمتدت الإضطرابات إلى محيط عدة مناطق بين أبناء من قبيلة حويطات وأخرين من مدينة معان وتم إستدعاء حسياسيات قديمة في المدينة الصحراوية التي تكثر مشكلاتها بالعادة.
قبل أقل من شهر حصلت إضطرابات مماثلة في جامعة مؤتة جنوبي البلاد وإنتهت بتحطيم مقرات في الجامعة وإحراقها كما شهدت جميع الحامعات الحكومية مشكلات من نفس النوع أًضبح واضحا أن أجهزة التعليم العالي تفشل في السيطرة عليها.
يفترض أن تعقد الأسبوع المقبل إجتماعات رفيعة المستوى تناقش العنف الجامعي الذي بدأ يهدد مسيرة الجامعات ويقلق الرأي العام ويتسبب بإغلاق العديد من الجامعات.