يقول خبراء إن الآمال المعقودة على مؤتمر دولي وشيك حول السلام في سورية تتلاشى حيث أن المشاحنات السياسية والمكاسب العسكرية الأخيرة لدمشق ربما تمنعان الحكومة والمعارضة من الجلوس على طاولة المفاوضات. ووجهت صفعة أمس الأول الخميس لإمكانية عقد هذا المؤتمر الذي اقترحته كل من الولاياتالمتحدةوروسيا عندما ذكرت المعارضة السورية أنها لن تشارك فيه احتجاجا على التدخل العسكري من قبل اثنين من حلفاء دمشق البارزين وهما حزب الله اللبناني وإيران في الصراع المستمر منذ 26 شهرا. وعلى الرغم من الإظهار النادر للوحدة في المضي قدما في المحادثات تواصل واشنطن وموسكو تقديم دعم عسكري ولوجيستي لقوى المعارضة ونظام الرئيس بشار الأسد على الترتيب. وقال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن الأسبوع الماضي إن الولاياتالمتحدةوروسيا تتعاونان على السطح "فهما تدعوان إلى مؤتمر والبدء في مفاوضات لكن في الوقت نفسه تزيدان الأسلحة للجانبين". وأضاف أنه لا يوجد مكان في العالم يمكن فيه أن تنجح مبادرة سلام عندما يقدم رعاها الرئيسيون أسلحة إلى أطراف الصراع. ومن المقرر أن يلتقي مسؤولون من الولاياتالمتحدةوروسيا والأمم المتحدة في جنيف في الخامس من حزيران/يونيو لبحث الاستعداد للمؤتمر المقترح والمعروف ب"جنيف 2". ولم يتحدد أي موعد بعد للمؤتمر. ولعل التطورات الميدانية المتسارعة في سورية تعد حجر عثرة آخر على الطريق إلى "جنيف 2". وتقول قوات الأسد إنها سجلت في الأسابيع الأخيرة سلسلة من الانتصارات الكاسحة حيث استعادت السيطرة على عشرات المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المعارضين وألحقت هزيمة بقوى المعارضة فيما يراه خبراء أنها نقطة تحول في الصراع. وذكر مراقبون أن الأسد لديه الآن القليل من الحوافز للقيام بجهود حقيقية للجلوس على طاولة المفاوضات بعد أن تعزز بما يتردد عن تقدمات عسكرية ووصول مقاتلين من حزب الله وإيران إلى سورية. وقال سلمان شيخ رئيس معهد "بروكينجز الدوحة" وهو خبير في الشؤون السورية إن الميزان العسكري يميل بوضوح لصالح النظام الآن. ومن المرجح أن تثبط المكاسب التي حققها الأسد في ساحة المعركة المعارضة وتثنيها عن الموافقة على إجراء مفاوضات حيث لا ترغب جماعات المعارضة في الدخول في أي محادثات سلام وهي في وضع ضعيف. وطالبت المعارضة مرارا الأسد بالموافقة على التنحي قبل البدء في محادثات سلام وهو طلب وصفته روسيا وهي أحد الحلفاء الرئيسيين للأسد بأنه غير مقبول. ومن المرجح الآن أن تنتظر قوات المعارضة احتمال تدخل دولي في سورية بدلا من محاولة الحصول على شروط مناسبة وتنازلات من دمشق التي أصبحت واثقة من نفسها أكثر من أي وقت مضى. وقال عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية ومقره عمان إنه إذا كانت المعارضة لديها شكوك بشأن المفاوضات في وقت كان الصراع فيه محتدما ، فمن المؤكد أنهم سيرفضون الآن بعد أن أصبح للنظام اليد العليا. وربما التاريخ نفسه هو أكبر تهديد لنجاح مؤتمر "جنيف 2". ومن المقرر أن يعقد المؤتمر بعد عام من مؤتمر "جنيف 1" الذي حدد خلاله مجلس الأمن الدولي وقطر وتركيا والمعارضة السورية الخطوط الإرشادية لانتقال سلمي للسلطة. ولم تحضر الحكومة السورية وإيران حليفتها الرئيسية هذا المؤتمر. إلى جانب ذلك فإن الحاجة إلى التطبيق من قبل مجلس الأمن الدولي جعل الخطوط الإرشادية لمؤتمر جنيف 1 لم تنفذ وهي قضية سيجرى التعامل معها في المؤتمر المقبل. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن لديه آمالا ضئيلة للغاية في أن يحقق هذا المؤتمر ما فشل فيه مؤتمر "جنيف 1". وأضاف أنه بدون تطبيق على الأرض وتهديد بالتدخل فإن جميع تلك المحادثات من المستبعد أن تقنع أيا من الجانبين لوقف العنف.