في الوقت الذي تسعى فيه المملكة العربية السعودية لزيادة الطاقة الاستيعابية في الحرمين الشريفين من خلال التوسعات التي تقوم بها، إلا أن هذه المشروعات التوسعية كان لها أثاراً سلبية بعد قرار المملكة بتخفيض عدد المعتمرين خلال الشهور القادمة نظراً لوجود تلك الإنشاءات، حيث تسبب هذا القرار في الكثير من الجدل سواء داخل السعودية أو خارجها. وجاء قرار خفض أعداد المعتمرين في الوقت تعتبر الشركات السياحية المنظمة لرحلات العمرة أن هذا هو موسم الذروة الذي يمثل بالنسبة لهم موسم جني الأرباح، مما أدى لغضب الكثير من أصحاب الشركات وخاصة أنه تم بالفعل التعاقد مع المواطنين وتم دفع الرسوم بعد الحجز لهم والسداد للوكلاء السعوديين، مما جعل تلك الشركات في معادلة صعبة تتمثل في إعادة تلك الرسوم لأصحابها ، واسترداد أموالها من الوكلاء ووفقا للتعاقد فإنه لا يحق لهم استرداد هذه المبالغ ولا مقاضاة أي جهة بل وقد يحق لهذه الجهات السعودية المطالبة بباقي قيمة الحجوزات. وجاء القرار السعودي مفاجئاً للجميع، بعد أن أعلنت تقليص أعداد المعتمرين في عمرة رمضان إلى نصف مليون معتمر على مستوى العالم الإسلامي كله نصيب مصر منهم 85 ألفا فقط مقابل 335 ألف تأشيرة في رمضان الماضي. نظام الكوتة فعلى هامش إقامة سوق السفر والسياحة العربي الدولي "الملتقى" بدبى في أوائل مايو الحالي عقد اجتماع عاجل جمع بين وفد يمثل إتحاد الغرف السياحية وغرفة شركات السياحة ، ومسئولي اللجنة الوطنية للحج والعمرة السعودية لمناقشة التعليمات السعودية وتأثير هذا على أعداد المعتمرين المصريين. وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على ضرورة تخفيض أعداد المعتمرين المصريين إلى نحو 500 ألف معتمر خلال موسم ذروة عمرة رمضان وفقاً للتوجيهات الملكية السعودية وحرصاً على أداء الخدمات المحددة للمعتمرين في ظل النقص الواضح في حجم الطاقة الإستعابية سواء في الإقامة أو داخل الحرم المكي الشريف الذي يشهد تطويراً هائلاً لزيادة أعداد المصلين . وأقترح الجانبين أن يتم العمل بنظام الكوتة في منح التأشيرات وفقاً للقواعد التي تضعها وزارة السياحة وغرفة الشركات السياحية ، وبالتعاون مع السفارة السعودية بالقاهرة وعبر النظام الذي تتبعه الشركات والمؤسسات السعودية العاملة في خدمات العمرة. وبحث الجانبين سبل مواجهة عودة ظاهرة التخلف بين المعتمرين خاصة بعد أدائهم لعمرة رمضان وإنتظارهم لأداء الحج من خلال مساعدة مابين المواطنين السعوديين أو المقيمين المصريين وأتفق الجانبين على ضرورة العمل والتصدى لهذه الظاهرة التى تسىء سواء للشركات السياحية المصرية أو المؤسسات والشركات السعودية وتتسبب فى توقيع عقوبات وأضرار مادية وإدارية تصل إلى حد وقفها عن ممارسة نشاطها . الشركات تستغيث وبالطبع سيكون «الخاسر الأكبر» من هذا القرار في مصر هي الشركات السياحية المصرية المنظمة لرحلات العمرة والتي استغاثت بالعاهل السعودي للتدخل لإنقاذها من الخسائر الضخمة الناجمة عن قرار تقليص أعداد المعتمرين في رمضان. كما كشف مستثمرون وعاملون في قطاع السياحة الدينية عن تكبد شركات السياحة الدينية بالدول العربية خسائر اقتصادية كبيرة تقدر بملايين الدولارات جراء صدور قرار وزارة الحج في خفض أعداد المعتمرين والتأشيرات لهذا العام ل500 ألف معتمر وتعميم القرار على كافة الوكلاء السعوديين لإشعاره بنظرائهم بدول العالم الإسلامي. وقال المستثمرون لصحيفة «اليوم» السعودية :"إن القرار تأثرت به شركات عديدة كون الشركات قد أنهت تعاقدتها مع ملاك فنادق الحرم المكي والمدني وشركات الطيران الأجنبية قبل صدور القرار ب60 يومًا لإنهاء سفر وإسكان ما يقارب 1.5 مليون معتمر والمسموح به بشكل سنوي ودفع ما يقارب 30 بالمائة من المستحقات المالية وإنهاء المستحقات المتبقية فور وصول المعتمرين". وأكد أحد المستثمرين في قطاع السياحة الدينية عبدالعزيز بركات أن أغلب الشركات السياحية تواصلت مع سفارات دولها للتوصل لآلية مناسبة تمكنهم من خفض وتقليل الخسائر الناجمة عن هذا القرار ومن المحتمل وصول وفود دبلوماسية من دول عربية إسلامية لوزارة الحج خلال الأيام المقبلة لمناقشة حيثيات القرار كون أغلب الشركات قد دفعت مستحقاتها لملاك الفنادق. وقال بركات: إن وزارة الحج وبشكل سنوي تفتح باب العمرة لما يقارب 1.5معتمر إلا أن الغرف التجارية السياحية بالدول العربية والإسلامية تفاجأت بوصول قرار وزارة الحج المتمثل في خفض المعتمرين لنحو 500 ألف معتمر على مستوى العالم خلال شهر رمضان القادم وهو موسم الذروة بالنسبة للعمرة بسبب توسعات الحرم المكى والتي لن تنتهي بحلول شهر رمضان وبالتالي لن يستوعب الحرم المكي كل الأعداد التي تأتي لتأدية مناسك العمرة في شهر رمضان والذي يصل عدد الزائرين نحو مليون ونصف معتمر. من جانبه قال إيهاب عبدالعال أمين صندوق غرفة شركات السياحة المصرية:"إن مشاكل كبيرة ستحدث بسبب قرار السلطات السعودية ، موضحا أن المشكلة الأولى هي أن "الكوتة" التي حددتها السعودية لمصر لن تزيد عن 100 ألف معتمر، في حين أن هناك نحو 250 ألفا حجزوا أماكنهم بالفعل في عمرة رمضان. وأضاف عبدالعال أن المشكلة الثانية تتمثل في استرداد قيمة التعاقدات التي دفعتها الشركات المصرية لشركات السياحة والطيران والفنادق السعودية، وكان على سلطات المملكة إبلاغ الشركات المصرية منذ 3 أشهر بعدم قدرتها على الانتهاء من التوسعات قبل إتمام عملية التعاقد والحجوزات، ولكن هناك جولة من المفاوضات مع المسئولين السعوديين ستجرى الأسبوع المقبل لحل هذه المشاكل. ولم تقتصر الخسارة على الشركات فقط فقد وصلت الخسائر للمواطن الذي ينتظر زيارة بيت الله الحرام على أحر من الجمر. فمن جهته، وصف باسل السيسي رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة، قرار السعودية بتخفيض أعداد المعتمرين خلال شهر رمضان ب"الكارثة" على المواطن المصري "المُحبط"، والذي يهرب من المشاكل الاقتصادية والسياسية إلى بيت الله الحرام؛ خصوصا خلال شهر رمضان لحضور ختمة القرآن بالأراضي المقدسة. درء المفاسد إلا أن هناك من يرى أن هذا القرار صائب ، حيث أكد أشرف شيحة عضو الجمعية العمومية لشركات السياحة بمصر، أن قرار السلطات السعودية خفض أعداد المعتمرين جاء لمنع حدوث تزاحم وتكدس وحالات الاختناق، فضلا عن احتمالية سقوط ضحايا، وهو ما يوافق الرأي الشرعي القائل بأن "درء المفاسد مُقدم على جلب المنافع". كما رأى البعض أن القرار السعودي بتخفيض أعداد المعتمرين في رمضان من حيث المبدأ موضع احترام لأن ساحة الحرم لا تحتمل الأعداد الكبيرة لكن الكارثة في توقيت هذا القرار المفاجئ، لأن الشركات متعاقدة على عمرة رمضان منذ ستة أشهر والجانب السعودي يعلم ذلك بل يطالب الشركات دائما بأن تحجز الفنادق وتذاكر الطيران من خلال الوكيل السعودي مبكرا، ثم تتعاقد مع المواطنين وهذا اتفاق سعودي مصري مع وزارة السياحة وتلتزم به الشركات. ومن جهتها، حذرت وزارة السياحة الشركات من الترويج لبرامج العمرة بأسعار متدنية لا تتناسب مع التكلفة الفعلية لهذه البرامج، في الوقت الذي لم تسجل فيه الشركات أي تعاقدات مع مؤسسات خدمات العمرة السعودية التي تتولي تنفيذ هذه الرحلات. ولعلاج آثار قرار السلطات السعودية بتخفيض أعداد المعتمرين والذي تتضرر منه شركات السياحة المصرية بصورة كبيرة ويسبب خسائر فادحة لها، يتوجه وزير السياحة المصري هشام زعزوع هذا الأسبوع إلي المملكة وعضوية قيادات وزارة السياحة وغرفة شركات السياحة، وقال إيهاب عبد العال أمين صندوق غرفة شركات السياحة أن مصر كانت من أكبر الدول الإسلامية التي لها نصيب من المعتمرين، وتحديدا فى شهر رمضان، لأن المعتمرين المصريين يتركزون في عمرة المولد النبوي وعمرة شهر رمضان بصورة خاصة . أزمة بالجزائر ولم تقتصر ردود الافعال على مصر فقط ، فقد سادت حالة من الغليان وسط المسجلين في عمرة شعبان ورمضان عبر 200 وكالة سياحية خاصة مكلفة بالعمرة في الجزائر، بسبب إجراءات المملكة العربية السعودية الجديدة التي تنص على تخفيض عدد المعتمرين خلال هذه الموسم. وقال نائب رئيس النقابة الوطنية لوكالات السياحة والأسفار بالجزائر مناصير الشريف في تصريح لجريدة ''الخبر'' الجزائرية :"إن الإجراء كان مفاجئا وقد أبلغنا من طرف متعاملينا في السعودية بأن الأمر يتعلق بكل الدول الإسلامية بالنظر إلى أشغال توسعة الحرم''. وأضاف المتحدث ''الوكالات تشهد منذ أمس طوابير للمعتمرين المسجلين الذين يستفسرون عن مصيرهم بعد شيوع الخبر''. واعتبر مناصير الشريف بأن ''الإشكال المطروح اليوم يتعلق بكوتة التأشيرات التي ستمنح لنا، فإذا كانت لا تتعدى 10 آلاف معتمر، فيعني ذلك أننا أمام أزمة حقيقية''. وتابع ''الأمر يتعلق أساسا بالحجوزات التي تمت فيما يخص شركات الطيران والفنادق''. ولم يخف المتحدث بأن نفس الكوطة يمكن لثلاث وكالات سياحية وحدها أن تنقل هذا العدد من المعتمرين. وكشف المتحدث عن إجراء تقرر أمس، وهو توقيف التسجيلات بالنسبة لعمرة شعبان ورمضان، لتفادي الكارثة في ظل ضبابية الملف وصمت السفارة السعودية والقنصل العام لتوضيح المسألة. ويفيد تعهد منح للوكلاء السعوديين ، بأن القرار تم ''بناء على ما تمت مناقشته مع المدير العام للإدارة العامة لخدمات المعتمرين بشأن تخفيض أعداد التأشيرات لشهر رجب وشعبان وتحديد أعداد المتبقين في رمضان في حدود 500 ألف معتمر فقط''. وبرر التعهد ذلك ''بالمشاريع التطويرية للحرم الشريف وتحديدا مشروع توسعة المطاف''. وبناء على ذلك ''تقرر الالتزام باستخدام تأشيرات شهر رجب لدخول المعتمرين خلال نفس الشهر وفي حالة وجود أعداد متبقية لم يتم دخولهم، يتم حسمها من تأشيرات شهر شعبان وبما يتوافق والطاقة الاستيعابية للمطاف''. وطالبت النقابة الوطنية لوكالات السياحة والأسفار بأن تكون الإجراءات في شفافية من أجل تفادي أي مشاكل قد تقع، خصوصا وأن أعداد الجزائريين الراغبين في العمرة يفوق ما تم تحديده أصلا. ولم تستبعد بعض الوكالات السياحية أن يؤدي إجراء السعودية إلى ''زيادة الأسعار بنحو 30 بالمائة لتصل عمرة رمضان إلى حدود 25 مليون سنتيم، بعد أن كانت تقدر ب15 مليون سنتيم''. توسعات تاريخية وتعد توسعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمسجد الحرام الجاري تنفيذها حاليا بتكلفة إجمالية تبلغ ثمانين مليار ريال أضخم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين وتأتي هذه التوسعة استكمالاً لما بدأه المؤسس الملك عبد العزيز وأبناؤه. ويهدف المشروع إلى تطوير الحرم المكي الشريف في مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية. ولضخامة المشروع وتنوع أبعاده جعل من الضروري تقسيمه إلى 3 أقسام القسم الأول ويهدف إلى توسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين، ويتوقع أن تصل إلى مليوني مصل في وقت واحد. أما القسم الثاني فيهدف إلى توسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم المكي التي تضم دورات مياه، وممرات وأنفاق. إضافة إلى مرافق أخرى مساندة. ومن شأن هذا القسم تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام. في حين يهدف القسم الثالث إلى تطوير منطقة الخدمات التي تعتبر إحدى أهم المرافق المساندة التي تشمل محطات التكييف، ومحطات الكهرباء، إضافة إلى محطات المياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم لمنطقة الحرم. وينطلق مشروع التوسعة الذي يعد الأكبر في تاريخ الحرمين الشريفين، من حدود الجهة الشمالية للمسجد الحرام وتضم أجزاءً من الأحياء القديمة المحاذية للحرم المكي الشريف من ذات الجهة مثل بعض الأجزاء من أحياء المدعى والشامية والقرارة، إضافة إلى المنطقة الممتدة من حي المدعى في الشمال الشرقي من المسجد الحرام إلى حي الشامية وحارة الباب في الجزء الشمالي الغربي من الحرم الشريف.