ثمة إجماع بين المعارضة المصرية، على أن الوضع بات يحتاج إلى انتخابات رئاسية مبكرة.. هذا المنحى استقى شرعيته بحسب المعارضة من أن الرئيس يفتقر إلى "رصانة" وخبرات رجل الدولة المسئول.. وهذا يعني في المقابل أن المعارضة تتحلى بمواصفات "رجال الدولة" البدلاء عن الرئيس ذي الخبرات "الغضة" في السلطة!. والحال أن أزمة الجنود السبعة قبل تحريرهم طرحت عشرات الأسئلة بشأن ما إذا كانت المعارضة فعلا تمثل قوى سياسية مسئولة، ومؤهلة لحكم بلد كبير ورث تركة ثقيلة من الأزمات الصعبة، بعد ستين عاما من التجريف المنظم لثرواته، وطبقاته الإنسانية الخصبة. ففي حين تحلت السلطة المتهمة بقلة الخبرة بالمسؤولية إزاء أزمة الرهائن العسكريين في سيناء، فإن المعارضة "المتأففة" من خبرات الأولى "الساذجة"، تصرفت بعقلية "المراهق المغامر" بدون أي إحساس بالمسؤولية الوطنية.ما حدث كان "طعنة" لكبرياء المؤسسة العسكرية المصرية، صحيح أن الرئاسة المحسوبة على الإخوان، من الطبيعي أن يصيبها حظ من "الإهانة".. غير أنها بالنسبة للأخيرة لا تتجاوز "الإهانة السياسية" التي قد تعوض في مواقف أخرى.. إلا أنها بالنسبة للجيش، كانت "إهانة عسكرية" لا تعوض إلا ب"استسلام" الخاطفين .. أو ب"فاتورة الدم"، فيما تعتبر الأخيرة هي الخيار الأقرب إلى "الانتحار المؤسسي"، والانحراف بالمؤسسة العسكرية، عن تاريخها الوطني، غير الملوث بدم المصريين. تغافلت المعارضة، عن دقة وخطورة الحدث، بوصفه "محنة وطنية" تقتضي، تعليق الصراع على السلطة، والاصطفاف خلف المؤسسة العسكرية، التي كانت أمام خيار يفوق في خطورته خيار الحرب مع الكيان الصهيوني.المعارضة، اختطفت "المحنة" وحاولت أن تحيلها إلى عظا غليظة، لإيلام الرئيس الذي لا يحبونه، واستخدمت خطابا تحريضيا، لانتزاع قرار سياسي، يورط الجيش في مغامرة الدم.. وفيما تعلم المعارضة جيدا، بأنها مهما جاءت بنتائج، فإنها ستكون بطعم الهزيمة الوطنية.. غير أنها جعلت بلغتها العدوانية إزاء المؤسستين الرئاسة والجيش هذه الهزيمة أحد أهم أهدافها، لتوظيفها فيما بعد في تصفية الرئيس سياسيا تمهيدا لعزله. المعارضة المصرية، مارست خلال أيام الاختطاف، أسوأ نموذج ل"العبثية السياسية" حين انتصرت لمصالحها ولأحلامها في السلطة، على حساب المثل الوطنية العليا، فيما ارتكبت خطأ استراتيجيا جسيما، حين استهدفت إضعاف المؤسسة العسكرية التي تراهن عليها في ردع ما تصفه ب"الأخونة" في الوقت الذي فقدت فيه القدرة على اختيار رهان مآلات مستقل الأزمة في سيناء، حال نجح الجيش في تحرير الرهائن بدون اللجوء إلى القوة.. وهو ما حدث فعلا وهو الانجاز الذي أضيف إلى رصيد الرئيس مرسي، بوصفه رجل دولة مسئول عن "الدم المصري".. وكان في الوقت ذاته خصما من رصيد المعارضة بوصفها "عصابة من المغامرين والانتهازيين السياسيين.