تباينت ردود أفعال القوى السياسية إزاء نجاح خطة تأمين الإفراج عن الجنود السبعة في سيناء، بالرغم من وجود قواسم مشتركة بينها بالترحيب بالعملية والدعوة لمواصلتها لاستئصال البؤر الإرهابية داخل سيناء، فإن نقطة الخلاف الرئيسة بدت مدى الإشادة بها. ففي الوقت الذي رحبت فيه القوى الإسلامية بالجهود المشتركة بين الرئاسة والمؤسسة الأمنية وشيوخ القبائل لمعالجة الأزمة دون إراقة دماء والحفاظ على هيبة الدولة، بوصفها نجاحًا للتعاون بين أجهزة الدولة، اقتصر تأييد القوى المعارضة على المؤسسة الأمنية دون ذكر للرئيس، في محاولة للتقليل من الدعم الذي يمكن أن تناله بعد تلك العملية. أضف لذلك أن ردود الفعل تلك أتت متسقة مع مواقف القوى الإسلامية التي كانت تدعو للخيار التفاوضي السلمي من أجل حل الأزمة، بينما كان هناك ارتباك بالمعارضة بسبب إصرارها على الخيار العسكري واتهام مؤسسة الرئاسة بالتقصير بهذا السياق. وكان رد فعل الجبهة السلفية واضحًا بهذا السياق، حيث ثّمن متحدثها الإعلامي الدكتور خالد سعيد على العملية بقوله: أنها كانت نتاج للتعاون المشترك بين أجهزة الدولة من ناحية ومساعي مشايخ القبائل وأبناءهم من الجبهة السلفية وحزب النور من ناحية أخرى، وأن نجاح العملية أعاد تأكيد وجهة نظر الجبهة التي كانت تصر على مبدأ التفاوض وعدم تعميق المظالم التي يشعر بها أهل سيناء، والأهم أنه لا يمس بهيبة الدولة أو المؤسسة العسكرية للحفاظ على دماء المصريين. واتفقت مع هذا التوجه جماعة الإخوان المسلمين، وأثنى بيانها على الجهود المشتركة التي بذلتها مؤسسات الدولة المختلفة، بالإضافة لشيوخ القبائل الذين أنهوا الأزمة دون عنف والحفاظ على أرواح الجنود ومصلحة مصر وأمنها القومي. فيما أكد الدكتور خالد حنفي القيادي بالجماعة وأمين حزب الحرية والعادلة بالقاهرة أن العملية كانت كاشفة عن حدوث تطور إيجابي في عقلية الإدارة الحاكمة للأزمات التي تواجهها مصر، وتؤكد الفروق الواضحة بين النظام السابق والحالي في التعامل مع ملف سيناء موضحًا أن النظام الحالي جاء بإرادة شعبية فلجأ إلى الدعم الشعبي كخيار أولي ممثلا بمؤسسة الأزهر والعشائر السيناوية وجعل الحل الأمني آخر الحلول، في حين كان النظام السابق يجعل الخيار الأمني هو المفضل ما أوجد غصصا في نفوسهم. كما أوضح حنفي أن التنسيق والتعاون بين المؤسسات الرسمية والشعبية أثبت أنه الأسلوب الأنجح في إدارة الأزمات، مشيرا إلى أن النظام السابق لم يكن يستطيع فعل ذلك بسبب عدم وجود الدعم الشعبي له، بخلاف الحالي مؤكدا أنه لولا الاصطفاف المجتمعي الذي تم خلال الأزمة ما نجح تحرير الرهائن. رؤية أكد عليها رئيس الحزب محمد سعد الكتاتني الذي قال: أن نجاح العملية يؤكد ثقتنا في الرئيس والمؤسسات الأمنية في إدارة الأزمة بعقلانية وتعاون مشترك. فيما انتقد نائب الرئيس الدكتور عصام العريان محاولة البعض الوقيعة بين مؤسسات الدولة واستدراج مصر لمعارك وهمية، واعتبر حل الأزمة بمثابة انتصار سياسي للرئيس محمد مرسي، حيث استطاع إنهاء الأزمة دون خسائر سواء بالجنود أو المختطفين أو أبناء سيناء، إلا أنه طالب باستمرار الحملة الأمنية حتى يتم تطهير سيناء من البؤر الإرهابية. وأكد الدكتور نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية: لابد من بسط النفوذ العسكري على كل شبر في سيناء، وأنه لا يمكن التهاون أو التفاوض مع مجرمين، ويجب أن تستمر عملية القوات المسلحة للقضاء على كافة البؤر الإجرامية في جبل الحلال. واتفق معه ياسر عبدالمنعم عضو الهيئة العليا بحزب الوطن الذي عقب على نجاح العملية بقوله: أن أرواحنا عادت إلينا . وقدم خالص الشكر لأهل سيناء الشرفاء ورجال القوات المسلحة وكل من ساهم بالحفاظ على دماء الجنود المختطفين حتى عادوا إلينا سالمين. إلا أنه طالب الرئاسة والمؤسسات الامنية بضرورة الرادع لمثل هذهالعمليات الإرهابية حتى لا تتكرر مرة أخرى، مشددا علي ضرورة التحرك السريع للقبض على الجناة خاصة بعد إطلاق سراح الجنود المختطفين وحفظ دماءهم فلم يعد هناك عائق للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة. ورؤية توافقت مع توجهات حزب الوسط، حيث أكد طارق الملط عضو المكتب السياسي وعضو مجلس الشورى، على حسابه الشخصي على " قيسبوك ": أنه لم تكتمل هذه الفرحة إلا بالقبض على الخاطفين، وتطهير سيناء من البؤر الإرهابية، لتستطيع الدولة من تنفيذ خطة تنمية تستعيد بها سيناء السياحة وفتح مجالات الاستثمارات المختلفة، لتعود بالخير على أهل سيناء، وشعب مصر بالكامل، إلا حزب النور اختلف معهم نسبيًا بوصفه أن التحدي اقتصادي في سيناء وليس أمني، حيث أشار الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب بعدما شكر كل من شارك بحل الأزمة إلى أنها بمثابة جرس إنذار على خطورة الوضع بسيناء، ما يستدعى التحرك السريع على كافة المستويات ووضع خطة شاملة لتطوير سيناء وإزالة كل الأسباب التي أدت لهذه الجريمة وغيرها. وجهة نظر أكد عليها أيضًا جلال مرة أمين الحزب عبر دعوته لإعادة النظر في سيناء من جميع النواحي الأمنية والتنموية والاجتماعية، وأضاف ولابد أن ننظر إلي سيناء بنظرة أخري فهي جزء عزيز وغالي علينا جميعا، هي وأبنائها فأبناء سيناء مخلصون ووطنيون علي أعلي المستويات. أما داخل تيار المعارضة، فإن مشاركتهم فرحتهم بحل الأزمة دون خسائر لم تمنعهم من إعادة تأكيد مواقفهم السابقة بما فيها الاعتماد على الخيار الأمني لإنهاء أزمة سيناء وتغلغل الجماعات المتطرفة داخلها. حيث أكد الدكتور عبد الله المغازى المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد أن جميع المصريين لاشك فرحوا بعودة الجنود لذويهم لكن يبقى الجرح عميقًا في كبرياء مصر وسيظل مشهد الجنود المختطفين بالفيديو الشهير بأذهاننا كمصريين ونتساءل: هل خضعت الدولة لشروط الخاطفين ومن هم الخاطفون، وهل الدولة ستنتهج بالمستقبل سبيل التفاوض مع المجرمين للإفراج عن أي مختطفين..؟ وأضاف المغازى بتصريحات خاصة " لبوابة الأهرام" أن المختطفين عادوا لأهلهم ولكن تبقى سيناء مختطفة وعلى الدولة أن تفرض هيبتها وألا تنتهج بالمستقبل سبيل التفاوض مع المجرمين لأن هذا يهين كرامة الدولة المصرية. واتفق معه جزئيًا عمرو علي أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية من كون المهمة لم تكتمل بعد ولآبد من محاسبة الخاطفين والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة وأن إغلاق معبر رفح ساهم بشكل ما في إطلاق سراح الجنود الذي اعتبرها عملية اثبت نجاح المؤسسة العسكرية، ما يصب في مصلحة الجيش المصري الذي لم تهتز ثقة الشعب به في ضمان سلامة المواطن. وفي الوقت الذي أشاد فيه مجدي حمدان القيادي بجبهة الإنقاذ وأمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة بإطلاق سراح الجنود مؤكدا أن عودة الجنود أمر لآبد منه، إلا أنه أعرب بنفس الوقت عن مخاوفه من احتمالية وجود اتفاق للإفراج عن معتقلين في صفقة مع الخاطفين مطالبا القوات المسلحة بالاضطلاع بدورها في هدم كافة الأوكار الإرهابية الموجود بسيناء. وفي القوت نفسه دعا حزب المصريين الأحرار لتوظيف نجاح العملية لاستكمال الخيار الأمني إزالة كل الجذور الإرهابية في سيناء، فهذا حسب توصيف شهاب وجيه المتحدث باسم الحزب حق مصر لن تعترض عليه أي قوى خارجية. نفي أن يكون العملية إضافة إيجابية للرئيس والإخوان، أنما يمكن القول أن ثقة الشعب بالجيش زادت، وطالب الرئيس بالكشف عن خطته لإعمار سيناء وإلا سوف يتشك الشعب في العملية حسب قوله. إلا أن رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر اختلف معه بتلك الرؤية، حيث وصف الأسلوب الذي اتبع لإطلاق سراح الجنود بالذكي والقائم علي الحشد العسكري المعلن وتم تناقله عبر وسائل الإعلام مما أوحي بقيام الجيش بعملية عسكرية كبري وتضييق الخناق علي المجرمين. وقال أن هذا الأسلوب دفع قبائل سيناء للدخول في مفاوضات مع الخاطفين لإطلاق سراج الجنود. ومن ناحية شدد شكر على ضرورة عدم مرور الحادث دون محاسبة المجرمين وقيام الجيش بتصفية البؤر الإجرامية في سيناء وتعديل اتفاقية كامب دافيد وإغلاق الأنفاق وإحكام السيطرة الأمنية علي سيناء، بالتزامن مع تنفيذ خطة تنموية حقيقية حتى يشعر السيناوي بأنه مواطن حقيقي. وأضاف أن المخابرات الحربية والعامة لديها معلومات حول المجرمين لذلك يجب اتخاذ إجراءات ضدهم وعدم التوقف عند إطلاق سراح الجنود. كما دعا في المقابل لإعادة محاكمة المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكام تحت ضغوط أو حرمان من حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم وأمام قاضي طبيعي إذا ثبت ذلك. كما قال د عصام أمين الأمين العام لحزب مصر الثورة أن المصريين ارتفعت أيديهم شكرا للسماء بعد خبر إطلاق سراح الجنود المختطفين دون إراقة نقطة دم واحدة ووجه الشكر لجهاز المخابرات الحربية التي قامت بعملية تحرير الرهائن تم عن طريق عملية مخابراتية نظيفة تمامًا. وطالب بكشف المتورطين بعملية خطف الجنود والمحرضين على ذلك للرأي العام، مضيفا أنه من حق الشعب أن يعرف الحقيقة متسائلا هل تم القبض على الخاطفين ومن هم ومن المحرض. إلا أن الإشادة بالعملية من جميع النواحي أتت من مصدرين عسكري ومدني، فمن جانبه أكد اللواء عادل سليمان الخبير بالشئون العسكرية ومدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية أن عملية إدارة الأزمة تمت بشكل محترف وانتهت بتحقيق الهدف بالإفراج عن الجنود وهناك إجراءات تقوم بها الأجهزة الأمنية للكشف عن المتورطين ومحاسبتهم علي هذه الجريمة. وقال أن دعوة الرئيس المواطنين بسيناء لتسليم السلاح يدل علي وجود رؤية أمنية مختلفة وأن الدولة تتولي حماية المواطنين بكل مناطق مصر وتأمينهم والحفاظ علي سلامتهم. وطالب بضرورة العمل علي تحقيق الأمن في سيناء وتنميتها وتغيير الأسلوب القديم الذي كان متبعا بالتعامل مع أهلها. واتفق معه في تلك الرؤية سياسيًا الدكتور عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الكرامة، بقوله على حسابه الشخصي على " تويتر": أن تعاون أجهزة الدولة في معاجلة الأزمة كان عظيم، والآن ينبغي استثمار النجاح للتعامل الشامل مع ملفات سيناء التي اهتزت بها سيادة الدولة والأمن القومي، وتراكمت بها المظالم وغابت عنها التنمية. الأمر الذي يظهر خطأ اختزال أدوات الدولة في معالجة قضايا سيناء في الأداة العسكرية الأمنية فقط، أن مواجهة الخلايا العنفية بنجاح ينبغي أن تجمع بين الضغط العسكري عليهم، مع أولوية الحفاظ على الأرواح، وتجفيف منابع العنف بحل مظالم أهل سيناء. وأخيرًا أن وإغلاق الأنفاق يتعين أن يرتبط بالعمل على رفع الحصار عن أهلنا في غزة وإطلاق جهود التنمية الجادة في سيناء لتحسين معيشة أهلها. فيما اعتبر محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح العملية بمثابة ترسيخ لهيبة الدولة التي تم التعدي عليها، تأكيد أن الجيش المصري قادر على حماية الوطن وأبنائه.