لم يجد الشباب السعودي الحرية التي نادى بها نظائرهم في دول الربيع العربي، إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها «تويتر»، فأصبح بمثابة ميدان التحرير بالقاهرة أو ساحة التغيير باليمن، أو ساحة من الساحات التي هتف فيها الشباب للمطالبة بالحرية والعدالة الإجتماعية. نتيجة لذلك يثير تزايد أعداد السعوديين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قلق السلطات الرسمية السعودية، وتحفل هذه المواقع بانتقادات كثيرة حادة للأوضاع العامة في المملكة. ولما تتمتع به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بنفوذ كبير في السعودية تسعى سلطاتها للحيلولة دون امتداد الانتفاضات الشعبية العربية ، والتي تعرف بالربيع العربي، إلى المملكة. سبورة «تويتر» وفي واحد من المساعي المبذولة لنهي الشباب السعودي وزجرهم عن استخدام هذا الموقع وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل صار يقلق راحة السلطات الدينية والسياسية في المملكة ، انتقد عبد اللطيف آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع تويتر؛ واعتبر الشيخ أن الذي "يجعل تويتر دليلا له، خسر الدنيا والآخرة"، وقال إن تويتر "أصبح سبورة من لا سبورة له". وجاءت انتقادات رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تصريحات لوسائل الإعلام الاثنين بعد تدشين أمير منطقة الرياض ما أطلق عليه "دورات تفعيل دور عضو الهيئة في تعزيز الأمن الفكري". وعبر رجل الدين السعودي البارز عن اعتقاده بأن "هناك فئات تسعى إلى إيجاد الإحباط في نفوس الناشئة والتأثير في الأفراد البسطاء". وقال آل الشيخ إن "الغرض من الهجوم على البلاد "على مواقع التواصل الاجتماعي"، هو إيجاد الاضطرابات الموجودة في الدول المجاورة والتي يحدث بها الآن إزهاق للأنفس وانتهاك للأعراض وتدمير للأملاك وتشتيت للأسر". عصا التعامل ويرى محللون سعوديون إن السلطات في بلادهم تعمل بالاشتراك مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعرف أيضا بالشرطة الدينية، على محاولة مسك عصا التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي من وسطها. وأضافوا: فهي تحارب استخدامها لأن تصبح أداة لنشر الأفكار المتشددة والتي تجد رواجا كبيرا بين فئات عديدة من المجتمع السعودي الرافضة لأي توجه تشم منه رائحة انفتاح ولو نسبي في بعض القضايا الاجتماعية التي لازال من المحرمات، منها ما يتعلق أساسا بحرية المرأة، المشكل الذي ما يزال يستعصي على الحل إلى حد الساعة. وفي جرأة نادرة، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي السعودية، مؤخرا خبرا عن «تورط أمير» في قضية فتاة عثر عليها مؤخرا ملقاة في أحد الشوارع الواقعة في حي السامر شرق محافظة جدة، ما دفع الأمير بنفي صحة الخبر إلى التهديد بمقاضاة كل من زج اسمه وأساء له واتهمه فيها. ووجه آل الشيخ الأسبوع الماضي، انتقادات لاذعة لفئة لم يسمها، متهما إياها بانها "تريد أن يبقى جهاز الهيئة يدا باطشة ومتسلطة على منهج أبي لهب أو جهيمان". مشيرا إلى أن الملك السعودي عبد الله أوصاه بأن يحافظ موظفو الهيئة على "ثوابت الإسلام، وأن يلتزموا بحقوق المواطنين، وأن يكونوا مثالا في حسن التعامل". وفي يناير عين الملك عبد الله بن عبد العزيز الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ؛ رئيسا عاما لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برتبة وزير، خلفا الشيخ عبد العزيز الحميّن. وقيل في ذلك الوقت، إن إعفاء الحميّن جاء بعد تكاثر شكاوى عدد كبير من السعوديين من تشدد الهيئة، في استعمال سلطاتها في المجتمع ما ضيق على حريات مضيق عليها أصلا. تحريم وإباحة وعلى جانب أخر، كان مغردون سعوديون أطلقوا على موقع «تويتر»، مراجعة لفتاوى التحريم التي صدرت خلال أكثر من خمسين عاما وتراجع عنها أصحابها، مثل تحريم التلفزيون وتعليم البنات، وهواتف الكاميرا وغيرها. اعتمد المغردون وفقا لموقع «العربية نت» على ما كان حراما، وصار حلالا، مراجعة شاملة أطلقها السعوديون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، استذكروا فيها الكثير من فتاوى التحريم تجاه معظم المستجدات في المجتمع السعودي. المغرِّدون ركزوا على السياق الذي رفض من خلاله بعض مشايخ الدين كل جديد، منذ قضية تعليم البنات قبل أكثر من نصف قرن، وليس انتهاء بأحدث ما أنتجته التقنية من أجهزة، قبل أن يتحول هذا الرفض ممن أطلقوا فتاوى التحريم إلى إقبال كبير منهم على ذات الأمر الذي أعلنوا تحريمه. وقبل أن تبدأ التقنية في دخول أروقة المجتمع السعودي، لم تسلم حتى بعض وسائل التنقل البسيطة من عدوى التحريم، الدراجة مثلا صدرت فتوى بتحريمها في يوم من الأيام، لارتباطها باللهو الذي يشغل الناس عن العبادات من وجهة نظر صاحب الفتوى، قبل أن يتطور الأمر ويسمح بقيادة الدراجة، ولكن بعد إصدار رخصة لصاحبها بعد أن يقدم شهادة تزكية من إمام مسجد الحي. أما ما اصطلح بعض المغردين على تسميته بالفتاوى "التقنية" فشملت معظم ما أنجزه العقل البشري من اختراعات، ففي البدء كان التحريم لجهاز إرسال البرقيات، ثم الراديو، فالتلفزيون، مرورا بأجهزة الفيديو، وصحون الاستقبال الفضائية، وليس انتهاءً بالهواتف المزودة بكاميرا، والتي منعت من دخول البلاد في بداياتها، قبل أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الذين حرَّموها قبل الآخرين. جدل تويتي ويركز الشباب السعودي كل فترة على موضوع معين يتم تناوله على «تويتر» ففي الوقت الحالي أثار موضوع حضور النساء للمباريات بالسعودية جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة. ونقلت «سي أن أن» عن أم بلال قولها بتغريدة: "سبحان الله انتهت كل المشاكل وحلت ولم يبقى إلا حضور النساء للمباريات لا أتفاءل بمستقبل بلدي مع هذا التغريب، وعلقت جود المميمان بقولها: "أقول بس، لا نريد، ناقصين وحدة تجي لنا بعباية مخطط ابيض وازرق ومكتوب عليها «زعيم والله العظيم» بالمزخرف". على الجانب الأخر قالت سنيوريتا: "أنا أؤيد الحضور إذا كانت تلتزم بحجابها الشرعي وما ترفع صوتها ويكون لهم مقاعد مخصصة للعوائل،" لتؤيدها غزيل الريم بقولها: "كل شيء بالتنظيم الصحيح والطريقة الصحيحة ممكن، لكن إذا للحين ما نظموا الشباب فقط، وش يعملون بعدين؟". ونحو هذا الصدد كان أفتى الدكتور على الحكمي عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، أن احتراف اللاعبين الصغار الذين هم أقل من ال 18 عاماً في أوروبا، حرام شرعاً. وأوضح الحكمي في تصريحات لصحيفة «الوطن» السعودية أن احتراف اللاعبين الصغار في أوروبا أمر «غير جائز» لعدة أسباب، أهمها أن هؤلاء اللاعبين يعدون في عرف القانون الدولي أطفالاً، وإرسالهم إلى بلدان لا تعرف طبيعة أوضاعهم الاجتماعية يجعلهم قابلين للتأثر بالبيئات الجديدة على مستوى الفكر والعقيدة والسلوك والخلق، وهذا ما يجعل من احترافهم فيها غير جائز شرعاً.