أكاد لا أصدق ما أشاهده في هذه الأيام الحزينة على ضوء العدوان الاسرائيلي الوقح والخسيس على سوريا .... وأذكر الخارجين على الشعور الشعبي العام بأن سوريا هي جزء أصيل وعزيز من الوطن العربي ، الذي حوله زرع الكيان الصهيوني على أرضه إلى الشرق الأوسط ! والذي تبارت القيادات الأمريكية والاسرائيلية في السنوات الأخيرة بتعديله إلى " الشرق الأوسط الكبير ! . وفي هذا الشرق الأوسط الكبير لا حساب لأية قوة عربية أو إقليمية سوى اسرائيل حيث تسير الأمور كلها في هذا الاتجاه البائس كما أعلن خطته العامة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر : إن أكبر ضمان لبقاء اسرائيل في المنطقة العربية هو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية ! ليس هناك أوضح من هذه الكلمات والتي تلاها مباشرة تنفيذ المخطط ..والسؤال المؤلم والموجع ...كيف تضرب اسرائيل دمشق المحفورة في الوجدان العربي ، وكافة الحكام العرب ، الذين لم " يجاهدوا " مع الشقيقة اسرائيل ، بتسليح المعارضة ، معتصمون بصمت مشين ، وفي حالات الجسارة ...ينددون ..أو يشجبون أو يتمادون في الشجاعة ، فيدينون ..وبعض هؤلاء يطالبنا بالتوقيع على اعتراف بأنه سيد النضال والشرف والأمانة والوطنية . لسوريا مكانة خاصة في قلب العرب عموما والمصريين بشكل خاص ولن ننسى هنا ما فعلته دمشق إبان العدوان الثلاثي على مصر وكيف كانت هزيمة معنوية لأطراف العدوان عندما أطلقت الاذاعة السورية صيحتها ، هنا صوت العرب ، بعد قصفهم للإذاعة المصرية !وكيف ينسى أي عربي حر خوض الجيش السوري ومعه شعب سوريا في حرب 73 لمعارك ضارية انطلاقا من مفهوم الوطن العربي الواحد ، هذا المفهوم هو المقصود ومنذ العدوان الثلاثي على مصر عام 56 ، إذ أنه بعد خطاب جمال عبد الناصر من فوق منبر الازهر الشريف ، رافضا الاستسلام ومعلنا : اننا سنقاتل ، فجرت الجماهير العربية أنابيب النفط من المحيط إلى الخليج ، عدوان 67 كان انطلاقا من هذه اللحظة وإجهاض نتائج حرب 73 يندرج أيضاً في نفس الإطار تمهيدا إلى زمن أغبر تضرب فيه اسرائيل سوريا وأطراف تتحدث بلغة الضاد ، حكام ومحكومين ، يعلنون الشماتة في الأسد ويصفقون مهللين لاسرائيل !! . ان عدوان اسرائيل على سوريا ، الارض والوطن وليس على من يحكمها هو عدوان على مصر كل مواطن عربي فنحن لم نر "ثورة" في سوريا وأكبر دليل هو أن تدفق السلاح والأموال على أمراء الطوائف لم ينجح على مدى أكثر من عامين على اقتلاع نظام الحكم ... والأنكى ان السوريين وهم صورة مصغرة أو بروفة لما يراد لكل الدول العربية ، يقتتلون فيما بينهم على قاعدة طائفية وعرقية ! فقد اكتشفنا في الألفية الثالثة إننا مختلفون في العقائد وفي المذاهب وفي الأعراق ! . وأزعم أن خريطة كيسنجر ، تنفذ الأن بواسطة أدوات داخلية وتحت شعارات براقة ...لكنه في النهاية ...لايصح إلا الصحيح وسوف يثبت التاريخ أن عدوان اسرائيل على سوريا هو عدوان على مصر وعلى الأمة العربية وان هذه الأمة سوف تحاسب الخونة والغافلين حسابا عسيرا ..ومثال على التضليل الوقح ان يكتب البعض معربين عن دهشتهم لأن الأسد لم يطلق رصاصة واحدة على الجولان ، بينما الدولة الصهيونية تواصل انتهاك الحرم القدسي الشريف تحت سمع وبصر من جأرت حناجرهم منذ شهور ..على القدس رايحين شهداء بالملايين وإذ بهم ينقلون ساحة الجهاد إلى مالي ..أما القدس والأرض العربية فقد قالوا لها بوضوح وأنا ...مالي !!