يحتفل العمال بعيدهم في أول مايو من كل عام ، يخرج عمال العالم في توقيت واحد في بلادهم المختلفة يرفعون أعلامهم وشعاراتهم ، ويبحثون عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ، يبحثون عن العدالة الاجتماعية. وفي أول مايو هذا العام (2013) خرج عمال مصر في مسيرات شعبية بالقاهرة والإسكندرية والمحلة الكبرى وعدد من المدن العمالية الأخرى ، خرجوا رافعين لشعارات رئيسية ثلاثة ، تلخص مطالبهم ومطالب الفئات الشعبية الكادحة في مصر. كانت الشعارات الثلاثة هي: "عايزين نشتغل .. عايزين أجر عادل .. عايزين حرية نقابية "وتلخص هذه الشعارات المطلبية العمالية حقيقة الأوضاع التي يعاني منها أفراد وفئات الشعب المصري من الطبقات الكادحة ، من طبقات الناس اللي تحت ، عايزين نشتغل تنطق بلسان عدة ملايين من الشباب العاطل عن العمل لأنه لا يجد أمامه فرص عمل كافية ، هذه الملايين التي تتعدى رقم ثلاثة ملايين في التعدادات الرسمية – وتتخطى هذا الرقم بكثير في الحسابات والبحوث والدراسات غير الرسمية – ممن وصلوا إلى سن العمل ، وأكثر من ثلثيهم ممن حصلوا على شهادات جامعية نوعية ومتخصصة ، وبعضهم ممن حصل على شهادات الماجستير والدكتوراه ، عايزين نشتغل تعبر عن صرخة المظلومين ممن لا يعملون ، ولا يستطيعون بالتالي الزواج وتكوين أسر جديدة ، ويتسبب وضعهم في مضاعفة عبء الإنفاق على رب الأسرة المصرية الذي يعمل ويضطر للإنفاق على أبنائه في الدراسة وأبنائه ممن تخرجوا وحصلوا على الشهادات لكنهم لم يتمكنوا أو يمكنوا من الحصول على فرصة عمل. لكن المشكلة ليست مشكلة العاطلين الباحثين عن عمل كريم يتوافق مع قدراتهم ومهاراتهم وتخصصاتهم العلمية فقط ، بل هي مشكلة العاملين بأجر أيضاً ، فليس كل من يعمل يحصل على أجر عادل ، ولذلك رفع عمال مصر شعارهم الثاني : عايزين أجر عادل . وهو شعار يعبر عن صرخة العمال وكل العاملين بأجر ضد غياب العدالة والتوازن في توزيع الأجور ، فالحصول على أجر عادل لا يعني فقط زيادة الأجور ، بل ربط ما يحصل عليه العامل من اجر شهري بمستوى الأسعار السائدة في سوق السلع ، ولذلك يربط خبراء التنمية البشرية بين ما يحصل عليه العامل من أجر والقدرة على تلبية حاجاته وأسرته من احتياجاته المعيشية ، كالغذاء والكساء والسكن ومصروفات العلاج وتعليم الأولاد بشكل أساسي ، لكن عدالة الأجر لا تقف عند حدود القدرة على تلبية النفقات اليومية فقط ، بل تتعداه إلى عدالة الأجور في العلاقة بين كل من الحد الأدنى والأعلى للأجور ، إذ لا يجوز أن يحصل مواطن من فئة الناس اللي تحت على مائة جنيه فقط بينما يحصل مثيله من فئة الناس اللي فوق على مائة ألف جنيه ومثلها بدلات ومكافئات وحوافز ومصاريف سرية ، عايزين أجر عادل شعار كبير وعميق ويطول شرحه . أما شعار عايزين حرية نقابية فهو صرخة العمال من أجل حصولهم على حق التعبير والتنظيم النقابي ، على حقهم في الاحتجاج السلمي عن طريق الإضراب والاعتصام ورفع المطالب العمالية دون أن يتعرضوا للحبس والاعتقال ، وحقهم في أن يكونوا تنظيماتهم النقابية المستقلة التي تعبر عن مصالحهم وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية . إن هذه الشعارات العمالية الثلاثة التي رفعها عمال مصر في عيد العمال لعام 2013 تعبر عن الوعي العمالي النقابي والسياسي بقضايا العدل الاجتماعي ، وإعلان جديد عن قوة العمال وقدراتها النضالية واستمرارها في الدفاع عن المظلومين . عايزين نشتغل .. عايزين أجر عادل .. عايزين حرية نقابية ، ثلاثة شعارات عمالية تتبناها كل الأسر المصرية الشعبية الكادحة ، وتطالب بها ، ولا يضيع حق وراءه مطالب . *مهندس ، عضو نقابة المهندسين وقيادى فى حزب التجمع ، مسئول التثقيف