هند الفلافلي.. فنانة شابة ظهرت منذ عدة سنوات عقب تخرجها في كلية الفنون الجميلة عام 2001 بأسلوبها المميز الذي يعرفه المتلقي فور تقع عينه على سطح اللوحة؛ فعلى الرغم من اتجاه أغلب فناني جيلها إلى الاتجاهات الحديثة في الفن إلا أنها تتمسك بالواقعية في أعمالها وتمسكها بإظهار جماليات الجسد الإنساني الذي ترسمه بحرفية شديدة وبرؤيتها الخاصة. اعتبر الضوء سمة أساسية في أعمالها والتي برعت في إسقاطه على أماكن معينة في لوحاتها أبرزت جماليات عملها وإظهار قدرتها على إتقان الرسم. في معرضها الأخير الذي أقيم الشهر الماضي في قاعة "سفر خان" بعنوان "صمت الأوتار" تناولت الأشخاص هذه المرة بأسلوب مختلف وبمفهوم أكثر نضجا، فهي تركز على أوضاع معينة للجسد الإنساني، وترسمه من زوايا خاصة. تقول الفنانة في تجربتها عن المرأة: "كانت المرأة ومازالت لغز يحير المجتمعات في عالمنا الشرقي والإسلامي, ولكني أراها من وجهة نظر شخصية بأنها أكثر من نصف المجتمع، فهي "المجتمع كله إلا ربع" فهي منبع كل شيء جميل في هذه الحياة. فمازلتُ أجسدها في أعمالي استشهاداً بمقولة رسول الله محمد علية الصلاة والسلام "رفقا بالقوارير"؛ حيث شبهها بالقارورة المصنوعة من الزجاج الرقيق الشفاف، وهكذا أصورها في أعمالي كالزجاجة الشفافة التي تذوب في خلفية العمل تارة، وتارة أخري تظهر هي ويختفي ويذوب كل ما حولها حتى ملابسها في خلفية العمل. كما أنني أردت أن أعبر عن مشاعرها وأحاسيسها الرقيقة التي لا مثيل لها في الوجود، فلقد وجدت في المرأة مفردة تشكيلية ولغة بصرية تستحق التأمل والدراسة والتعبير عنها؛ لأنها تحمل مشاعر أعظم من كونها كائن جميل الشكل، كما أن مضمونها أعظم بكثير من مظهرها". وأضافت الفلافلي بأن لغة الجسد احتلت الصدارة في أعمالها كي تكشف عن عوالم المرأة الداخلية، وما يدور بخواطرها بمنتهي الدقة والسهولة في الاتصال بين شخصيات أعمالها والمتلقي؛ فكل تعبير أو حركة تصدرها المرأة في لوحاتها تعني كلمة أو مجموعة كلمات يصل إليها المتلقي بسهولة ويسر، وبما أن لغة الجسد هي اقصر جملة مفيدة ممكن من خلالها إرسال رسائل عديدة فهي تحمل حركات وتعبيرات وإيماءات من خلال تعبير الوجه وحركة اليدين والقدمين. مستشهدة بدراسات أمريكية عن لغة الجسد تبين أن من 50 إلي 80 % من المعلومات تنتقل عن طريق لغة الجسد والمرأة أكثر الكائنات استخداماً لهذه اللغة, فمما لا شك فيه أنها تستطيع التعبير عن مشاعرها الرقيقة بهذه الطريقة؛ ولذلك قامت الفنانة بتسجيلها في لوحاتها كي تلخص جمل وكلمات غير مقروءة. أما عن أسلوبها الفني فقالت الفنانة أنها اعتمُدت في لوحاتها الأولى علي سرد الحياة البسيطة للطبقة الكادحة، وإظهار معاناتهم اليومية التي تخفي بداخلهم آمالهم المكبوتة، والتي أرادت أن تعبر عنها في مجتمعنا الشرق أوسطي، وفي البداية استطاعت أن تعبر عن حالات جماعية أو فردية من المجتمع المصري الذي تنتمي إليه، والذي يشمل رسم وتصوير أشخاص ومناظر من الطبيعة والتي تستوحي روح الإنسان، ودلائل وجوده في المكان مستخدمة القلم الرصاص أو الأحبار أو ألوان الباستيل الزيتي، بأسلوب واقعي. وقد تطور التكوين في أعمالها من التكوين الكلي الذي يعتمد علي مجموعة من مفردات، إلي تكوين أقل بساطة وأكثر تأثيرا لدراسة حالات فردية لأشخاص يعيشون في مجتمعها، وعلاقاتهم الشخصية والاجتماعية، وخاصة المرأة التي شكلت عنصراً أساسياً في أعمالها؛ حيث تظهر البطل في تكويناتها الفنية، التي بالفعل تعكس واقع الحياة لديها، ولكون المرأة كائن يتمتع بصفات الجمال والرقة والأنوثة كما ما قالت الفلافلي؛ فقد رأت فيها مادة خصبه للدراسة وتناولها بالرسم في مواقف شتى ومتعددة، باختلاف تعبيراتها وحركاتها كي تمثل واقع الحياة المتغير والمستمر عن طريق لغة الجسد، التي تشكل عنصر أساسي في أعمالها وآثارها علي الموقف الانفعالي، مؤكدة علي ذالك بالتقنية الفريدة التي استخدمتها وهي الرسم بأقلام الرصاص علي القماش مع استخدام الألوان الأكريليك والرسم علي اللون مرة أخري لاندماج الخامتين المتنافرتين معاً بأسلوب واقعي رمزي، متأثرة بالمدرسة المستقبلية في تعدد حركات شخصية العمل لتصنع حركة بسيطة حالمة. وعن استخدامها للأقلام الرصاص أكدت الفنانة أن السبب في ذلك بساطة تلك الخامة التي تعتبر جزءا من بساطة المجتمع الذي تعبر عنه في تجسيد الحالة الشعورية والتعبيرية والانفعالية بهذا الكم من التراكمات الهائلة من خطوط القلم الرصاص، ومن جهة أخري لتعبر عن هذا الكم الهائل من كثافة العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا الشرقي، وإدماجه مع اللون كعنصر جذب وتشويق, بالإضافة إلى دلالته الرمزية الفسيولوجية في معنى العمل الفني، فلكل لون داخل كل عمل دلالاته ومعانيه التي أرادت الفنانة إظهارها للمتلقي. وقد أصبحت رمزية اللون في أعمالها الفنية تؤكد دائما علي الموقف التعبيري والحالة الشعورية للأشخاص والذي يؤثر بشكل كبير علي الحالة الشعورية للمشاهد. كما شكلت لغة الجسد في أسلوبها الفني كما قالت نقطة محورية بين ما تريد أن تعبر عنه, وما تريد أن تقدمه للمتلقي من خلال حركات وتعبيرات الأشخاص في أعمالها الفنية.